fbpx
الشرق الأوسطتقديرات

مسارات الموقف الأمريكي من الملف النووي الإيراني

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

يعد الملف النووي الإيراني من أكثر الموضوعات جدلية على الساحة الدولية، بحيث تصر إيران على سلمية برنامجها في ظل التزاماتها الموسومة في الاتفاق النووي، في حين تصر الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا في ظل الإدارة الحالية على أنه مقدمة لتسلح نووي، وفي خضم هذه الجدلية، ولأهمية المنطقة من الناحية الجيوسياسية والجيوستراتيجية فإن ذلك يترك انعكاسات وتداعيات تلقي بظلالها على أمن منطقة الشرق الأوسط.

وتتطور الأحداث المتعلقة بملف إيران النووي يوماً بعد يوم وبوتيرة سريعة، وبالأخص بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية في مايو 2018 من الاتفاق النووي، هذا الانسحاب الذي كانت له تداعيات أدت إلى تقويض الاتفاق نتيجة فرض الإدارة الأمريكية لعقوبات متوالية ومتصاعدة الشدة على إيران. وتشغل هذه العقوبات الرأي العام العالمي في ظل تضاؤل فرص صمود الاتفاق النووي. ولمزيد من التوضيح حول الموضوع ارتأينا تقسيم الموضوع إلى ثلاثة محاور وهي كالتالي:

أولا: تطور الموقف الأمريكي من البرنامج النووي الإيراني

كشفت أزمة البرنامج النووي الإيراني منذ بدايتها عن مدى الازدواجية الواضحة في تعاطي الولايات المتحدة الأمريكية مع ملف انتشار الأسلحة النووية حول العالم وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط. ولذلك تبنت موقفا رافضا للبرنامج النووي الإيراني وقد مثل هذا امتدادا لموقفها المعادي الذي تبنته تجاه إيران منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، ويقوم الموقف الأمريكي على أن البرنامج النووي الإيراني يتبنى أهدافا عسكرية ويهدف إلى إنتاج الأسلحة النووية ويعتبر هذا الأمر المشكلة الأكبر في المجال النووي على الساحة الدولية.

وقد شهد النزاع بين الولايات المتحدة وإيران قدرا عاليا من التوتر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حينما صنف الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش إيران بأنها إحدى دول محور الشر، جنبا إلى جنب مع العراق وكوريا الشمالية، لكونها تسعى لامتلاك أسلحة الدمار الشامل. وفي إطار ذلك رفضت إدارة بوش الابن أي حوار مباشر مع إيران ونهجت استراتيجية سعت من خلالها للحصول على أكبر قدر ممكن من الدعم الدولي من خلال تكثيف دبلوماسية المنع من أجل احتواء طموحات إيران النووية. بحيث بذلت جهودا من أجل إحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن.

أما في عهد باراك أوباما فقد نهجت إدارته سياسة الشد والجذب التي تتأرجح بين الشدة تارة والسلاسة تارة أخرى في تعاملها مع ملف إيران النووي. فمن ناحية قامت بتطوير التوافق الدولي من أجل تصعيد العقوبات الدولية بحق إيران، لكن في الوقت ذاته أكد أوباما على أحقية إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية تحت بنود معاهدة عدم الانتشار النووي.

وقد أخذت وتيرة التقارب بين واشنطن وطهران تتطور بسرعة كبيرة في ظل ولاية أوباما الثانية وذلك نتيجة تبني إدارته استراتيجية جديدة تجاه إيران، من خلال إمكانية فتح جانب التفاوض المباشر معها في مقابل تحسين الأوضاع الأمنية في المنطقة بمساعدتها.

