fbpx
الشرق الأوسطترجمات

تطورات المعالجة الإعلامية الإيطالية في الشأن المصري

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة

يلحظ المتابع للشأن الإيطالي المصري في الآونة الأخيرة بشكل لا تُخطئه العين بروز عدد كبير من المقالات والتقارير في كُبريات الصحف الإيطالية تتناول أهم القضايا المرتبطة بشكل مباشر بالعلاقات المصرية الإيطالية، حيث تُبرز هذه المقالات الممارسات السيئة المترتبة على النظام المصري أياً كانت القضية التي يتناولها الإعلام الإيطالي. ويشي ذلك التوجه بوجود تصميم واضح من الإعلام الإيطالي والرأي العام هناك لإبراز هذه القضايا، وهو ما ينعكس بطبيعة الحال على البرلمان الإيطالي ومن ثم على الحكومة الإيطالية، بما يشكله ذلك من ضغط كبير على صانع القرار. ومن خلال استعراض هذه المقالات/التقارير، يستطيع القارئ أن يستنتج بوضوح أن المجتمع الإيطالي لا ولن ينسى هذه القضايا، وأنه سيظل يتابعها ويسعى وراءها حتى يصل إلى نتائج ملموسة بشأنها، حتى وإن طال به الوقت في سبيل تحقيق هذا الهدف.

وتأتي في مقدمة هذه القضايا بطبيعة الحال قضية اختفاء ومقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016 على يد أربعة من عناصر الأمن المصري، حسب البيان الذي أعلنه ممثلو الادعاء العام في إيطاليا في 10 ديسمبر 2020 وأوردته وكالة رويترز للأنباء؛ ثم تأتي قضية طالب الدراسات العليا المصري بجامعة بولونيا باتريك جورج زكي الذي ألقي القبض عليه لدى وصوله مطار القاهرة الدولي أثناء عودته إلى وطنه من إيطاليا في زيارة عائلية يوم 7 فبراير 2020، حسب صحيفة دويتشه فيله الألمانية التي كانت قد أوردت النبأ آنذاك. حيث تم إخفاء زكي قسرياً من قبل جهاز الأمن الوطني وتعرّض في فترة اختفائه للتهديد والتعذيب والصعق بالكهرباء، على غرار ما حدث من قَبل مع الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، وذلك أثناء سؤاله عن عمله ونشاطه، طبقا لمحاميه، وبحسب بيان أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قبل أن يظهر لأول مرة صباح يوم ٨ فبراير في إحدى نيابات المنصورة، ثم قررت النيابة حبسه 15 يوم على ذمة التحقيق، ولا يزال يتم تجديد حبسه بانتظام منذ ذلك الحين. ثم يأتي اهتمام الإعلام الإيطالي بحادثة هرب عنصر من وفد البحرية المصرية الرسمي -الذي كان يتسلم فرقاطة “فريم” الثانية التي كانت مصر قد اشترتها من إيطاليا- بعد اتهام البحار المصري بالتورط في قضية أخلاقية ومحاولة القبض عليه من قِبل الشرطة الإيطالية، حسب تقرير نشرته صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية.

ومن ناحية أخرى، تبرز أهمية هذا التقرير في أنه يتيح للقارئ العربي، وبالأخص المصري، قدراً كبيراً من التفاصيل والمعلومات التي يتم الكشف عنها تباعاً في ثنايا التقارير والمقالات التي تنشرها أهم الصحف الإيطالية عن تلك القضايا، مما قد لا يكون متوفراً بهذه التركيز في الإعلام العربي.

ملخص:

ينقسم هذا التقرير إلى ثلاث محاور رئيسية هي:

أولاً: تطورات قضية جوليو ريجيني: وأوردنا فيه أربع مقالات/تقارير؛ المقال الأول كتبه جيوفاني بيانكوني في صحيفة كوريري ديلا سيرا بعنوان: ” الشاهد الجديد في قضية جوليو ريجيني: “التوجيهات المصرية المضللة مخطط لها حتى قبل العثور على الجثة”؛ والمقال الثاني من صحيفة لاريبوبليكا للصحفي جوليانو فوشيني قال فيه إن ثلاثة شهود عيان أكدوا على أن “ريجيني قُتل من أجل إخفاء التعذيب” الذي تعرض له، في اتهامات جديدة لأجهزة الأمن في القاهرة، في إطار الجلسة التمهيدية المنتظرة يوم التاسع والعشرين من إبريل، حيث أقر شهود العيان أن “التضليل في الجريمة تم تنظيمه بعد القتل”؛ والتقرير الثالث فهو للصحفي جوليانو فوشيني الذي أبرز نداء أصدرته عائلة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في صحيفة لاريبوبليكا تحت عنوان: ’قضية ريجيني- نداء من عائلة جوليو: “ساعدونا في تحقيق العدالة: تقدموا وتحدثوا”‘؛ والتقرير الرابع من صحيفة إل فاتو كوتيديانو، وأعده الصحفيان فينتشنزو ويسبر وفاليريا باتشيلي تحت عنوان: “جوليو في آلة الألم”، حيث قال أحد الشهود (وهو عضو في الأمن الوطني) إنه رأى جوليو ريجيني في مكتب الأمن الوطني ووصف للادعاء الإيطالي كيف أن جهاز الأمن الوطني يمارس التعذيب بشكل ممنهج.

