fbpx
تقاريرمجتمعترجمات

موقع MEI: الحرب الأوكرانية وأزمة الغذاء في مصر

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشر موقع ميدل إيست إنستيتيوت (MEI) الأمريكي مقالاً لمايكل تانخوم، البروفيسور في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جامعة نافارا بإسبانيا؛ وكبير الباحثين في المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية، بعنوان: “الحرب الروسية-الأوكرانية تجبر مصر على مواجهة الحاجة إلى إطعام نفسها: قد تأتي الحلول من البنية التحتية والشراكات الدولية والتكنولوجيا الزراعية”، حيث يرى أنه بعد إنهاء مبادرة حبوب البحر الأسود فإنه من المرجح أن تشهد الخمسمائة يوماً القادمة من الصراع الروسي-الأوكراني تفاقماً عميقاً لأزمة الغذاء العالمية. وفي ظل هذا الوضع، فليس لدى القاهرة الكثير من الوقت لتضيعه من أجل الخروج من هذا المأزق، وذلك من خلال تبني الحلول التي توفرها التكنولوجيا الزراعية لتجنب حدوث تراجع فوري وكارثي في أمنها الغذائي. 

وقد جاء المقال على النحو التالي:

يمر الاقتصاد المصري بوضع متعثر بعد مرور خمسمائة يوم من المعاناة من التأثيرات الاقتصادية المنهِكة للغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. ففي يونيو 2023، سجّل معدل التضخم السنوي في مصر رقماً قياسياً مقلقاً، حيث بلغ 36.8%، أي أكثر من ضعفين ونصف عن نسبة الـ 13.6% التي سجلها في العام السابق. وفي حال استمرار التضخم في الارتفاع بوتيرته الحالية، فإن مصر، أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان، ستدخل في حالة من التضخم المفرط مع نهاية العام. ويكمن الأمن الغذائي الهش في مصر في قلب الأزمة التي تعانيها البلاد. فقد دفع التضخم الشديد في البلاد إلى ارتفاع هائل في تضخم أسعار المواد الغذائية، والذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 64.9% في شهر يونيو.

كما حذّر مقال سابق نُشر على ميدل إيست إنستيتيوت إبّان الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، عندما قال: “لقد حوّلت الحرب الروسية-الأوكرانية أزمة الغذاء في مصر إلى تهديد وجودي للاقتصاد”. ومع نهاية ديسمبر 2022، اضطرت القاهرة إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار للحيلولة دون وقوع كارثة مالية ناجمة عن مجموعة من المشاكل طويلة الأمد والتي تفاقمت بفعل خسارة أوكرانيا كمورد رئيسي للحبوب والبذور الزيتية بأسعار معقولة. والآن، يقترب الاقتصاد المصري بسرعة من نقطة اللاعودة، وسيؤدي قرار روسيا في 17 يوليو بوقف مبادرة حبوب البحر الأسود –وهي خطوة انتقدتها مصر أثناء تعهدها بمواصلة استيراد القمح الأوكراني عبر أوروبا– إلى إنهاك القاهرة المثقلة بالأعباء بالفعل في سعيها لتأمين وارداتها الغذائية الضرورية لسكّانها الذين يبلغ عددهم 105 مليون مواطن.

في الحقيقة، لا يمكن أن يفي إنتاج الأغذية الزراعية في مصر حتى بنصف الطلب المحلي على المنتجات الأساسية الرئيسية، لا سيما الحبوب من القمح والذرة. وليس لدى مصر بديل سوى زيادة إنتاجها المحلي من الأغذية الزراعية، حتى مع تفاقم الندرة الشديدة في المياه بسبب التغيرات المناخية. واعترافاً بأن اعتماد مصر المفرط على التجارة العالمية لإطعام مواطنيها لم يعد ممكناً، شرع الجنرال عبد الفتاح السيسي في إنشاء مشاريع عملاقة طموحة للبنية التحتية لزيادة إمدادات المياه المتاحة للزراعة. وعلى الرغم من كون هذا الأمر في الأساس ضرورياً، إلا أن بناء البنية التحتية وحده لن يكون كافياً لحل المشكلة. إذ يجب أن تتحول مصر بالتزامن إلى تبني لحلول التكنولوجيا الزراعية المتطورة لتحسين كفاءة استخدام المياه اللازمة للمحاصيل نفسها. وللقيام بذلك، على القاهرة إعطاء الأولوية للتكنولوجيا الزراعية كمجال للتعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وأوروبا والشركاء الأجانب الآخرين.

