fbpx
سياسةترجمات

المجلس الأطلسي: مبارك رئيساً لمصر – الحنين إلى الماضي في انتخابات 2024

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشر المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية أمريكية غير حزبية تُعنى بالشؤون الدولية، في 3 أغسطس 2023 مقالاً بعنوان: “مبارك رئيساً لمصر؟ قد يكون هناك حنين إلى الماضي في الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة” لشهيرة أمين، وهي زميلة أولى غير مقيمة في مبادرة سكوكروفت الأمنية للشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي، وصحفية مستقلة في القاهرة.

ترى الكاتبة إنه بينما يأمل العديد من المصريين أن تؤدي المنافسة إلى التغيير الذي هم في أمسّ الحاجة إليه، إلا أن آخرين يرون أن فرص فوز مرشح منافس للسيسي عبر صناديق الاقتراع ضئيلة – بل غير موجودة أصلاً – في ظل الجهود المستمرة لثني مرشحين محتملين أقوياء من دخول السباق الرئاسي ضد السيسي، على غرار جمال مبارك، النجل الأكبر للرئيس السابق حسني مبارك، ومحمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية وابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات.

وجاء المقال على النحو التالي:

مع بقاء خمسة أشهر تقريباً على موعد الانتخابات الرئاسية في مصر – عام 2024، يأمل العديد من المصريين أن تؤدي تلك المنافسة إلى إحداث التغيير الذين هم في أمسّ الحاجة إليه. وفي نفس الوقت، يدرك مصريون آخرون كُثر أن فرص فوز منافس للجنرال عبد الفتاح السيسي في صناديق الاقتراع ضئيلة جداً – إن لم تكن غير موجودة من الأساس – حيث يُتوقع بشكل كبير إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثالثة مدتها ست سنوات.

وقد أدت إجراءات التقشف القاسية التي تم البدء في تطبيقها في عام 2016 إلى معاناة العديد من الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط في مواجهة نسبة تضخم تتكون من رقمين وارتفاع غير مسبوق في الأسعار. كما أدت الحملة الأمنية المستمرة على المعارضة والقيود المفروضة على حرية التعبير إلى إثارة استياء الرأي العام، مما دفع منتقدي الحكومة إلى العيش في خوف من الاعتقال أو الاختفاء القسري أو مصير أسوأ من ذلك.

وفي الآونة الأخيرة، اضطّر المصريون إلى التجهز لتحمل انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة وسط موجة من الحر الشديد. وتختبر الانقطاعات اليومية للتيار الكهربائي – التي يُقال أنها ناجمة عن نقص في إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء –صبر المواطنين الذي بدأ ينفد بالفعل.

وتعود التوقعات المنخفضة لانتخاب رئيس جديد جزئياً إلى حقيقة أن الانتخابات الرئاسية لعام 2018 كانت “زائفة“، وفقاً لكثير من المنتقدين. حيث أعيد انتخاب السيسي حينها بنسبة 97% من الأصوات وسط إقبال منخفض بعد خوضه الانتخابات ضد مرشح منافس وحيد، أعلن بنفسه أنه من أنصار السيسي. وتم القبض على المنافس الرئيسي – الفريق سامي عنان، رئيس الأركان العسكري السابق – كما وُضع المنافس الثاني، أحمد شفيق، قيد الإقامة الجبرية. ودفعت الاعتقالات المرشحين الجادّين الآخرين إلى الانسحاب بسبب المضايقات والترهيب.

وقد سمحت التعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها بأغلبية ساحقة في استفتاء وطني أُجري في عام 2019 بتمديد الولاية الرئاسية إلى ست سنوات (من أربع سنوات في السابق). كما ألغت تلك التعديلات الحد الأقصى لبقاء الرئيس في منصبه (لفترتين). ومهّدت التعديلات الطريق أمام السيسي للترشح لولاية رئاسية ثالثة مدتها ست سنوات ومن المحتمل أن يظل في السلطة حتى عام 2030.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024 – في أواخر ديسمبر أو أوائل يناير – يشهد المصريون تكراراً للأساليب القاسية المستخدمة في الانتخابات الأخيرة التي جرت في عام 2018، والتي تهدف، وفقاً لمرشح معارض، إلى “إسكاته“.