ثانياً: تداعيات قضية باتريك زكي: وأوردنا فيه تقريرين؛ التقرير الأول من إعداد لورا ماري، ونشرته صحيفة لاريبوبليكا في 14 أبريل 2021 قالت فيه إن مجلس الشيوخ الإيطالي وافق على أجندة منح الجنسية الإيطالية لباتريك جورج زكي ورصدت بعض التعليقات على القرار؛ والتقرير الثاني فقد نشرته صحيفة لاريبوبليكا عن التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي تعليقاً على مبادرة مجلس الشيوخ بالموافقة على منح الجنسية لباتريك زكي، حيث أبرز التقرير قول دراجي: “هي مجرد مبادرة من مجلس النواب”، وذلك رداً على الصحفيين الذين سألوه خلال المؤتمر الصحفي اليوم في قصر شيغي عما إذا كانت الحكومة ستحترم أجندة الحزبين التي وافق عليها مجلس الشيوخ في الأيام الأخيرة. ويرصد التقرير بعض التعليقات اللاذعة لتصريح رئيس الوزراء الإيطالي.

ثالثاً: حادثة فرد البحرية المصري: وأوردنا فيه تقريرين؛ التقرير الأول للصحفيين ماركو ليجنانا وكيارا تينكا، ونُشر في صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية ويتناول ’هرب عنصر بحرية مصري من إيطاليا بعد اتهامه في فضيحة أخلاقية‘، حيث قالت الصحيفة إن عنصراً من وفد البحرية المصرية الذي كان قد وصل إلى إيطاليا لتسلم ثاني فرقاطة من طراز “فريم” كانت مصر قد اشترتها من إيطاليا، تمكّن من الهرب قبل محاولة القبض عليه من الشرطة الإيطالية، بعد اتهامه بالتورط في فضيحة أخلاقية؛ والتقرير الثاني نشرته صحيفة كوريري ديلا سيرا عن نفس الحادثة، ولكن التقرير الجديد أضاف اسم فرد البحرية المصرية المتهم في الفضيحة الأخلاقية (محاولة اغتصاب)، وهو بحسب الصحيفة يُدعى: محمود محمد مبروك محمد.

أولاً: تطورات قضية جوليو ريجيني

1- كوريري ديلا سيرا (14 إبريل 2021)

في مقال كتبه جيوفاني بيانكوني في صحيفة كوريري ديلا سيرا بعنوان: ” الشاهد الجديد في قضية جوليو ريجيني: “التوجيهات المصرية المضللة مخطط لها حتى قبل العثور على الجثة”، يقول الصحفي الإيطالي:

يدعي الشاهد الجديد أن نجل السيسي كان مسؤولاً عن القضية منذ اختفاء جوليو ريجيني. جاء ذلك في تقرير الاستجواب الذي قدمه المدعي العام في روما في إطار جلسة 29 أبريل: “قررت التحدث تضامناً مع والدة ريجيني ودفاعاً عن العديد من الأبرياء المسجونين بشكل غير قانوني في مصر”.

وحسب الشاهد الجديد فقد تم التخطيط لتضليل العدالة في مصر بشأن وفاة جوليو ريجيني فور مقتل الباحث الإيطالي، وحتى قبل العثور على الجثة، وجاء التضليل من قبل نفس ضباط جهاز الأمن الوطني المتهمين بالاختطاف. وقد تم الكشف عن ذلك في تقرير الاستجواب للشاهد الجديد الذي قدمه المدعي العام في روما في إطار جلسة 29 أبريل أمام القاضي الذي سيقرر ما إذا كان سيوجه اتهامات للضباط المصريين الأربعة المتهمين باختطاف ريجيني (وأحدهم متهم كذلك بالقتل).

الشاهد الجديد هو مواطن مصري لا يُكشف عن اسمه حالياً لأسباب أمنية، وقد قدم نفسه تلقائياً في مكتب دبلوماسي إيطالي في مصر، وهو بالفعل صديق للنقابي محمد عبد الله، أي الشخص الذي بلغ عن جوليو لقوات الأمن المصري. وبحسب روايته، فقد أخبره عبد الله بنفسه عن اتصالاته مع ريجيني واهتمام الباحث الإيطالي بالباعة الجائلين الذين يمثلهم عبد الله “نوفمبر 2015”. وأبلغ الشاهد المدعين العامين في روما سيرجيو كولايوكو وكاربينيري روس الذين تعاونوا في التحقيق، أنه تابع تطور العلاقات بين النقابي وريجيني خطوة بخطوة، حتى لحظة وفاة جوليو، والتي تم إبلاغه عنها في الوقت الحقيقي تقريباً.

في 2 فبراير 2016، أي قبل يوم واحد من العثور على الجثة على طريق القاهرة/الإسكندرية الصحراوي في مصر، التقى الرجل بعبد الله مرة أخرى. حيث أبلغ المحققين: “لاحظت أنه كان خائفاً بشكل خاص، وأوضح لي أن جوليو ريجيني قد مات وأنه في ذلك الصباح كان في مكتب أمن الدولة، بصحبة ضابط شرطة كان يسميه حسام (العقيد حسام حلمي)، حيث كان قد تلقى نبأ وفاة ريجيني”. وأضاف عبد الله أنه وفقاً لما سمعه من ضابط الأمن الوطني، فإنه كان سيجد طريقة لتحميل المسؤولية عن القتل على عصابة من اللصوص من خلال إتاحة العثور على وثائق الضحية لديهم.

وهذا بالضبط ما حدث بعد شهر ونصف من وفاة جوليو، عندما اتهمت السلطات المصرية مجموعة من المجرمين “المتخصصين في عمليات السطو والاختطاف للأجانب”، الذين قُتلوا بالفعل في تبادل لإطلاق النار. ومن منزل زعيم العصابة، تم إظهار جواز سفر ريجيني وبطاقته الجامعية بشكل تدريجي. وهذا التوجيه المضلل – ليس الأول ولا الوحيد – كشفته تحقيقات مكتب المدعي العام في روما، لكن لا يزال المحققون في القاهرة يظهرون مصداقيته حتى اليوم. وتؤكد الشهادة الجديدة التي حصل عليها المدعون الإيطاليون التدريج، وكذلك الاستنتاج الذي توصل إليه الأطباء الشرعيون الذين أجروا تشريح الجثة طبقاً لتحقيقات روما: أن جوليو تعرض للتعذيب بعد الاختطاف، وقتل بين 31 يناير و1 فبراير.