العلاقة بين الماء والغذاء

وترتكز جهود القاهرة لزيادة الإنتاج المحلي للأغذية الزراعية على زيادة إنتاج الحبوب، الذي شهد قفزة في الأسعار خلال شهر يونيو في مصر تُقدّر بنسبة 58.9%. وأدى ارتفاع أسعار القمح والذرة بدوره إلى رفع تكلفة المواد الأساسية من الخبز إلى زيت الطهي إلى مستويات تجاوزت حدود الميزانية. وبالإضافة إلى كونها مادة مُثبّتة في صناعة الخبز، فإن الذرة هي المكون الرئيسي لتغذية الحيوانات للماشية والدواجن والأسماك. وقد ساعد ارتفاع أسعار الحبوب في دفع أسعار اللحوم والدواجن في يونيو 2023 إلى معدل 92.1%. وتسبب ارتفاع الأسعار في انخفاض متوسط المعروض من البروتين في مصر بنسبة 200% في السنوات الثلاث الماضية، حيث انخفض من 95.3 جراماً للفرد يومياً إلى 30.5 جراماً فقط.

وتتمثل العقبة الأساسيّة أمام تخفيف أزمة الغذاء في مصر من خلال زيادة إنتاج الحبوب في كفاءة استخدام المياه وسط الندرة المتزايدة للمياه. فبينما يتطلب إنتاج كيلوجرام من البطاطس 287 لتراً من الماء والطماطم 214 لتراً، فإن كمية المياه اللازمة لإنتاج الحبوب تزيد بخمس مرات على الأقل عن ذلك، حيث يتطلب القمح 1,827 لتراً من الماء للكيلوجرام الواحد والذرة 1,222 لتراً. ومع هطول الأمطار السنوي الشحيح الذي يبلغ متوسطه 33.3 مليمتراً، تعتمد مصر على نهر النيل لتوفير ما يقرب من 90% من استهلاكها من المياه العذبة بمعدل حوالي 65 مليار متر مكعب، يستخدم أكثر من 80% منها في الزراعة.

وتواجه القاهرة بالفعل تحدياً كبيراً لمجرد الحفاظ على مستوياتها الحالية من إنتاج الأغذية الزراعية، في ظل تزايد الإجهاد الحراري وندرة المياه بسبب تغير المناخ. وتؤدي نسبة التبخر المرتفعة في مصر إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها قطاعها الزراعي، الذي يعتمد في أكثر من 99% منه على الري. وحتى بدون الإجهاد الحراري، فإن حوالي 50% من المياه المستخدمة في الري التقليدي بالغمر لا تصل أبداً إلى نظام الجذور. وفي ظل ظروف الإجهاد الحراري، تعتمد المحاصيل على التبخر من أجل التبريد للحفاظ على درجة حرارة قابلة للحياة. وتتنبأ نماذج الإسقاط لتغير المناخ بأن الارتفاع المحتمل في التبخر النتحي سيؤدي إلى زيادة الطلب على المياه لأغراض الري بنسبة تصل إلى 13%. ومع غياب الإجراءات المضادة الفعالة، يتوقع البنك الدولي أن تؤدي ندرة المياه الناتجة عن تغير المناخ والضغط الحراري إلى خفض إنتاج مصر من القمح والذرة بنسبة تتراوح بين 10% و 20%.

