fbpx
أسيا وافريقياالمشهد التركي

تطورات المشهد التركي 12 مارس 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد:

يتناول التقرير في هذا العدد أهم تطورات المشهد التركي خلال الفترة بين 2 و11 مارس 2016، والتي جاءت على النحو التالي:

أولاً: حدث الأسبوع: العلاقات التركية ـ الإيرانية

تأتي زيارة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو المفاجئة إلى طهران على قمة أحداث هذا الأسبوع في المشهد التركي؛ حيث تعد زيارة محورية لأنها تهدف إلى إعادة تشكيل سياسات المنطقة؛ حيث يخطط أوغلو من خلال هذه الزيارة إلى صياغة مرحلة جديدة في العلاقات مع إيران (ديلي صباح) وكذلك تدشين علاقات تجارية ممتدة معها (الجزيرة.نت) كما يهدف إلى تقليل التدخل الأجنبي في المنطقة وذلك عن طريق إيجاد صيغة تفاهم بين الجانبين لحل المشكلات المختلف عليها (روسيا توداي) ومن ثم حل أزمات المنطقة بالتعاون السياسي والاقتصادي بين هذين البلدين الكبيرين (الجزيرة.نت)، ويسعى أوغلو إلى رفع التبادل التجاري مع إيران إلى 50 مليار دولار وإزالة الحواجز الجمركية وتطوير وسائل النقل البرية والبحرية بين البلدين (ترك برس).

 

دلالات الزيارة:

ترى تركيا أن مشكلات المنطقة يجب حلها بالتعاون مع الدول الكبرى في الإقليم وعلى رأسها إيران والسعودية ومصر، وكانت هذه هي الرؤية الأولى لتركيا قبل اندلاع الربيع العربي، وما زالت هذه هي الرؤية التركية باستثناء التعاون مع مصر بعد الانقلاب، ولذلك فإن أحمد داود أوغلو استغل ظرف وقف إطلاق النار في سوريا وكذلك انتهاء الانتخابات التشريعية الإيرانية بالنظر إلى نتائجها التي زادت من حصة الإصلاحيين، وذلك لاستمرار النهج التركي الذي يهدف إلى التعاون في شتى المجالات مع دول الجوار؛ وهناك العديد من المشتركات التي تجمع بين تركيا وإيران، على رأسها:

  • ملف الطاقة حيث إن طهران تهدف إلى أن تضاعف صادراتها من النفط بعد رفع العقوبات عنها بعد الاتفاق النووي، وتركيا تهدف إلى أن تكون معبرًا للطاقة من إيران إلى أوروبا، وعلى رأس ذلك التعاون يأتي مشروع أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول (تاناب)1.
  • كما تهدف تركيا إلى رفع التعاون التجاري بين البلدين إلى 50 مليار دولار، باعتبار أن تركيا ستكون بوابة إيران لأوروبا، وكذلك تشجيع الترويج السياحي بين البلدين، وذلك لتعويض النقص في السياحة الروسية بعد حادثة إسقاط تركيا لطائرتها القاذفة التي اخترقت الأجواء التركية2.
  • كما تتقاطع المصالح التركية والإيرانية في تهدئة المنطقة بالتعاون بين الجانبين كما صرح بذلك النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري لوكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا)3.

وقرر الطرفان “إدارة الخلافات” بينهما بالتعاون في المناطق المشتركة مثل مواجهة الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، والتشاور حول القضايا الخلافية مثل بقاء الأسد والتعامل مع الأكراد وبقية فصائل المعارضة السورية.

وبالنظر إلى البرجماتية التي يتمتع بها الطرفان فمن المتوقع أن يعملان معا على تحقيق المصالح المشتركة، في مجالات الطاقة والتبادل التجاري ومشروع خط أنابيب الغاز عبر الأناضول (تاناب)، فيما تتبقى القضايا المذهبية ودعم الفصائل المسلحة على الأرض نقطة خلاف ربما يسمح تزايد التعاون بين البلدين إلى التوصل إلى حل مشترك فيما بينهما مستقبلاً. وهذا التعاون التركي الإيراني لن يؤدي بالضرورة إلى تقويض التعاون التركي السعودي في المجالات العسكرية والتعاون المشترك بينهما لدفع المليشيات الشيعية في سوريا، وكذلك الاتفاق بين الجانبين على ضرورة رحيل الأسد كجزء أساسي من الحل في سوريا.

