fbpx
فيديو

مصر وتفكيك نظريات الاستبداد الشرقي

أدت الانتكاسة التي تعرضت لها ثورة يناير إلى فتح الباب للتساؤل عن سبب هذه الانتكاسة، وعما إذا كان السبب في هذه الانتكاسة نخبوي أم جماهيري. من وجهة نظر الباحث، كان الاستسلام لهذا التساؤل يعبر عن قدر من عدم النضج بالنظر لكون يناير 2011 نتاجا لتحرك الجماهير وليس النخبة.
مرت ثورة يناير بمرحلتين أساسيتين. حيث بدأت في مرحلتها الأولى كحركة احتجاج رافضة لما صار مسلكا معتادا للشرطة المصرية. تبلورت الحركة الاحتجاجية في الواقع الافتراضي خلال هذه المرحلة مع مقتل شاب مصري إثر خلاف مع ضابط شرطة، وهو ما أعقبه محاولة لتفسير سبب القتل بأن الشرطة ضبطت الشاب يحوز مخدرات بغرض الإتجار. أدت هذه الوقائع لتحرك بعض أصدقاء الشاب “خالد سعيد”؛ تضامنا معه، لتحويل القضية إلى “تريند”، وقرروا أن يجعلوا عيد الشرطة القادم في مصر (يحتفل به في 25 يناير) مناسبة للاحتجاج ضد تعسف الشرطة في التعامل مع المواطن المصري، وهو ما حدث بالفعل.
قاد اتساع نطاق مشاركة الجماهير في الحدث التمهيدي، وتهور قوات الأمن في مواجهتهم، ووجود إصرار جماهيري على رفض هكذا تهور، والتحرك لمواجهة القوات الأمنية، إلى المرحلة الثانية التي حولت يناير من حركة احتجاجية محدودة الوجهة ومحددة الهدف إلى حركة شعبية، حيث اتجه مديرو صفحة “كلنا خالد سعيد” إلى تعديل الحدث القادم من مجرد احتجاج ضد الشرطة المصرية إلى “جمعة غضب” ضد سلوكيات الدولة ضد المواطن، بما في ذلك سلوكيات الفساد والتوريث والقمع.
كانت المشاركة الجماهيرية أكثر نضجا من جهود الشباب الذين تكاتفوا مع حملة “كلنا خالد سعيد”، وبالتأكيد كانت أكثر نضجا من النخبة التي لم تكن تتوقع أن يتمكن هؤلاء “العيال” من الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق “مبارك”. وطيلة عامين في أعقاب الثورة ظلت الجماهير تخرج لتلبية نداءات الحركة السياسية، حتى وإن كانت غير راضية عن الإفراط في الخروج والتظاهر، أو لداعي إنهاكها فيما سبق من فعاليات، لكنها كانت حاضرة وساندت الحضور، حتى خذلتها النخبة، وأعادت لها ما سلف أن احتجت عليه وثارت ضده.
أدى السؤال المغلوط حول “المسؤولية عن انتكاسة ثورة يناير” لاكترار عدد من النظريات “المعلبة”، وأعيد طرح القضية باعتبارها مشكلة مزدوجة، نخبوية – جماهيرية. وبينما تضاءلت الرؤى التفسيرية التي تتحدث عن دور النخبة، وإن اتسع نطاق النقد السياسي لأداء النخبة، وبخاصة جماعة “الإخوان المسلمون”، فإن النظريات المتعلقة بالقصور الجماهيري أعيد إنتاجها بعد “تنقيح”.
ولم يخل الأمر من بعض المراجعة المهتزة لهذه النماذج والنظريات التفسيرية، لكنها لم تق لتفكيك نظرية أرى بوضوح أن التاريخ يكذبها. الدراسة التالية تطرح هذه النظريات على معيار النقد التاريخي.

نسعى للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها في دراسة
تفكيك نظريات الاستبداد الشرقي: الحالة المصرية
للباحث وسام فؤاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close