وهناك تأكيد آخر على هوية أحد المتهمين الأربعة الذين يود المدعي العام أن يحاكمهم أمام محكمة الجنايات: العقيد حسام حلمي المتهم بالاختطاف مع اللواء طارق علي صابر (القيادة السابقة في الأمن الوطني والذي تم تحويله الآن إلى منصب إداري) والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم (رئيس سابق للمباحث في القاهرة) والرائد إبراهيم مجدي الشريف، أيضاً من جهاز الأمن الوطني، المتهمين أيضاً بالتواطؤ في قتل الباحث الإيطالي. وأوضح الشاهد، الذي سيكون المدعي العام مسؤولاً عن استجوابه في المحاكمة النهائية، أنه لم يقدم نفسه إلى السلطات الإيطالية إلا مؤخراً لأنه علم مؤخراً – في مصر من وسائل الإعلام المحلية – أنه ستكون هناك دعوى ضد المتهمين بارتكاب جريمة اختطاف وقتل ريجيني: “قررت التحدث تضامناً مع والدته وإرضاءً لضميري، دفاعاً عن العديد من الأبرياء المسجونين بشكل غير قانوني في مصر”.

2- لاريبوبليكا (15 إبريل 2021)

وفي صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية نشر الصحفي جوليانو فوشيني مقالاً قال فيه إن ثلاثة شهود عيان أكدوا على أن “ريجيني قُتل لإخفاء التعذيب” الذي تعرض له، اتهامات جديدة لأجهزة الأمن في القاهرة، في الجلسة التمهيدية يوم التاسع والعشرين من إبريل، حيث أقر الشهود أن “التضليل في الجريمة تم تنظيمه بعد القتل”

أطلق باولا وكلاوديو ريجيني، في نوفمبر 2019، نداءً على صفحات صحيفة لاريبوبليكا يقول: “نتوجه إلى أولئك الذين يعرفون ولم يجرؤوا على الكلام حتى الآن. نحن بحاجة إليكم”. مرت سنتان ونصف وما كان يأمل والدا جوليو ما حدث: فمن عرف، تكلم. وقال واحد، واثنان، وثلاثة شهود ما يعرفون. وهذا يسير في نفس الاتجاه الذي وثّقته التحقيقات التي أجراها مكتب المدعي العام في روما حتى الآن. والحقيقة أن جوليو قد قُتل على أيدي رجال الأمن الوطني المصري.

تم قتله بعد اعتقاله في 25 يناير 2016. حيث تعرض للتعذيب في مبنى في حي لاظوغلي داخل مجمع مقر وزارة الداخلية بمصر. وقد ارتُكب القتل “لإخفاء ارتكاب” جريمة التعذيب. ثم ابتكر عملاء جهاز الأمن الوطني أنفسهم، وفقاً لآخر الشهود، توجيهاً مضللاً. وبالفعل فعلوا ذلك في ظل تغطية على أعلى المستويات من الحكومة المصرية: وهناك تقرير، ولأول مرة يذكر اسم نجل الرئيس المصري السيسي، محمود، ضمن من قاموا بذلك.

وهي إحدى التفاصيل التي تظهر في التقرير الذي رفعه المدعي العام بروما في الدعوى في إطار المحاكمة التي ستبدأ، في جلسة أولية، في 29 أبريل المقبل، ضد اللواء صابر طارق، والعقيد حسام حلمي، والعقيد آسر كامل محمد، والرائد إبراهيم مجدي عبد العال الشريف. وجميعهم متهمون بخطف ريجيني، بينما فقط وجهت تهمة القتل ضد شريف، وقد افترض المدعي العام بريستيبينو ومعاونه سيرجيو كولايوكو أيضاً وجود اتفاق بينهم في الجريمة.

الشاهد الجديد هو صديق محمد عبد الله، البائع المتجول الذي لجأ إليه جوليو، بناءً على توصية أستاذه في جامعة كامبريدج، للحصول على المساعدة في أطروحة الدكتوراه، والذي سيخونه بعد ذلك، ويبيعه للأمن الوطني حيث اتضح أنه كان: جاسوساً (مخبر). لقد تقدمت الآن فقط للشهادة – كما يقول – لأنه كان صعباً بالنسبة لي في البداية، وأنا أعلم بمراقبة الأجهزة المصرية. ولكن بما أنني أعرف الآن أنه ستكون هناك قضية جنائية ضد مرتكبي جريمة قتل جوليو، فقد قررت التحدث تضامناً مع والدته واتباعاً لضميري ودفاعاً عن العديد من الأبرياء المسجونين بشكل غير قانوني في مصر”.

“عبد الله – كما يقول الرجل – منذ نوفمبر 2015 تحدث معي عن جوليو ريجيني الذي التقى به لأنه كان يعمل على دراسة وضع الباعة الجائلين المصريين. في 25 يناير – يواصل الشاهد روايته أمام المدعين العامين ورجال الشرطة في روما – علمت من عبد الله باختفاء الشاب ريجيني. أخبرني أنه كان على علم بحقيقة أن الشاب الإيطالي كان في مكتب للأمن الوطني”. وبحسب الشاهد، فإن اعتقال وخطف ريجيني تم تنظيمه من قبل قيادات الأجهزة المصرية وكانت الأجهزة السياسية تدرك ذلك أيضاً. كما أن نجل السيسي، محمود السيسي، وهو ضابط مخابرات، كان يتابع بنفسه – كما يقول الشاهد – قضية ريجيني. ولكن بعد هذه الأحداث، وتجنباً لتوريطه بوفاة الشاب، تم نقله إلى روسيا كملحق عسكري بالسفارة المصرية في موسكو … “. وهو بيان من الواضح أنه جذب انتباه المحققين الإيطاليين. ثم يحدد الرجل كلامه قائلاً: “فيما يتعلق بتورط نجل السيسي، فهذا خبر علمت به من قناة الجزيرة”.