وسيكون للانخفاض في إنتاج الحبوب بسبب الإجهاد الحراري وندرة المياه تأثير متناسب على الإنتاج الحيواني في مصر، والذي يمثل حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي الزراعي. إذ يعتبر لحم الدجاج، الذي يتم تربيته بالاعتماد على علف يتكون من 70% من الذرة، أكبر منتج زراعي في مصر من حيث القيمة. وعلى الرغم من شعبيته كبديل أرخص للحوم الحمراء الأكثر تكلفة، فإن إنتاج لحم الدجاج نفسه يتطلب 4,325 لتراً من الماء لكل كيلوجرام. أما الأسماك، التي يتم تربية الكثير منها في المزارع السمكية التي تتغذى على علف سمكي مكون بالمثل من الذرة، فإنها تمثل 25.3% من متوسط استهلاك البروتين للأسرة المصرية.

مقاربات كبيرة للمشاكل الكبيرة

تواجه مصر عجزاً مائياً سنويا يتراوح بين 30 و 35 مليار متر مكعب، وفقاً لوزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم. وفي حديثه أمام البرلمان، ألقى سويلم باللوم على نقص المياه في حاجة مصر لاستيراد الغذاء. فحجم المشكلة هائل: إذ يعادل عجز المياه في مصر حوالي 60% من حصة مياه نهر النيل في البلاد. ولمعالجة المشكلة، اعتمدت مصر بالفعل الخطة الوطنية للموارد المائية 2017-2037. والخطة التي تمتد لـ 20 عاماً هي عبارة عن برنامج بنية تحتية واسع النطاق، وتشمل تكلفتها البالغة 50 مليار دولار إنشاء العديد من محطات تحلية المياه والبناء الهائل لنظام الري الزراعي في البلاد وتحديثه.

ويُعدّ إنشاء مصدر مياه إضافي باستخدام تحلية مياه البحر ضرورة حتمية لمصر. كما سيكون لها فائدة جيوسياسية تتمثل في تقليل تعرضها لخسائر المياه التي قد تحدث عندما يصبح سد النهضة الإثيوبي الكبير عند منابع نهر النيل جاهزاً للعمل بشكل كامل. ومع ذلك، فإن تحلية مياه البحر كثيفة الاستهلاك للطاقة، حيث يتطلب التناضح العكسي لمياه البحر عشرة أضعاف كمية الطاقة لإنتاج نفس حجم المياه مثل معالجة المياه السطحية التقليدية. وعلى الرغم من كونها باهظة التكلفة بالنسبة للعديد من الدول، إلا أن متطلبات توليد الطاقة ليست بعيدة عن الإدارة في مصر نتيجة لتركيز السيسي على تعزيز القدرة على توليد الطاقة الكهربائية في البلاد. وقد حوّلت مصر عجزها في قدرة توليد الطاقة البالغ 6 جيجاوات إلى فائض قدره 15 جيجاوات من عام 2016 إلى عام 2022، حيث يتم إنتاج أكثر من 16% منه من مصادر الطاقة المتجددة. وتتطلع القاهرة إلى بناء 21 محطة لتحلية المياه وتسعى للحصول على استثمارات أجنبية للمساعدة في تحمل تكلفة 3 مليارات دولار من تطوير المرحلة الأولى. وعند اكتماله، سيساهم المشروع الذي تبلغ تكلفته 8 مليارات دولار بنحو 3.21 مليار متر مكعب في إمدادات المياه في مصر، أي ما يقرب من 10% من العجز الحالي.

ويتمثل نهج البنية التحتية الرئيسي الآخر في تحسين توزيع المياه وأنظمة الري في مصر. ولتحقيق هذه الغاية، تنفذ الحكومة برنامجاً يُقدّر بقيمة 2.6 مليار دولار لإعادة تأهيل 20 ألف كيلومتر (12427 ميلاً) من نظام قنوات الري في البلاد. وستأتي وفورات المياه الحقيقية من استبدال الري بالغمر التقليدي بالري بالتنقيط وأشكال أخرى من الري الحديث. فباستخدام الري بالتنقيط، يمكن تقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 60%، وزيادة غلة المحاصيل من 30% إلى 90%. ومع ذلك، وبتكلفة تتراوح بين 1200 دولار و 3000 دولار للهكتار الواحد، فإن أنظمة الري بالتنقيط الأساسية تتجاوز كثيراً إمكانيات صغار المزارعين. وفي محاولة لتحويل نصف الأراضي الزراعية المرويّة في مصر إلى أنظمة ري ذكي، باستخدام الري بالتنقيط وكذلك الفقاعات أو الرش أو الرذاذ، أطلقت القاهرة مبادرة بقيمة 3 مليارات دولار ستسمح للمزارعين بدفع تكاليف التحويل على أقساط بدون فوائد على 10 سنين. وبتكلفة تراكمية تبلغ 14.4 مليار دولار، يمكن أن تقلل تحلية المياه والري من عجز المياه الحالي في مصر بنسبة 20% إلى 70%، لكن الأمر قد يستغرق ما تبقى من هذا العقد حتى يكتمل.