وفي قراءة موازية لهذه القراءة، يري أحد الباحثين، أن بوادر التوافق بين تركيا وإيران حول سوريا منذ ان أخذت الحكومة الإيرانية قراراً بتغيير سفيرها في أنقرة مهمته إصلاح العلاقات الإيرانية مع تركيا. وقد استقبلت تركيا هذه الخطوة بترحاب شديد وذلك لتوافق الطرفين التركي والإيراني حول عده نقاط أهمها:

1-أن أضرار التدخل الروسي في سوريا لم تقف عند حدود الاعتداء على سوريا فقط، بل من الممكن ان تمتد على النفوذ الإيراني والتركي أيضاً حيث ان الأداة المستعملة لذلك هي الأحزاب الكردية الانفصالية الموجودة في العراق وفي سوريا وفي تركيا وفي إيران، وإذا استخدمت الورقة الكردية في إيران فإنها سوف تفتح ورقة الأهوازيين العرب والأذريين والبلوشيين وغيرهم لتقسيم إيران.

2-الرفض الإيراني للرؤية الروسية التي تهدف للهيمنة على سوريا أو تقسيمها، بعد أن تجاهلت روسيا إيران ووقعت الاتفاق مع أمريكا دون أخذ رأي إيران أولاً، وروسيا تطالب إيران أن تخضع لأوامرها واتفاقها مع أمريكا وهذا يفرض أن تواجه الدولتان (إيران وتركيا) مشاريع التقسيم معاً، ونقطة البداية ومعيار النجاح قد تبدأ من سوريا ومنع تقسيمها.

وبالتالي تبدو أهمية التفاهم التركي الإيراني في إيجاد حل سياسي في سوريا غير التفاهم الروسي الأمريكي، الذي قد يؤدي إلى إضعاف تركيا وإيران ودول المنطقة أيضاً بما فيها السعودية ودول الخليج النفطية.

3- النقطة الأساسية التي ينبغي أن يدور عليها التقارب التركي الإيراني: هو منع استخدام الأحزاب الكردية الإرهابية في تقسيم سوريا أولاً، وبالتالي منع استخدامها ورقة ضغط على الأمن القومي التركي داخليا وخارجيا معاً، أي إن القيادة الإيرانية مطالبة أن تضع يدها بيد القيادة التركية لمنع استغلال الأحزاب الكردية الانفصالية أداة في تقسيم سوريا أو لإضعاف تركيا أو إضعاف إيران، وهذه مسألة تستطيع الحكومة الإيرانية أن تعمل عليها بنفسها بوقف دعمها لحزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، ومن خلال التفاهم مع بشار الأسد، الذي يرفض التقسيم في سوريا، وفي المقابل فإن تركيا تستطيع أن تقدم لإيران تعاوناً في حل الخلاف الإيراني السعودي، الذي أخذت السعودية تتخذ فيه خطوات جديدة وجدية ضد إيران في المنطقة.

وفي حال نجح التقارب الإيراني التركي، ونجحت تركيا في تحسين العلاقات الإيرانية السعودية فان لذلك انعكاسات على النظام السياسي في مصر. أهمها إغلاق الساحة الإقليمية أمام النظام السياسي المصري والذي كان يتحرك فيها من أجل تحقيق مكاسب سياسية نتيجة لإبتزاز بعض الدول مثل السعودية، أو قد يحدث العكس ويزيد من احتمالات الارتباط بين مصر والسعودية على حساب علاقات تركيا والسعودية، إذا كان التحرك التركي الأخير تجاه إيران تم بمعزل عن السعودية.

 

ثانياً: تطورات السياسة الخارجية التركية

1ـ جولة أردوغان في غرب إفريقيا:

من أهم التحركات التركية في سياستها الخارجية خلال هذا الأسبوع كانت تلك الزيارة التي قام بها رجب طيب أردوغان إلى عدة دول في غرب القارة السمراء، والتي تأتي استكمالاً لرؤية تركيا بالانفتاح على إفريقيا والتي بدأتها أنقرة في 2005، برؤية متكاملة للتعاون مع بلدان إفريقيا؛ والهدف رفع التبادل التجاري بين تركيا ودول غرب إفريقيا من 25 مليار إلى 50 مليار دولار، وذلك بعد افتتاح أول قاعدة عسكرية تركية شرق إفريقيا في الصومال بهدف مقاومة أعمال القرصنة البحرية. واشتملت جولة أردوغان على خمس دول بدأها بساحل العاج، وهي الزيارة الأولى على مستوى رئاسة الجمهورية التركية لتلك الدولة، في تلك الجولة التي ستشمل ساحل العاج وغانا ونيجيريا وغينيا4.