لكن الأكثر دقة هي القصة التي رواها مباشرة عن البائع المتجول. “في 2 فبراير – يضيف – كنت مع عبد الله ولاحظت أنه كان خائفاً. وأوضح لي أن ريجيني قد مات وأنه كان في المكتب ذلك الصباح بصحبة ضابط شرطة يناديه بـ “حسام”؛ وكان الضابط قد تلقى اتصالا هاتفيا في حضوره من زميل بمركز شرطة الدقي. خلال المكالمة الهاتفية، تحدث الضابطان عن كيفية توجيه المسؤولية عن مقتل الشاب نحو السرقة. وقال الضابط الذي كان أمامه إنه كان من الضروري تشويه الجثة للاشتباه بأنه تعرض للسرقة ثم اتهام أحد الجناة بارتكاب الجريمة، بحمل بعض الأمتعة الشخصية للشاب الإيطالي الذي تم العثور عليها هناك”. وهو بالضبط ما حدث بعد أيام قليلة عندما اتُهم خمسة أبرياء ظلما بارتكاب جريمة القتل. “وفي الواقع – يضيف الرجل – عندما تم العثور على وثائق الشاب الإيطالي في مارس ومات المصريون الخمسة، كما أخبرني عبد الله في 2 فبراير، أدركت أن كل ما سمعته كان صحيحاً”. من ناحية أخرى، كان الشاهد واضحاً منذ البداية أن البائع المتجول كان جاسوساً (مخبر). لقد دخلت في علاقات مع عبد الله لأسباب تتعلق بالعمل. وأدركت أنه كان حلقة الوصل بين الحكومة والباعة الجائلين…”

هذا ليس الشاهد الوحيد التي حصل مكتب المدعي العام في روما على شهادته. في الواقع، هناك اثنان آخران على الأقل، تم التوصل إليهما بفضل العمل الذي قامت به محامية عائلة ريجيني، أليساندرا باليريني، في محاولة لجمع كل “أجزاء الحقيقة” تلك التي ظلت يطالب بها والدا جوليو ريجيني بصوت عالٍ لمدة أربع سنوات.

3- لاريبوبليكا (15 إبريل 2021)

وقد أبرز الصحفي جوليانو فوشيني نداء أصدرته عائلة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في صحيفة لاريبوبليكا تحت عنوان: [قضية ريجيني- نداء من عائلة جوليو: “ساعدونا في تحقيق العدالة: تقدموا وتحدثوا”]، حيث قال:

أطلق والدا الباحث الإيطالي الذي تم اختطافه وتعذيبه وقتله في مصر في فبراير 2016 نداء جديداً قبيل المحاكمة التي سيتم إجراؤها لأربعة من عناصر الأمن القومي متهمين بخطف وتعذيب وقتل جوليو. حيث يقول النداء: “ساعدنا في تحقيق العدالة. من يعلم شيئاً، فليتحدث. من أجل جوليو، ومن أجلنا جميعاً”. فقد أطلق والدا جوليو ريجيني، باولا وكلاوديو، مع محاميتهما أليساندرا باليريني، نداء جديداً قبيل المحاكمة التي ستعقد لأربعة من عناصر الأمن الوطني المصري، متهمين بخطف جوليو وتعذيبه واغتياله. تقول عائلة ريجيني: “… تواصلنا مع شاهدين أساسيين أضافا قطعاً مهمة إلى تلك الفسيفساء المؤلمة من الحقائق التي نحاول بلا هوادة إعادة نظمها على مدى خمس سنوات”.

4- إل فاتو كوتيديانو (20 إبريل 2021)

في صحيفة “إل فاتو كوتيديانو” كتب الصحفيان فينتشنزو ويسبر وفاليريا باتشيلي تقريراً بعنوان: “جوليو في آلة الألم”، قالا فيه إن أحد الشهود رأى جوليو ريجيني في مكتب الأمن الوطني (وهو عضو في الأمن الوطني) وصف للادعاء الإيطالي كيف أن جهاز الأمن الوطني يمارس التعذيب بشكل ممنهج، قائلاً: “هناك المئات مثل ريجيني”، حالة الباحث الإيطالي “قطرة في بحر” بالنسبة للنسبة لما يحدث. الشاهد الجديد، كما أشار قضاة النيابة العامة في روما الذين يحققون في اختطاف وقتل جوليو ريجيني، لا يتحدث فقط عن الشاب الذي وجد مقتولاً في القاهرة في 3 فبراير 2016، لكنه يزود النيابة العامة في روما بمعلومات هامة عن نظام التعذيب الممنهج من قبل جهاز أجهزة المخابرات المصرية. يعرف الشاهد ما الذي قد يواجهه: “أعرف تمام المعرفة خطورة الإدلاء بأقوال … فقد يكون ذلك بمثابة حكم بالإعدام”، كما قال أثناء استجوابه. وقال مرة أخرى: “من أجل الأشياء التي سأقولها لكم، أخشى على حياتي …”.