تكنولوجيا الزراعة

إن تحسين جودة البذور لتحمل الجفاف وكفاءة استخدام المياه أمر يبشر بالخير، لكن إمكانات هذا النهج لا تزال غير متحققة إلى حد كبير، على الرغم من إحراز بعض التقدم خلال العقد الماضي. ولا يزال المزارعون المصريون غير قادرين على الحصول على كميات كافية من البذور الجيدة عندما يحتاجون إليها. ويتعاون كل من مركز البحوث الزراعية في مصر ومعهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) لتحسين أصناف القمح وإيصالها إلى المزارعين، ولكن هناك المزيد الذي يتعين القيام به في هذا الصدد. وقامت إيكاردا ومقرها بيروت وشركاؤها المصريون بتوزيع ما يقرب من 20,000 طن من البذور المعتمدة المقاومة للتعفن وذات الإنتاجية العالية. وعلى الرغم من أن هذه البذور تتمتع بميزة إنتاجية تتراوح بين 21-25% مقارنة بالأصناف التجارية الشائعة، إلا أن الكمية الموزّعة تكفي لتغطية 11% فقط من مساحة زراعة القمح في مصر. وبالتعاون الوثيق مع الصندوق الاستئماني العالمي لتنوع المحاصيل ومقره ألمانيا “صندوق المحاصيل” وبدعم من التمويل النرويجي، طوّرت إيكاردا مجموعة متنوعة جديدة من القمح القاسي تتحمل الجفاف تسمى “جبل”، والتي تم إطلاقها في ديسمبر 2022 للمزارعين المغاربة للتجربة.

وبينما تم تطوير صنف “جبل” إيكاردا للمحاصيل من خلال التربية، فقد أثبتت تقنيات الهندسة الوراثية نجاحها ووجدت تطبيقات تجارية. وفي مبادرة أمريكية إسرائيلية صينية تركزت في جامعة كاليفورنيا، استخدم ديفيس التحرير الجيني لتطوير نباتات قمح تحتوي على العدد الصحيح من نسخ مجموعة الجينات “أوپر3” (جينات أوكسوفيتوديينوات ريدوكتاز من الفصيلة الفرعية الثالثة) لتحفيز نمو جذور أطول قادرة على سحب المياه من أعمق في تربة. وكما أفاد فريق البحث في مقال نُشر في فبراير 2023 في المجلة العلمية “نيتشر“، فإن نباتات القمح الناتجة مقاومة للجفاف وتنتج غلة أعلى من الحبوب.

وإلى جانب تطوير البذور، حقق مجال المنشطات الحيوية نتائج مماثلة مع المنتجات التجارية الموجودة حالياً في السوق. وبدون اللجوء إلى التعديل الوراثي، فإن المحفزات الحيوية عبارة عن مغذيات تحفز العمليات الطبيعية للنباتات لتعزيز امتصاصها للمغذيات أو قدرتها على تحمل الإجهاد الحراري والجفاف. وقد كشفت دراسة أجريت عام 2022 أُجريت عن فعالية المحفز الحيوي، كشفت عن إمكانية تحقيق زيادة شاملة في غلات المحاصيل تتراوح من 8.5% إلى 30.8%. ولإثبات فعاليته، يتوقع مجلس صناعة المنشطات الحيوية الأوروبية معدل نمو سنوي مركّب لسوق المحفزات الحيوية الأوروبية بنسبة 10-12%. وبعد أن ثبت أنها تساعد في تحسين مقاومة المحاصيل للإجهاد الحراري والجفاف، فمن المحتمل أن تكون المحفزات الحيوية حلاً مُهمّاً يمكن تعميمه في مصر في إطار زمني قصير نسبياً.

