fbpx
ترجمات

WSJ: مصر تعتقل مشاهير التواصل الاجتماعي في إطار حملة لتعميق القمع

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في 11 فبراير 2023 تقريراً كتبته الصحفية الأمريكية تشاو دينج، المقيمة بالقاهرة والتي تغطي شؤون شمال أفريقيا وتتناول اقتصاد المنطقة وسياستها وكذلك قضايا حقوق الإنسان وتغير المناخ. عنونت دينج تقريرها من القاهرة بـ “مصر تعتقل المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في إطار حملة لتعميق القمع”، حيث جاء التقرير على النحو التالي:

يتزايد اتهام المواطنين المصريين الذين ينشرون محتوى سريع الانتشار بالإرهاب، حتى لو كان ذلك المحتوى غير سياسي.

ففي الشهر الماضي، نشر محمد حسام الدين، وهو صانع محتوى مصري، مقطع فيديو ساخر قام بتصميمه بنفسه وحصد المقطع حوالي 7.5 مليون مشاهدة على فيسبوك.

وحالياً، فإن مجمد حسام، بالإضافة إلى أربعة ممثلين مصريين آخرين شاركوا معه في صنع الفيديو، جميعاً رهن الاعتقال، بعد أن تم القبض عليهم بتهم “الإرهاب”، على الرغم من حقيقة أن الفيديو لا يحتوي البتة على أي رسالة سياسية صريحة.

وتعتقل السلطات المصرية المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين ينتشر المحتوى الذي يقدمونه بسرعة وعلى نطاق واسع، حتى لو كان هذا المحتوى غير سياسي، وذلك في إطار حملة من قِبل عبد الفتاح السيسي تستهدف حرية التعبير. وفي الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية متصاعدة تتزايد معها الضغوط على الحكومة المصرية، يقول نشطاء حقوق الإنسان إن السيسي يسعى لإخضاع صناع المحتوى المصريين الذين لديهم أعداد كبيرة من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي ودفعهم للانصياع لتبني الخط الذي تنتهجه الحكومة.

وقد بدأ مواطنون من عموم المصريين، وكذلك بعض المسؤولين، في التشكيك في الطريقة التي انتهجها السيسي في التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد والتي أدت إلى مزيد من التفاقم لمعدلات التضخم، المرتفع بالفعل، من خلال إعاقة دخول الواردات للبلاد، بهدف الحفاظ على احتياطيات العملات الأجنبية المتضائلة أصلاً. وبدوره، فقد تسبب ارتفاع الأسعار في تعميق معاناة الكثير من المصريين حيث لا يتسنى لهم القدرة على شراء سلع أساسية مثل الخبز واللحوم.

قوال حسام بهجت، الناشط في ‘المبادرة المصرية للحقوق الشخصية’، وهي منظمة حقوقية مقرها القاهرة: “هناك غضب شديد لا تخطئه العين من قبل أولئك الذين يلومون السيسي على سوء إدارة الاقتصاد، وذلك لأول مرة منذ تسع سنوات”. “ومن الواضح أن ذلك يجعل السلطات أكثر توترا وحرصاً على كبح جماح مثل هذا السلوك”.

هذا، ولم ترُدّ وزارة الداخلية ولا المتحدث الرسمي باسم الحكومة على طلبات للتعليق على الأمر.

وقد اعتقلت مصر في عهد السيسي عشرات الآلاف من الأشخاص لأسباب سياسية، وفقاً لمنظمات حقوقية. وتم اعتقال آلاف المصريين في عام 2019، عندما قامت الحكومة بقمع احتجاجات حاشدة في الشوارع كانت تطالب السيسي بالتنحي عن الحكم.

وكانت المساحة الرقمية هي واحدة من آخر المساحات الحرة نسبياً والمتاحة للتعبير منذ ذلك الحين، ولكن يبدو أنه يتم العمل على إغلاقها الآن أيضاً.

في مقطع فيديو ساخر بعنوان “الزيارة”، كان محمد حسام الدين، الذي ينتج مقاطع فيديو يبثها بشكل مباشر عبر الإنترنت ولديه أكثر من 1.6 مليون متابع على منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يرتدي بذلة صفراء اللون، ومن زنزانة سجن افتراضية، كان يعبر بأسلوب تمثيلي عن آمال للمسجونين، قد تكون بعيدة المنال، تتعلق بالخروج من غياهب السجون والسعي للانتقام من الخصوم.

وقال محامون موكَّلون للدفاع عن السيد حسام الدين والممثلين المصريين الآخرين إن المجموعة كانت تحاول ببساطة كسب مزيد من المتابعين ولم تكن تسعى لتقديم بيان سياسي. ومع ذلك، فقد اتهمت السلطات الناشطين بالانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمويل الإرهاب، ونشر أخبار كاذبة، واستخدام حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتوى كاذب، على حد قولهم.

هذا، وولم يرد النائب العام المصري على طلبات للتعليق على الأمر.

تظهر مقاطع فيديو أخرى للسيد محمد حسام اسكتشات لممثلين يلعبون دور نجمي كرة القدم ذائعي الصيت كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، بالإضافة إلى طلاب وهم يمزحون أثناء تأدية امتحان افتراضي.

(أدت الأزمة الاقتصادية في مصر إلى تفاقم معدلات التضخم، المرتفع أساساً. سوق ليلي في الإسكندرية، مصر)

ويأتي اعتقال محمد حسام الدين في أعقاب حوادث مماثلة وقعت، حيث استهدفت السلطات المواطنين المصريين الذين ينشرون على مواقع تواصل مثل “تيك توك” و “ليكي”. وستعقد السلطات قريباً جلسات استماع قضائية لطلبات استئناف قدمتها نانسي أيمن صبحي ومودة فتحي رشاد، وهما شابتان كانتا قد نشرتا مقاطع فيديو لهما وهما ترقصان على “تيك توك” و “إنستجرام” و “يوتيوب”.