أخبر الشاهد المحققين الإيطاليين أنه رأى الباحث الإيطالي في الغرفة 13 بمنشأة لاظوغلي بين 28 و29 يناير 2016. هذه التصريحات معروفة في جزء منها بالفعل. لكن قراءة التقرير الكامل تكشف عن ظروف لم تُنشر حتى الآن. يبدو أن الشاهد خائف مما يمكن أن يحدث عندما يتم سماعه على رابط الفيديو في 29 يوليو 2020: إنه يريد التحدث مع قضاة روما، يريد المجيء إلى إيطاليا ويحتاج إلى الحماية. لذلك يقول إنه عمل لمدة 15 عاماً في مكاتب جهاز الأمن الوطني (الجهاز الذي طلبت روما محاكمة بعض عملائها)، موضحاً أن لديه “قائمة بأسماء الضباط”. مع التخصص النسبي “في مجال التعذيب”…

لكن الشاهد تحدث أيضاً عن كيفية معاملة بعض المعتقلين في مصر. عندما سئل: “بصرف النظر عن جوليو ريجيني، هل أنت على علم بأساليب التعذيب التي يمارسها ضباط الأمن الوطني؟” أجاب الشاهد بوضوح شديد: “(…) أنا شخصيا أعرف الأماكن التي يمارس فيها التعذيب. (…) رأيت بنفسي ما كان يحدث، على سبيل المثال كانت هناك مجموعة “إرهابية” تعرضت للتعذيب في تلك الأماكن هناك … “. ثم يضيف: “لم يقتصر الأمر على مكتب لاظوغلي، بل جهاز الأمن الوطني بشكل عام مشهور بممارسة التعذيب”.

وعندما سأله المحققون: “لماذا، برأيك، تم إحضار ريجيني إلى ذلك المكان؟”، أجاب الشاهد: “لا فرق بين مكان وآخر، ولكن عندما يشتبه في أجنبي بالتآمر على الأمن القومي، يتم جلبه إلى ذلك الموقع هناك. فبمجرد خروجهم من المطار، يتم الاعتناء بجميع الأجانب ومراقبتهم وهم جميعاً مستهدفون، وليس ريجيني فقط “. ثم في مقطع آخر من التقرير يضيف: “(…) لديهم أساليب تعذيب غبية، (…)… الطريقة غبية، يعذبون الفرد حتى يتكلم. (…) إنهم ينطلقون من فكرة أن لديه دائماً ما يخفيه … “.

في عالم التعذيب هذا، اشتريت بنفسي آلة للتعذيب الكهربائي تتكون من هاتف من طراز قديم مصنوع يدوياً” مع “سلكين تمارس من خلاله التعذيب”.

عندما سأله المحققون: “بالإضافة إلى طريقة الكهرباء هذه، هل تعرف طرقاً أخرى، مثل استخدام السجائر، واستخدام السكاكين؟”. أجاب: “بالطبع (…) على سبيل المثال، يتم اغتصاب النساء، في وجود الرجال لإجبارهم على الكلام”.

شهادة هذا الرجل هي من بين الشهادات التي انتهى بها المطاف إلى سجلات مكتب المدعي العام في روما. خلال الأشهر القليلة الماضية، تقدم عشرات الأشخاص للكشف عن جوانب من القصة. هذه تصريحات ثمينة للمحققين الإيطاليين.

ثانياً: تداعيات قضية باتريك زكي

1- لاريبوبليكا (14 أبريل 2021)

في تقرير من إعداد لورا ماري، قالت صحيفة لاريبوبليكا في 14 أبريل 2021 إن مجلس الشيوخ الإيطالي وافق على أجندة منح الجنسية الإيطالية لباتريك جورج زكي.

يجب على الدولة الإيطالية منح الجنسية الإيطالية لباتريك زكي في أسرع وقت ممكن. تم وضع هذا من قبل مجلس الشيوخ اليوم، الذي وافق على جدول الأعمال الموحد، وبالتالي الحزبين، والذي حل محل الاقتراحين المقدمين في قضية الباحث المصري من جامعة بولونيا والمحتجز منذ 7 فبراير 2020 في سجون مصر. وقد حظي هذا الإجراء، الذي حصل على موافقة 208 صوت مع رفض وامتناع 33 عن التصويت، بتأييد قوي من قبل ماركو فرانشيسكو فيردوتشي وأيضاً دعم أحزاب يمين الوسط.

وللمطالبة بمنح الجنسية لباتريك زكي، كانت أيضاً السناتور مدى الحياة ليليانا سيغري، التي ظهرت اليوم في مجلس الشيوخ لدعم جدول الأعمال. وأكدت سيغري أنه “هناك شيء ما في قصة باتريك زكي يأخذه بطريقة معينة وهو يتذكره عندما يكون في السجن وهو بريء. لقد جربت هذا أيضاً وسأكون حاضراً دائماً، على الأقل روحياً عندما يتعلق الأمر بالحرية . “.

ويبتهج سكرتير حزب العمال الديمقراطي إنريكو ليتا على تويتر: “البرلمان الإيطالي يقول نعم للمواطنة لـ # باتريك زكي. الإجماع يدل على التزام إيطاليا كلها. # دعونا لا نستسلم”.

وقال زعيم الحزب جيورجيا ميلوني “سبب امتناعنا عن التصويت؟ نحن متعاطفون للغاية مع زكي، لكنني لست مقتنعاً بأن مثل هذا التدخل من قبل البرلمان الإيطالي سيساعده”. ويضيف زعيم جماعة إخوان إيطاليا في قصر ماداما، ألبرتو بالبوني: “نحن مقتنعون بأنه من أجل الوصول إلى هدف تحريره، فإن الطريق الذي يجب اتباعه هو الدبلوماسية”. بدلا من ذلك، فإن الحزب الديمقراطي راض عن ذلك. “بالنسبة لنا، الدفاع عن الحقوق غير القابلة للتصرف أمر لا غنى عنه. الحرية لـ # زكي”، كتبت على تويتر قائدة المجموعة الديمقراطية في مجلس الشيوخ، سيمونا مالبيزي.