دلالات الزيارة:

تعمل الدولة التركية على تنويع مصادر دخلها وتبادلها التجاري بحيث لا تعتمد على شريك تجاري واحد، وقد بدت تلك السياسة مفيدة لتركيا لاسيما بعد التوتر في العلاقات مع روسيا والتي تعتبر واحدة من أهم الشركاء التجاريين لأنقرة، وقد استطاعت تركيا أن تمتص النتائج السلبية لتوتر العلاقات بين الجانبين بسبب ذلك الانفتاح التركي على مختلف دول العالم، فبالرغم من عدة إجراءات عقابية اتخذتها روسيا كرد على إسقاط تركيا لطائرتها العسكرية، إلا أن تركيا استطاعت أن تتغلب جزئيًا على ذلك بهذا الانفتاح التجاري على مختلف دول العالم.

حيث دشنت حكومة العدالة والتنمية في عام 2005 الشراكة الاستراتيجية مع إفريقيا، ومن ذلك الحين رفعت تركيا عدد السفارات في إفريقيا من 12 إلى 39 سفارة، وقام أردوغان بزيارة لدول شرق القارة العام الماضي، ليأتي ذلك العام بتلك الزيارة الموسعة لدول غرب القارة، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى حوالي ستة مليارات دولار، وتمتلك الشركات التركية في عموم أفريقيا استثمارات بقيمة 6.2 مليارات دولار. كما ساهمت تركيا عام 2013 في مشاريع إغاثة رسمية بأفريقيا بقيمة 781.2 مليون دولار، وشكل هذا المبلغ ربع ميزانية المساعدات الخارجية التركية لذلك العام5.

وتهدف تركيا إلى إرساء البنية التحتية التجارية لرجال الأعمال الأتراك، توطئة لقدومهم وتشجيع زيادة استثماراتهم في إفريقيا جنوب الصحراء، كما تهدف تركيا إلى تعزيز قوتها الناعمة في القارة التي نسبة كبيرة من سكانها مسلمون، والاستفادة كذلك من القوة التصويتية لبلدانها في التجمعات الدولية والمنظمات العالمية، كما تعمل تركيا على فتح أسواق جديدة لتسويق بضائعها ومنتجاتها في الأسواق الإفريقية الواعدة والتي تشهد نموًا في اقتصاديات دولها في العقد الأخير.

وفيما يتعلق بالبعد القيمي في السياسة الخارجية التركية فإن زيارة أردوغان تزامنت مع إعلان جمعيات خيرية تركية صغيرة، بتقديم المساعدات الإنسانية إلى أفريقيا والبلدان الأخرى، إلى جانب المنظمات والمؤسسات ذات الميزانيات العالية، كالهلال الأحمر التركي، ووقف الديانة التركي، وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية، وغيرها6، كما تعتزم هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH )، بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية، حفر 36 بئرًا للماء في الصومال، بكلفة تبلغ 6 ملايين و120 ألف دولار، وقال نائب رئيس الهيئة، ياووز دادا، السبت، إن “البنك الإسلامي للتنمية يتولى تمويل المشروع، والهيئة تقوم بتنفيذه في الصومال”، مشيرًا أن عمق الآبار سيتراوح ما بين 300 و500 مترًا7.