وقد حُكم على نانسي صبحي، التي كانت تستخدم الاسم المستعار “موكا حجازي” على مواقع التواصل الاجتماعي، بالسجن لمدة عام بتهمة الدعارة وسنتين بتهمة الدعوة للفجور. وحُكم على مودة رشاد، التي كان لديها ثلاثة ملايين متابع على “تيك توك” تستخدم  الاسم المستعار “مودة الأدهم”، بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة الاتجار بالبشر.

ورفضت كلتاهما التهم الموجهة لهما ودفعتا ببراءتهما، وفقا لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، وهي مجموعة حقوقية مقرها القاهرة مثَّلت “نانسي” و “مودة” أمام المحكمة.

وفي مارس الماضي، ألقت السلطات المصرية القبض على ثلاثة أشخاص (من أسيوط) بسبب نشر مقطع فيديو على موقع “تيك توك” قاموا فيه بتشغيل أغنية عاطفية مصرية تقليدية شهيرة لكنهم استبدلوا كلمات الأغنية بكلمات أخرى للإشارة إلى ارتفاع الأسعار (الزيت واللحوم). وقال إسلام سلامة، محامي المتهمين، إنه تم اتهام موكليه بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وأفرجت السلطات عن الأشخاص الثلاثة بعد أسابيع من اعتقالهم، لكن تلك التهم – التي ينفيها المتهمون- ما زالت معلقة، على حد قول السيد سلامة.

(محمد حسام الدين، أحد مشاهير التواصل الاجتماعي، والمعتقل حالياً بسبب فيديوهات قام بصناعتها ونشرها على الإنترنت)

وقال حسام بهجت، الناشط الحقوقي، إن لدى السيسي إدراك شديد لقوة وسائل التواصل الاجتماعي. فقد كان السيسي يشغل منصب مدير المخابرات العسكرية في عام 2011، عندما انتشرت الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي للإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، بما في ذلك عبر منصتَي فيسبوك وتويتر.

ومنذ توليه السلطة بشكل رسمي في عام 2014، دأب السيسي على التحذير مراراً من مخاطر الإنترنت وما وصفه بـ “الحرب” من خلال استخدام وسائل الإعلام والاتصال المختلفة لإحداث حالة من عدم الاستقرار في المجتمع، بما في ذلك بين الشباب.

وقد دأبت السلطات المصرية على مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي عن كثب بحثاً عن وجود أي معارضة سياسية، وبدأت بالفعل في اعتقال الأشخاص بسبب منشورات لهم على شبكة الإنترنت نشروها على مدى عقد من الزمان تقريباً. وفي الفترة التي سبقت قمة المناخ الدولية، “كوب27″، التي استضافتها مصر (وعّقدت في منتجع شرم الشيخ) الخريف الماضي، ألقى المسؤولون القبض على مئات الأشخاص الذين اشتُبه في ارتباطهم بدعوات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو لتنظيم احتجاجات على مستوى البلاد.

وتحتفظ مصر بجدار حماية للإنترنت يقوم بدوره بحجب مئات المواقع الإلكترونية، بما في ذلك معظم المنافذ الإخبارية المصرية المستقلة. ويقول نشطاء حقوق الإنسان إنه من غير المرجح أن تحجب السلطات المواقع واسعة الانتشار مثل منصة “فيسبوك”، حيث يتم قدر كبير من التجارة عبر الإنترنت، والتي تعتمد عليها السلطات أيضاً بشكل كبير في الدعاية وكذلك المراقبة.

وسمحت القوانين في السنوات الأخيرة للسلطات المصرية بملاحقة الأشخاص المنخرطين في صناعة المحتوى الذي ينتشر على نطاق أوسع بين المتابعين. واستخدم المسؤولون في مصر تشريعات تم سنُّها عام 2018 لمكافحة الجريمة المنظمة، من أجل استهداف أولئك الذين يُعتقد أنهم ‘ينتهكون قيم الأسرة المصرية’  أو ‘يسيئون للإسلام’ . وبحسب نشطاء، فقد صدرت أحكام قضائية قاسية بشكل خاص على الفتيات وكذلك الفئات الأخرى.

ويقول محامون ونشطاء حقوقيون إن السلطات تستخدم بشكل متزايد قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر عام 2015، والذي يُعرّف الإرهاب على أنه أي شيء يتعارض مع المصلحة الوطنية والسلامة العامة، بهدف مطاردة أشكال التعبير المختلفة، بما فيها غير السياسية بشكل واضح.

وأصبحت المنصات التي تنشر مقاطع الفيديو، مثل “تيك توك”، وسيلة للعديد من الشباب والفقراء من المصريين، لكسب عيشهم باستخدام كاميرا الهاتف المحمول والاتصال بالإنترنت فقط. وبالنسبة للأشخاص الذين غنّوا في أحد الفيديوهات عن ارتفاع الأسعار، فقد كانوا أصدقاء من الريف المصري، محافظة أسيوط، يأملون في جني الأموال من خلال الإعلانات التي تُنشر في ثنايا الفيديوهات التي يقدمونها على “تيك توك”، بحسب السيد إسلام سلامة، محامي المتهمين.

وأضاف سلامة: “لقد كانوا يطلقون على أنفسهم “ظرفاء الغلابة”. وكانوا بالفعل محظوظين حيث رأى ممثلو النيابة العامة أنهم كانوا يتصفون بالسذاجة في تقديمهم لهذا الفيديو.”

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close