كما ينص جدول الأعمال الذي تمت الموافقة عليه على أنه يجب على الدولة الإيطالية “اتخاذ أي مبادرة أخرى على وجه السرعة مع السلطات المصرية لطلب الإفراج الفوري” عن الطالب المصري، وتقييم إمكانية استخدام “الأدوات المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب”. وأن تواصل “رصد سير جلسات محاكمة زكي وظروف اعتقاله بقاعة المحكمة”.

ردود الأفعال

يقول السيناتور ليو فرانشيسكو لافورجيا “إن طلب الجنسية لباتريك زكي ما هو إلا الخطوة الأولى في التزام يجب أن يهم هذه الحكومة وهذا البرلمان. يجب أن تخضع علاقتنا مع مصر لإطلاق سراح باتريك وللتحقيق في القتل البربري لـ جوليو ريجيني. “. وتؤكد ديم مونيكا سيرينا: “بعد شهور من التعبئة والطلبات وبعد التحقيقات العديدة التي أجريت داخل لجنة حقوق الإنسان، اتخذت الدائرة موقفاً مهماً: تم الاعتراف بها وإعادة تأكيدها، أمام الدولة بأكملها وأيضاً في مواجهة أوروبا والمجتمع الدولي بأن اعتقال باتريك غير عادل وينتهك حقوق الإنسان ويتعارض مع الضمانات الأساسية لسيادة القانون “. ويوافق رئيس مجلس النواب روبرتو فيكو، على ذلك حيث كتب على فيسبوك: “الدولة الإيطالية لن تتوقف عن المطالبة بإطلاق سراح باتريك زكي. ومن هذا المنطلق، فإن التزام البرلمان بالجنسية الإيطالية لزكي يمثل رسالة واضحة ومهمة” .

والوزيرة الإيطالية السابقة ، تيريزا بيلانوفا، راضية أيضاً عن النتيجة. “زكي، المسجون بطريقة غير عادلة بسبب معركته في الدفاع عن حقوق الإنسان، هو واحد منا، وصل إلى إيطاليا للدراسة والتدريب، قبل عام تم اعتقاله في بلاده فقط لأنه طلب الاحترام. من المبادئ والقيم التي هي أيضاً قيمنا. ولهذا نريده أن يكون مواطناً إيطالياً ولهذا السبب لن نتوقف عن المطالبة بالإفراج عنه “.

وتشدد ميشيلا مونتيفيتشي، عضو مجلس الشيوخ عن حركة الخمس نجوم، على أنه “بخلاف إقرار الجنسية الإيطالية لباتريك كبادرة ذات قيمة رمزية عالية، يجب أن نسأل، كما تفعل دبلوماسيتنا الإيطالية، أن المراقبة الإجرائية الدولية التي تتبعها مصر لا مفر منها”. بالإضافة إلى ذلك، تتابع، “يجب علينا تقييم إمكانية استخدام جميع الأدوات التي توفرها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة جرائم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المؤرخة بـ 10 ديسمبر 1984، لأن هذا هو الإجراء القانوني الوحيد، وطريقة ملموسة للوصول إلى إطلاق سراح باتريك من خلال المفاوضات “.

وحثّ ستيفانو كاندياني عضو رابطة الشمال خلال خطابه الحكومة على “التصرف بذكاء، كما تفعل بالفعل، حتى لا نجد أنفسنا في مواجهة قضية ريجيني جديدة”. ويؤكد إيلي شلاين أن “البند الذي تمت الموافقة عليه في مجلس الشيوخ هو إشارة مهمة. إنه يعزز طلب الإفراج الذي يجب أن نواصل تنفيذه بكل الطرق. الحكومة الإيطالية لا تتردد في ذلك. والمترتب على ذلك: لا للأسلحة والسفن لمصر”.

2- لاريبوبليكا (16 أبريل 2021)

وفي يوم 16 إبريل 2021، نشرت صحيفة لاريبوبليكا تقريراً عن التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي تعليقاً على مبادرة مجلس الشيوخ بالموافقة على منح الجنسية لباتريك زكي، حيث أبرز التقرير قول دراجي: “هي مجرد مبادرة من مجلس النواب”. حيث كانت هذه هي كلمات رئيس الوزراء رداً على الصحفيين الذين سألوه خلال المؤتمر الصحفي اليوم في قصر شيغي عما إذا كانت الحكومة ستحترم أجندة الحزبين التي وافق عليها مجلس الشيوخ في الأيام الأخيرة.

“هي مبادرة برلمانية لا تشارك فيها الحكومة في الوقت الحالي”.. كان هذا هو رد رئيس الوزراء ماريو دراجي، خلال مؤتمر اليوم في قصر شيغي، على أولئك الذين سألوه عما إذا كانت الحكومة، بناءً على طلب مجلس الشيوخ بأجندة من الحزبين، ستمنح الجنسية الإيطالية لـ باتريك زكي الباحث في جامعة بولونيا بإيطاليا والمعتقل في مصر منذ أكثر من عام. لكن كلام رئيس الوزراء أثار احتجاجات الجمعيات وأعضاء الأغلبية. حيث علق ريكاردو نوري المتحدث باسم منظمة العفو قائلاً “إنها إشارة سيئة… ومع إبداء الحكومة لكل التحفظات اللازمة في مجلس الشيوخ، لكنها التزمت بمنح الجنسية. إذا تراجعت الآن بعد يومين فهذه علامة سيئة بصراحة”.