وفي ظل ذلك، شهدت مرحلة ما قبل التوقيع على الاتفاق النهائي شدا وجذبا في المفاوضات النووية ما بين إيران والدول الغربية (5+1) خصوصا مع الطرف الأمريكي، حيث أن القضية ظلت مرتبطة بتعقيدات البيئتين الإقليمية والدولية، وخاصة التطورات الإقليمية التي عرفتها بعض أزمات منطقة الشرق الأوسط، وفي بؤرتها الحرب على “داعش” من جانب وتطورات السياسة الأمريكية من جانب آخر.

ورغم كل التحديات التي واجهت مفاوضات ما قبل الاتفاق النهائي حول مجموعة من القضايا، فقد تم التوقيع الفعلي في 14 يوليو 2015، وقد مثل هذا الاتفاق النووي والذي لعبت الولايات المتحدة الأمريكية الدور الرئيسي في الوصول إليه، خطوة متقدمة في عملية إعادة هيكلة السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

وينص الاتفاق في مبدأه العام على رفع العقوبات الدولية عن إيران مقابل تخليها عن الجوانب العسكرية لبرنامجها النووي. ففي حين رحبت غالبية الأطراف الدولية بالاتفاق، تحفظت أطراف أخرى، بينما إسرائيل التي تعتبر من أبرز معارضي الاتفاق وصفته على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالخطأ التاريخي للأطراف الموقعة على الاتفاق وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي خضم ذلك، ألغت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة العقوبات المتصلة بالبرنامج النووي التي كانت فرضتها على إيران وذلك غداة دخول الاتفاق حيز التنفيذ في يناير 2016. وعلى إثر ذلك، تم الإفراج عن أموال إيران المجمدة، كما سمح لها الاتفاق النووي بفتح أبوابها للاستثمارات الخارجية والمبادلات التجارية.

ومن مجمل ذلك فقد حققت إيران مكاسب سياسية واقتصادية وذات أبعاد استراتيجية بعد توقيع هذا الاتفاق، خصوصا أن الاتفاق تجاوز المسائل النووية إلى تسويات سياسية وأمنية.

ثانيا: أزمة الاتفاق النووي الإيراني في ظل العقوبات الأمريكية

تغيرت الأوضاع وأصبح الاتفاق النووي على المحك بعد مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم، بحيث أبدى رأيا مناقضا تماما لرؤية إدارة أوباما حول تسوية الملف النووي الإيراني من خلال وصفه الاتفاق على أنه فظيع وكارثي.

وقد مارست إدارة ترامب عددا من الإجراءات العقابية ضد إيران حتى قبل الانسحاب من الاتفاق النووي، ومنها مثلا توقيع عقوبات على الإدارة الإيرانية والحجز على عقارات مملوكة للحكومة. وذلك على خلفية برنامجها الصاروخي الباليستي وسياستها في المنطقة والتي اعتبرتها إدارة ترامب تهديدا للأمن الإقليمي والعالمي.

وقد أعلن الرئيس الأمريكي في شهر مايو 2018 انسحاب بلاده الفعلي من الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران والسداسية الدولية (مجموعة 5+1) ، وصولا إلى فرض العقوبات الاقتصادية عليها وكان أبرزها في شقها الأول بتاريخ أغسطس 2018 وشقها الثاني في نوفمبر 2018، ثم عقوبات متعاقبة ابتداء من أبريل 2019، وذلك رغم معارضة حلفاء الولايات المتحدة من الأوروبيين والعديد من مسؤولي الإدارة الأمريكية، ونواب الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

  • عقوبات المرحلة الأولى: فرضتها الإدارة الأمريكية بتاريخ 7 أغسطس 2018، وشملت العقوبات صادرات النفط والشحن والمصارف المالية وحظر التعاملات التجارية وتبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية. وكل القطاعات الأساسية في الاقتصاد الإيراني بالإضافة إلى حظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.
  • عقوبات المرحلة الثانية: طبقت هذه العقوبات بتاريخ نوفمبر 2018، وتمركزت تفاصيلها حول فرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط، وضد الشركات، التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن. أضف إلى ذلك فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.
  • عقوبات أخرى: ما بين أبريل إلى يوليو 2019 صعدت الإدارة الأمريكية من نهج عقوباتها على إيران، بحيث أوقفت تمديد الإعفاءات من عقوبات النفط التي منحتها لثماني دول باستيراد النفط الإيراني، كما هددت في إطار ذلك بعقوبات على الدول التي تخرق الحظر.