ومنذ أواخر أبريل، تم اعتقال واحتجاز ما لا يقل عن اثني عشر من أفراد عائلة وأنصار أحمد طنطاوي، وهو سياسي وعضو سابق في البرلمان، بتهمة “التنظيم”. وقال عمرو مجدي، كبير الباحثين في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، إن الاعتقالات، التي جاءت في أعقاب إعلان الطنطاوي عن ترشحه للرئاسة، تهدف إلى “خنق المعارضة السلمية”.

ويُعتبر حزب الوفد الليبرالي المصري، الذي دعم مساعي السيسي لإعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية 2018، هو الحزب السياسي الوحيد، حتى الآن، الذي قدّم مرشحاً – عبد السند يمامة، زعيم الحزب – في الانتخابات المقبلة.

ومن المتوقع في الأسابيع المقبلة أن تسمّي أحزاب سياسية أخرى مرشحين من داخل أحزابهم للترشح للرئاسة. وربما يكون الهدف من هذه الخطوة هو إعطاء صورة بما يشبه انتخابات حرة وديمقراطية.

لكن في الواقع، هناك محاولات مستمرة لردع المنافسين المحتملين مثل جمال مبارك، النجل الأكبر للرئيس المخلوع حسني مبارك، ومحمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية وابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات. وثنيهما عن تحدي السيسي في الانتخابات.

ورفض الإعلام المصري الموالي للدولة والنائب مصطفى بكري – الموالي للسيسي – إمكانية خوض أي من السياسيين الاثنين هذه الانتخابات. وفي إشارة إلى مادة في قانون الانتخابات تنص على عدم جواز ترشيح أي شخص صدر ضده حكم نهائي، أكد بكري أنه لا يجوز لمبارك ولا السادات الترشح للانتخابات حيث أُدين كلاهما أمام المحاكم. ومع ذلك، فمن بين الاثنين، يبرز اسم جمال مبارك.

وكان قد حُكم على جمال مبارك بالسجن ثلاث سنوات عام 2016 بتهمة اختلاس أموال الدولة فيما عُرف في وسائل الإعلام المصرية بقضية القصور الرئاسية. حيث اتُهم هو وشقيقه رجل الأعمال علاء مبارك بالاستيلاء على ما يقرب من 125 مليون جنيه مصري (حوالي 4 ملايين دولار) من أموال الدولة التي كانت مخصصة لترميم وصيانة القصور الرئاسية.

وفي مقابلة تليفزيونية على قناة العربية منتصف يوليو، سأل ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، جمال مبارك عما إذا كان يفكر في الترشح للانتخابات المقبلة. ورفض علاء، الأخ الأصغر لجمال، على مواقع التواصل الاجتماعي، توجيه مثل هذا السؤال لأخيه.

حيث غرد علاء مبارك مخاطباً ضياء رشوان، دون أن يذكر اسمه: “وانت مالك عايز ولا مش عايز، أما حشري صحيح، حاجة ما تخصّكش🤔ومالك ومال الشعب؟”

وبينما كانت خطط جمال لخلافة والده قد أثارت الغضب العام في السنوات الأخيرة من حكم مبارك – مما أدى في النهاية إلى الإطاحة بالرئيس الأسبق في 11 فبراير 2011 من خلال احتجاجات مدعومة من الجيش – فقد تغير الكثير منذ ذلك الحين. لقد أثرت الأزمة الاقتصادية العميقة في مصر على شعبية السيسي، حيث يُتهم أيضاً بـ “سوء الإدارة السياسية” و “القمع الممنهج” من قبل دعاة حقوق الإنسان والمنتقدين له.

وقد غيّر الكثير من المصريين المنهكين موقفهم حيال الانتفاضة التي جرت عام 2011 وأدت إلى الإطاحة بمبارك، وأصبحوا يشعرون بالحنين إلى تلك “الأيام الخوالي” في ظل حكم الرئيس الأسبق. وتنتشر الصور المبتسمة لمبارك على منصات التواصل الاجتماعي مع تعليقات حول أسعار السلع الأساسية في عهده وكيف تدهور الوضع الاقتصادي منذ ذلك الحين.