لكن الجدل حول كلمات دراجي اندلع أيضاً بين الأغلبية. حيث كتب نائب الحزب الديمقراطي فيليبو سينسي على تويتر “على الحكومة أن تقوم بدورها”. ويضيف جوزيبي بريشيا، رئيس لجنة الشؤون الدستورية في مجلس النواب: “آمل أن يكون هناك مزيد من الاهتمام بمبادرات البرلمان، التي يبدو أنها الآن مصنفة تحت عنوان “متنوعة وممكنة”.

ويتذكر السيناتور ديم فرانشيسكو فيردوتشي قائلاً: “لقد أعربت الحكومة عن رأيها الإيجابي حول أجندة منح المواطنة لزكي، ويأمل الجميع أن تتابع في أقرب وقت ممكن مثل هذا العمل الهام والمُلِحّ لمجلس الشيوخ. وهناك أكثر من 200 ألف مواطن وقعوا على عريضة طلب الجنسية لزكي، ويخلص إلى القول: وأنا واثق من أن الحكومة ستقوم بدورها بحزم في احترام الالتزامات التي تعهدت بها مع مجلس الشيوخ”. كما أعرب نيكولا فراتوياني المتحدث باسم اليسار الإيطالي عن احتجاجه على كلمات رئيس الوزراء.

ثالثاً: حادثة فرد البحرية المصري

1- لاريبوبليكا: (14 إبريل 2021)

هرب عنصر بحرية مصري من إيطاليا بعد اتهامه في فضيحة أخلاقية

في تقرير للصحفيين ماركو ليجنانا وكيارا تينكا، نُشر في صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 14 إبريل 2021، قالت الصحيفة إن عنصراً من وفد البحرية المصرية الذي كان قد وصل إلى إيطاليا لتسلم فرقاطة “فريم” الثانية التي كانت مصر قد اشترتها من إيطاليا، تمكّن من الهرب قبل محاولة القبض عليه من الشرطة الإيطالية، بعد اتهامه بالتورط في محاولة اغتصاب. وجاء التقرير على النحو التالي:

في مدينة لاسبيتسيا الإيطالية الساحلية، حيث ترسانة الصناعات البحرية الإيطالية، سارع عنصر البحرية المصري بالهرب، في سخرية واضحة من المدعي الإيطالي الذي كان قد أمر بإلقاء القبض عليه؛ حيث كان الضابط المصري هناك ضمن الفريق الذي جاء ليستلم إحدى الفرقاطات التي كان قد تم بيعها للسيسي.

كان فرد البحرية المصري قد هاجم امرأة في مقصورة التشمس الاصطناعي. وبعد يومين عاد إلى مكان الحادث مروعاً الضحية مرة أخرى. ثم تم بعد ذلك التعرف عليه واستجوابه من قبل ضباط الشرطة الإيطاليين. لكن عندما عادت إليه الشرطة بعد حوالي عشرة أيام لاعتقاله، بعد أن جمعت دلائل قوية على محاولته ممارسة العنف الجنسي ضد المرأة، كان قد قفل عائداً إلى بلاده هاربا من فيوميتشينو. ما حدث في لاسبيتسيا ليس عبارة عن قضية تافهة للعدالة لا يمكن أن تأخذ مجراها. لأن المتهم البالغ من العمر 22 عاماً هو واحد من أفراد البحرية المصرية الذين وصلوا إلى ليغوريا لتسليم فرقاطتين تم شراؤهما من إيطاليا، كانت في الأساس متجهة للتسليم إلى البحرية الإيطالية قبل أن يتم بيعها إلى مصر.

ولأن الهروب من إيطاليا جاء من فرد في البحرية المصرية، بلد السيسي، حيث لا يزال الطالب في جامعة بولونيا باتريك زكي يقبع في السجن هناك منذ أكثر من عام بتهمة الدعاية التخريبية؛ ولأن قضية ريجيني لا تزال عاراً في جبينهم وهي حتى الآن لا تزال دون عقاب؛ قال سكرتير اليسار الإيطالي نيكولا فراتوياني في حضور ضحية محاولة العنف ومحاميها أندريا جيورجي، “سنطلب من الوزراء لامورجيز وكارتابيا وجيريني تقريراً عما حدث بالفعل وعن الذي ينوون القيام به حيال ذلك، فالقصة جد مقلقة”. كانت الضحية في نهاية الأمر تُظهر ارتياحها لفرار المتهم، فقط لأنها كانت -كما تقول- تخشى أن يظهر أمامها مرة أخرى: “كنت أخشى أن يظهر الرجل مرة أخرى أمامي، حتى لو كنت أدرك أن كل ذلك الذي حدث لا يمكن أن يُصدق”. ويقوم المدعي العام في لاسبيتسيا أنطونيو باترونو حالياً بتقييم الإنابة القضائية، مع علمه أن الأمر صعب كصعوبة تسلق قمة إيفرست. وعلى الرغم من أن القضاة والضباط لا يعلقون بشكل رسمي، لكن تستطيع أن ترى ذلك بوضوح على وجوههم.

ومن أجل فهم ما حدث، علينا العودة إلى مساء يوم 26 مارس. عندما كانت الشرطة تقدم نفسها أمام فندق إن إتش، على مرمى حجر من ساحل البحر، من أجل تحديد هوية البحار المتهم بارتكاب أعمال عنف جنسي واستجوابه. ومن جانبه، ندد موظف غرفة التشمس الاصطناعي في المركز بما فعله فرد البحرية المصري؛ وقالت المرأة للضباط إنه “دخل الغرفة في وقت لم يكن فيه هناك زبائن بالمكان، وطلب أخذ حمام شمسي، ثم حاول وضع يديه علي”.