وتصاعدت حدة العقوبات حينما وضعت إدارة ترامب الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس على لائحة التنظيمات الإرهابية. ما دفع إيران الرد بالمثل من خلال إعلانها الجيش الأميركي منظمة إرهابية. هذه الحدة لم تقف عند هذه الحدود إذ استهدفت العقوبات مسؤولين بارزين في إيران على رأسهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وعلماء نوويون بل وصلت إلى حد إدخال دبلوماسي إيران الأول محمد جواد ظريف على قائمة العقوبات. واعتبرت حزمة العقوبات التي طالت رؤوس النظام الإيراني الأشد منذ بدء العقوبات في أغسطس 2018.

وقد تجلت الدوافع الأمريكية تجاه فرض المزيد من العقوبات على إيران كرد فعل نتيجة توالي الهجمات على ناقلات النفط في الخليج، موجهة بذلك الاتهام إلى طهران بأنها هي المسؤولة على هذه الهجمات مع نفي الأخيرة لكل هذه الادعاءات.

كما تصاعد التوتر الأمريكي الإيراني عقب إسقاط إيران طائرة أمريكية من دون طيار، وقد أكدت إيران في معرض ذلك بأن الطائرة دخلت إلى المجال الجوي الإيراني، إلا أن الولايات المتحدة نفت ذلك بحيث قالت إن الطائرة كانت تحلق فوق المياه الدولية. وكرد فعل على تصاعد موجة العقوبات الأمريكية أعلنت إيران أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم وتتجاوز الحد المتفق عليه في اتفاق فيينا النووي والمحدد في 3.67%.

وفي خضم ذلك، فقد أكدت إيران رفضها الدائم لهذه العقوبات وأنها لن تدخل في أي مفاوضات في ظل وجود واستمرار العقوبات، مؤكدة سعيها لتجاوز كل العقبات التي قد واجهت ولازالت تواجه اقتصادها جراء سياسة تضييق الخناق التي تنهجها إدارة ترامب ضدها، مبرزة في الوقت ذاته أن الأهداف الخفية للإدارة الأمريكية هي السعي لتغيير نظام الحكم في إيران بمعية حلفاء واشنطن في منطقة الشرق الأوسط. 

أقراء ايضا

ثالثا: سيناريوهات أزمة الاتفاق النووي الإيراني:

نتيجة الأحداث المتسارعة التي وسمت التوتر الحاصل بين الولايات المتحدة الأمريكية حول برنامج الأخيرة النووي، فإن واقع هذا التوتر يرسم ثلاثة سيناريوهات أساسية محتملة لمستقبل الاتفاق النووي:

1- سيناريو استمرار الاتفاق بدون الولايات المتحدة الأمريكية:

وهو السيناريو المستمر في الوقت الحالي، إذ أنه على الرغم من خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فإن اتفاق فيينا لم ينهار بشكل كامل بخروج أحد أطرافه خصوصا أن الأطراف الأخرى ممثلة في الترويكا الأوروبية (بريطانيا-فرنسا-ألمانيا) بالإضافة إلى روسيا والصين عارضت القرار الأمريكي، واعتبرته أمرا يقوض هذا الاتفاق ويهدف إلى خرق خطة العمل المشتركة الشاملة. متمسكين في نفس الوقت بهذا الاتفاق وبنوده باعتباره السبيل لحل الأزمة النووية الإيرانية. وتظل استمرارية هذا الاتفاق رهينة بجهود الأوروبيين في إيجاد حلول عملية قادرة على تجاوز العقبات التي ولدتها العقوبات الأمريكية لضمان عدم خروج إيران هي الأخرى من الاتفاق، ومن أجل ذلك سعى الجانب الأوروبي لإنقاذ الاتفاق والوفاء بتعهداته تجاه إيران، وذلك من خلال تفعيل آلية إينستكس وهي عبارة عن آلية مالية لتسهيل عملية التبادل والتعامل التجاري مع إيران، سواء على المستوى الجماعي أو الثنائي، بالإضافة إلى إفادة النشطاء الاقتصاديين والتجاريين من خلال هذه الآلية.