ويبدو أن كل أولئك الذين تضرروا بشكل كبير من الأزمة حريصين على دعم جمال – ربما بدافع اليأس المطلق من الحال الذي وصل البلد إليه – إذا قرر تحدي السيسي في الانتخابات المقبلة. ومن المحتمل أيضاً أن يُلقي المتعاطفون مع الإخوان المسلمين بثقلهم وراء جمال على أمل أن يفتح الباب للمصالحة ويطلق سراح قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين المسجونين. ففي عهد مبارك، على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين كانت محظورة رسمياً، لكن كان يتم التسامح في التعامل معها، وكانت الجماعة المعارضة تستطيع تقديم مرشحين لها في الانتخابات التشريعية. ولكن نفس الجماعة محظورة الآن ولكن تم تصنيفها على أنها “جماعة إرهابية” وأعضاؤها وأنصارها بين آلاف المعارضين للحكومة يقبعون الآن خلف القضبان في مصر.

وفي ظهور علني نادر في جنازة محامي الدفاع عن حسني مبارك، فريد الديب، في أكتوبر الماضي، احتفى عشرات من أنصار جمال مبارك به بشكل صاخب. ووصفه أحد المؤيدين “سيدي الرئيس”، بينما قبّل آخر جبهته طالباً الصفح – على ما يبدو على الانتفاضة التي أدت إلى الإطاحة بوالده. وعكست الصور، التي انتشرت على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، مستوى الاستياء العام من نظام السيسي.

وبعد أن شجّعه هذا العرض العلني للدعم، تم تناقل تقارير بأن جمال اتخذ خطوات لتحقيق طموحاته السياسية. ففي أبريل 2022، قضت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي بتأييد إلغاء عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد مبارك وعائلته، ووصفت العقوبات بأنها “غير قانونية”. كما أسقط المدّعون الفيدراليون السويسريون قضية غسيل أموال ضد نجلي مبارك، وأفرجوا عن ما يقرب من 430 مليون دولار من الأصول المجمدة لأسرة مبارك.

ونشر جمال بياناً مرئياً (فيديو) على موقع يوتيوب تعليقاً على ذلك، مبتهجاً بقرارات المحاكم بتبرئة عائلته. ” ثبت أن جميع الادعاءات الموجهة ضدنا كانت كاذبة تماما… وهكذا، لم تكتشف سلطة قضائية واحدة … أي انتهاك قانوني من أي نوع من قبلي أو من قبل أسرتي… هذه هي الحقائق، والتي تم التحقق منها بشكل مستقل وقضائي.”

ومع ذلك، قوبلت محاولة جمال لاستعادة صورة عائلته التي كانت قد تلطخت، بالسخرية على شبكة الإنترنت. وظل النشطاء الذين شاركوا في ثورة 2011 غير مقتنعين بهذه الحجج وتساءلوا كيف جمع آل مبارك مثل هذه الثروة. إن محاولة جمال المحتملة لخوض غمار سباق الرئاسة هي أيضاً خط أحمر بالنسبة للقيادة المصرية، التي أوضحت أن الجيش لا يتسامح مطلقاً مع أي مدني في تولي المنصب الأعلى في البلاد. حيث كان تخطيط مبارك لتسليم مقاليد السلطة لابنه جمال – الذي كان في ذلك الوقت رئيس لجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم – هو أحد الأسباب الرئيسية لانقلاب الجيش ضده في المقام الأول، عندما سمح بأن يتم خلعه من منصبه.

وتسببت الحملة الأخيرة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام هاشتاج “#جمال_مبارك_ رئيساً_مصر”، في إثارة الذعر في الأوساط الداعمة للسيسي. فعلى مدار العام الماضي، استخدم ما يقرب من 240 ألف مصري على منصة التواصل الاجتماعي تويتر (إكس حالياً) هذا الهاشتاج لدعوة جمال مبارك للترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وفقاً لفيديو نشره موقع مزيد نيوز على حسابه على تويتر.

ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كان جمال سيستجيب لتلك النداءات أم لا. ولكن المؤكد أن السلطات المصرية ستفعل كل ما في وسعها لمنعه من الترشح للرئاسة. ففي شهر يوليو، رفع عبد السلام إسماعيل، مدير المركز القومي لدعم المواطنة وحقوق الإنسان، دعوى قانونية أمام المحكمة الإدارية بمجلس الدولة، تطالب بمنع أبناء الرئيس الراحل من الترشح لشغل أي منصب رفيع في الدولة. وهذه ليست سوى البداية. وسيكون من الممتع الانتظار ومشاهدة ما سيحدث في الأشهر المقبلة.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close