وسيفقد محصول مثل القمح ما يصل إلى 50% من نظامه الجذري في ظل ظروف الجفاف، مما يعيق امتصاص المحصول للمياه والتعافي بمجرد توقف ظروف الجفاف. ويمكن للمنشطات الحيوية أن تجعل المحاصيل مقاومة للجفاف عن طريق منع أي خسارة شاملة لنظام الجذر. وتفتخر العديد من الشركات في جميع أنحاء الصناعة بمنتجات المحفزات الحيوية التي يمكن أن تزيد من النظم الجذرية للمحاصيل الصحية بنسبة 30% على الأقل، مما يوفر فائدة مقابلة في كفاءة استخدام المياه، وبالتالي يقلل من الفاقد الكبير للمياه الذي يحدث حالياً مع الري بالغمر التقليدي. ومع تكلفة تركيب الري بالتنقيط حوالي خمسة أضعاف ما يعادل عقد من تطبيقات المحفزات الحيوية، فيمكن استخدام المحفزات الحيوية الصديقة للبيئة مع إطلاق مصر لبرنامجها لتحويل الأراضي الزراعية إلى الري بالتنقيط. وتُعتبر المحفزات الحيوية وتقنيات الري الحديثة تقنيات تكميلية ويمكن أيضاً استخدامها معاً في عملية تُعرف باسم “التسميد” مع تأثير محتمل أكبر.

خاتمة

تُشكّل الحالة الهشة للأمن الغذائي في مصر تهديداً وجودياً لقدرة اقتصاد البلاد وحكومة السيسي على الاستمرار. ففي حين أن المساعدات الطارئة وموردي الحبوب البديلة قد تمنع البلاد من السقوط في الهاوية الاقتصادية للتضخم المفرط، إلا أنها لن تساعدها أبداً على عكس مسارها. إن نجاة مصر من التهديد الاقتصادي المستمر هو تقليل وارداتها الغذائية من خلال توفير المزيد من غذائها. وفي حين يعِد بناء البنية التحتية الحكيمة في مصر لخلق إمدادات مياه إضافية لتوسيع الزراعة المحلية بالتحوّل، إلا إنها رؤية جاءت في الوقت الضائع. فالقاهرة تحتاج إلى سداد أو إعادة تمويل ديون بقيمة 20 مليار دولار على مدار الاثني عشر شهراً القادمة مع استخدام احتياطياتها الأجنبية المتناقصة لاستيراد الغذاء وإنفاق 4.14 مليار دولار على الدعم لجعل هذا الغذاء المستورد في متناول السكان.

ومن المرجح أن تشهد فترة الأيام الخمسمائة القادمة من الصراع الروسي-الأوكراني تفاقماً عميقاً لأزمة الغذاء العالمية، كما تشير إلى ذلك نهاية مبادرة حبوب البحر الأسود. وليس لدى القاهرة الكثير من الوقت لتضيعه في اللجوء إلى تبني الحلول التي تقدمها التكنولوجيا الزراعية لتجنب حدوث تراجع فوري وكارثي في أمنها الغذائي. ومن أجل إطعام نفسها، تحتاج مصر أيضاً إلى مواجهة تأثير تسارع ندرة المياه بسبب تغير المناخ. وتعد كفاءة استخدام المياه التي يتم تحقيقها من خلال التكنولوجيا الزراعية أمراً بالغ الأهمية لقدرة مصر على توسيع إنتاجها من الأغذية الزراعية على المدى القريب، مما يجعل دبلوماسية التكنولوجيا الزراعية فرصة فريدة للولايات المتحدة لإشراك القاهرة في شراكة استراتيجية ذات نتائج حيوية.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close