ولم يتغير الموقف الأوروبي من الاتفاق النووي على الرغم من التوتر الحاصل بين بريطانيا وإيران نتيجة حرب الناقلات من خلال احتجاز بريطانيا لناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق قالت إنها كانت متجهة لسوريا، لترد إيران سريعا باحتجاز حرسها الثوري لناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز. واستياء الجانب الأوروبي من التصرف الإيراني لم ينأى عن سعيهم لإيجاد حلول ناجعة لإنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار على الرغم من تضاؤل الفرص حول صموده.

2- سيناريو انهيار الاتفاق النووي:

يعتبر هذا السيناريو قريبا من ملامسة أرض الواقع، نتيجة تصاعد وتيرة العقوبات المتوالية للإدارة الأمريكية على إيران، وتداعياتها التي ألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد الإيراني. هذا الأمر حدا بإيران إلى المضي نحو الرفع من مستوى تخصيبها لليورانيوم إلى مستويات تتجاوز نسبة 3.67% التي حددتها بنود الاتفاق.

أضف إلى ذلك فشل الأوروبيون في إيجاد مخرج للأزمة، من أجل تخفيف الضغوط الناتجة عن العقوبات الأمريكية. هذا ما أدى بطهران إلى ربط بقائها أو انسحابها من الاتفاق رهينا بالخطوات وبالجهود التي سيتخذها الأوروبيون لإنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار، موقف إيران هذا يشكل ورقة ضغط على الأوروبيين لتخفيف وطأة العقوبات عليها، وبالتالي الرفع من وتيرة مواقفهم من خلال إيجاد حلول ناجعة وواقعية لا حلول شفوية/دبلوماسية. وتعتبر إيران جهود الطرف الأوروبي غير كافية من أجل التخلص من الضغوط التي تعاني منها جراء العقوبات الأمريكية والتي تمس القطاعات الأساسية التي تعتبر جوهر الاقتصاد الإيراني. إذا فإيران تعتبر موقف الجانب الأوروبي متناقض وما هو إلا مناورة سياسية للتنصل بالتزاماتهم تجاهها خصوصا بعد انتهاء مدة 60 يوما التي أعطتها للاتحاد الأوروبي للوفاء بتعهداته من أجل إيجاد آلية فعالة للتبادل التجاري في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

ومن زاوية أخرى يجب الأخذ بعين الاعتبار، الأحداث التي شهدتها منطقة الخليج، التي تضمنت استهداف ناقلات نفط في الخليج، وإسقاط طائرة بدون طيار أمريكية بالقرب من مضيق هرمز، بالإضافة إلى حرب ناقلات النفط بين طهران ولندن كل هذه العوامل من الممكن أن تؤدي إلى مزيد من التوتر الذي قد يعصف بالاتفاق النووي. بحيث يشترك الجانب الأوروبي مع الجانب الأمريكي فيما يخص المخاوف حول أنشطة إيران النووية، وتطوير برامجها الصاروخية وتدخلها في بعض القضايا الإقليمية وعلى رأسها الأزمة السورية.

كل هذه المطبات التي مر منها الاتفاق النووي تؤشر إلى انهياره الجزئي نتيجة الهزات المتتالية التي تلقاها منذ خروج الولايات المتحدة الأمريكية.