وعندما ظهر رد فعل من الضحية، هرب المهاجم على الفور من المكان. لكنه عاد بعد يومين. كان يتحدث في ارتباك إلى زميلات المرأة اللاتي كان يبدو عليهن الحذر خشية وقوع اعتداء جديد. ولكنه عندما لاحظ أنهم يصورونه، بادر بالهرب مرة أخرى. لكن هذه المرة، كانت هناك صور، بالإضافة إلى صور لبعض الكاميرات الموجودة في المكان والتي تثبت إدانته. وبعد ذلك، تم تعقب الرجل من خلال هذه الكاميرات داخل الفندق، وتم نقل تلك المقاطع إلى ثكنات الشرطة، وبناء عليه تم تحديد هويته ثم الشروع في استجوابه. وفي تلك اللحظة، لم تكن هناك عناصر كافية للقيام باعتقاله أو توقيفه: حيث كان يجري معه التحقيق وهو طليق. في هذه الأثناء، تم استدعاء الضحية من قبل المحققين، وخلال الإدلاء بالأقوال، لاحظ محامي المرأة وجود ضابط كبير غامض من البحرية المصرية، وقال المحامي عنه، إنه كان “يبدو مضطرباً، ولكنه كان يُظهر حرصاً على ضمان تحقيق العدالة”، حسب انطباع محامي المرأة الضحية.

وتمكنت المدعية العامة أليساندرا كونفورتي من جمع أدلة لطلب فرض الإقامة الجبرية على فرد البحرية المصري في الفندق الذي كان يقيم فيه، ووافق على الطلب وأكده قاضي التحقيق. لكن كان ذلك للأسف بعد فوات الأوان: فعندما جاء دور ضباط الشرطة لإنفاذ الإقامة الجبرية على المتهم، اكتشفوا أن المشتبه به كان قد رحل، بينما بقي رفاقه الآخرون في الفندق، حيث كانت إحدى الفرقاطتين لم يتم تسليمها بعد (ولكنها غادرت بالفعل في الساعات القليلة الماضية مع جميع أفراد الطاقم على متنها)، لكن عنصر البحرية المصرية البالغ من العمر 22 عاماً كان قد عاد إلى مصر من قبل.

والآن، فبالإضافة إلى فرضية الإنابة القضائية، فإن المدعي العام يريد أن يفهم كيف وصل هذا المصري إلى روما، وما الخطأ الذي حدث خلال تلك الأيام العشرة المحمومة.

2- كوريري ديلا سيرا تعلن اسم البحار المصري المتهم (17 إبريل 2021)

بعد التقرير الذي نشرته صحيفة لاريبوبليكا بثلاثة أيام، نشرت صحيفة كوريري ديلا سيرا تقريراً جديداً عن نفس الحادثة، ولكن التقرير الجديد أضاف اسم فرد البحرية المصرية المتهم في فضيحة أخلاقية (محاولة اغتصاب امرأة)، واسمه: محمود محمد مبروك محمد. وعندما أمر القاضي بالقبض على البحار الخاضع للتحقيق بشأن الانتهاكات المتهم بالقيام بها وجد أنه قد هرب من لا سبيتسيا على متن رحلة قامت بدفعها السلطات العسكرية المصرية وغادر إيطاليا بالفعل قبل أن تتمكن الشرطة الإيطالية من القبض عليه.

وفي الوقت المناسب هرب عنصر وفد البحرية المصرية من الاعتقال بتهمة الاعتداء الجنسي الذي ارتكبه في 24 مارس ضد فتاة من لا سبيتسيا، وقد عُرف اسمه الآن: إنه البحار محمود محمد مبروك محمد، البالغ من العمر 21 عاماً، من الإسكندرية في مصر، وهو الآن يحتمي في بلده. لكن القضية تعقد العلاقات المتوترة بالفعل بين روما والقاهرة بعد مقتل الباحث جوليو ريجيني واحتجاز الناشط باتريك زكي.

وفي الوقت الذي شددت فيه المحكمة الإجراء الاحترازي بحق البحار ونقله من الإقامة الجبرية إلى الحبس، كان مبروك موجوداً بالفعل في مصر منذ 29 مارس، وهناك فرص قليلة – إن لم تكن معدومة – لتطبيق قرار قاضي التحقيق. لكن بانتظار إنابة قضائية محتملة، ليس من المستبعد أن يقرر قاضي القاهرة بشكل مستقل تأكيد مسؤولية البحار في محاولة الاغتصاب التي ارتكبت في مقصورة التشمس الاصطناعي في مركز غويتو جاليري. تؤكد أندريا جيورجي، المحامية التي تساعد موظفة الاستقبال الشابة في مركز التجميل: “نحن مصممون على مواصلة الإجراءات القانونية ولا أستبعد المطالبة بتعويض عن الأضرار التي لحقت بالضحية من البحرية المصرية”. ولكن الضحية تقول: “أشعر بالارتياح لأن هذا الشخص لم يعد موجوداً هنا في لا سبيتسيا. لا أخاطر برؤيته أمامي مرة أخرى. بطريقة ما بالنسبة لي، من وجهة النظر هذه، هذه قصة انتهت.”

وكان عنصر البحرية الخاضع للتحقيق في لا سبيتسيا مع أفراد طاقم آخرين ينتظرون تسليم إحدى فرقاطتي فريم التي باعتها إيطاليا لمصر بعد اتفاق تم التصديق عليه العام الماضي مع القاهرة. “في فترة ما بعد الظهيرة وجدته في مقصورة التشمس الاصطناعي، بدا مهذباً – ولا تزال هذه قصة الشابة – سألني شيئاً عن حمام الشمس وعندما أخذته إلى الصندوق اقترب مني لمضايقتي.”

ما جعله يهرب هو فقط صراخ الفتاة التي تقدمت بشكوى في اليوم التالي. كان تتبع هوية البحار في البداية “مستحيل: في 24 مارس، حدث عطل في الكاميرات في المركز، ولم تكن هناك صور متاحة للمهاجم”…

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close