أقراء ايضا

3- سيناريو إعادة التفاوض حول اتفاق جديد:

هذا السيناريو الذي يسعى إليه الجميع في ظل هشاشة الاتفاق النووي الحالي، إذ أن المتغيرات على الساحة الإقليمية والدولية، تحتم ضرورة إعادة مناقشة بنود اتفاق جديد يرضي جميع الأطراف، وفي هذه الزاوية فمنذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وانسحابه من الاتفاق النووي نتيجة موقفه المعادي من النظام الإيراني وعدم رضاه على الاتفاق النووي الذي اعتبره أنه فتح الطريق أمام إيران للمضي قدما نحو الرفع من نشاطها النووي ذات الاستخدام العسكري، وأنه كان بطاقة رابحة للنظام الإيراني من أجل تقوية نفوذه في المنطقة، وإدارته تسعى إلى إجبار إيران الجلوس على طاولة المفاوضات وقبول اتفاق نووي جديد مقيد وذلك من أجل احتواء نشاطاتها النووية واحتواء نشاطاتها بالمنطقة.

أما الأطراف الأخرى خاصة الطرف الأوروبي فعلى الرغم من تمسكه بالاتفاق إلا أن ذلك لم يمنعه بالمناداة إلى ضرورة تعديل الاتفاق أو التفاوض على اتفاق جديد نتيجة الارتباك الواضح الذي حصل جراء انهيار التوافق حول اتفاق فيينا. وفي سياق ذلك دعت دول الترويكا الأوروبية إلى وقف تصعيد التوتر بين طهران وواشنطن واستئناف الحوار في هذا الملف.

أما إيران فعلى الرغم من تصريحها بعدم الرجوع إلى طاولة المفاوضات في ظل العقوبات الأمريكية إلا أن ذلك لا يمنعها من التفاوض بصيغة جديدة حول برنامجها النووي وذلك في حال إقدام الإدارة الأمريكية بالرفع جزئيا أو تدريجيا للعقوبات المفروضة عليها، أضف إلى ذلك أن الجانب الإيراني لم يعد راضيا تمام الرضى عن الاتفاق نتيجة تأكيده أن إيران لم تحقق ولم تحظى بأي امتيازات بل بالعكس ففي ظل العقوبات تكبدت خسائر كبيرة أضرت بأنشطتها الاقتصادية. وتراهن إيران في هذا الجانب أي عودتها للتفاوض حول اتفاق ذي بنود جديدة بعدم رجوع ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية في أفق نهاية 2020، إذ تعتبر التفاوض مع إدارة أخرى غير الإدارة الحالية سيكون يسيرا للتوصل إلى اتفاق يضع شروطا متكافئة ومرضية لجميع الأطراف، وليس اتفاقا يسير وفق سياسة الإملاء والرضوخ كما تريد إدارة ترامب.

ومن كل ذلك فقد بات واضحا أن كل الأطراف المعنية بالملف النووي الإيراني ترغب بالعودة للتفاوض من أجل تفادي أي توتر ممكن أن يؤدي إلى نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران.

من صفوة القول، فقد كشفت أزمة الاتفاق النووي مدى الازدواجية الواضحة في تعاطي الولايات المتحدة الأمريكية مع قضية الانتشار النووي حول العالم، ففي الوقت الذي تسمح فيه لإسرائيل بتطوير برامجها النووية بل ترسانتها ومنظوماتها من أسلحة الدمار الشامل بصفة عامة، نجدها تقف بالمرصاد للدول الأخرى المعادية لها مثل إيران من خلال تشديد العقوبات عليها وتقويض كل تسوية سياسية لحل الأزمات المتولدة عن برنامجها النووي.

ليس هناك ما يدعو للشك في أن إيران مصرة على إكمال برنامجها النووي بالرغم من العقوبات الأمريكية، إذ ترى في ذلك وسيلة من وسائل تأكيد مكانتها الإقليمية وذلك لتحقيق توازن استراتيجي مع إسرائيل [1].


[1] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close