 

2ـ أردوغان يستقبل رئيس المجلس الأوروبي للتحضير للقمة التركية الأوروبية

استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة، رئيس المجلس الأوربي “دونالد توسك”، وتطرق خلال لقائه إلى أزمة اللاجئين، وكيفية تعامل الغرب معها (ترك برس)، كما بحث وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في اتصال هاتفي مع نظيره النمساوي، سيبستيان كورتس، تحضيرات القمة التركية – الأوروبية التي عقدت الإثنين، في العاصمة البلجيكية بروكسل (تي آر تي العربية)، والتي قدمت فيها تركيا مقترحات جديدة للحد من الهجرة غير الشرعية (ترك برس)

دلالات الزيارة:

في هذه الزيارة أكد الرئيس أردوغان مرة ثانية على البعد القيمي في السياسة الخارجية التركية؛ حيث أفاد أردوغان في حديثه لـ توسك بأن تركيا لم ولا تنتظر شيئا من الغرب، فيما يخص أزمة اللاجئين، وأضاف: “سواء أعطى الاتحاد الأوروبي 3 مليار دولار أم لم يعطِ نحن استمرينا في استقبال اللاجئين، وتركنا أبوابنا مفتوحة، وسنتركها مفتوحة في المستقبل، ولكن المطلوب من الغرب قليل من الوجدان، تمنينا أن نتعاون في هذا المجال، ولكنكم ادعيتم أن تركيا تقوم بتوجيه اللاجئين نحو أوروبا، بدلا من هذه الادّعاءات، ضعوا أيديكم بأيدينا لإيجاد حل فعلي لهذه الأزمة”8.

وأكد أردوغان أن بلاده تستقبل اللاجئين في إطار منظومتها القيمية والأخلاقية وليست بانتظار معونة من أحد، وذلك في إطار عملية التفاوض بين كل من تركيا والاتحاد الأوروبي حول إعادة فتح المحادثات لانضمام تركيا للاتحاد مقابل تحمل تركيا عبء اللاجئين على أراضيها ومنعهم من الانتقال إلى أوروبا، نظير تعهد بروكسل بدفع تعويضات لتركيا وتسهيل دخول الأتراك إلى الاتحاد الأوروبي، وجاءت الزيارة استعدادًا للقمة التركية الأوروبية التي بدأت 7 مارس 2016.

 

3ـ قمة تركية يونانية في إطار مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين:

وصل رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، الثلاثاء 8 مارس، إلى مدينة إزمير التركية، للمشاركة في الاجتماع الرابع لمجلس التعاون الإستراتيجي بين البلدين. وكان في استقبال تسيبراس، في مطار عدنان مندريس بإزمير، وزير الاقتصاد التركي مصطفى إليطاش، والتقي تسيبراس في إزمير، رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، من المقرر مشاركتهما على مستوى الوفود في الاجتماع الرابع لمجلس التعاون الإستراتيجي المشترك بين البلدين(تي آر تي العربية).

تأتي هذه الزيارة في إطار مجلس التعاون الاستراتيجي في البلدين، إلا أنها تعقد في ظروف استثنائية حيث يستعد الطرفان لتنفيذ توصيات القمة التركية الأوروبية بشأن اللاجئين ويأتي ذلك تزامنًا مع تكثيف حلف شمال الأطلسي (الناتو) من دورياته البحرية في المنطقة الحدودية بين تركيا واليونان، وقال الأمين العام للناتو أن السفن التابعة للحلف ستأخذ مكانها في بحر إيجة لمساعدة السلطات التركية واليونانية، مؤكدا على أن هذه السفن لن تتعقب قوارب اللاجئين، إنما ستقوم فقط بمساعدتها لدى إرسالها نداءات الإستغاثة. كما أوضح ستولتنبرغ أن الحلف اتخذ قرارا بتكثيف عمليات المراقبة على الحدود التركية السورية9.

 

ثالثاً: تطورات السياسة الداخلية:

1ـ وزير الدفاع التركي: تركيا جاهزة للحرب”

أكّد وزير الدفاع التركي “عصمت يلماز” أنّ بلاده في الفترة الحالية تعيش ذروة قوتها العسكرية وهي جاهزة لخوض أية حرب، قائلاً: “ليكن الجميع على ثقة تامة، بأنّ تركيا اليوم أقوى بكثير مما مضى، وإننا جاهزون للحرب” (ترك برس).

وهذا التصريح موجه للداخل التركي وللخارج على حد سواء، كما أنه موجه لكل من الأكراد ممثلين في حزب العمال الكردستاني والاتحاد الديموقراطي الكردستاني، وكذلك إلى الدولة الروسية، ويفيد ضمنًا بالانتشار البري للقوات التركية في حال تعرضت مصالحها للخطر؛ كما تطرق كذلك وزير الدفاع إلى تعثر عملية المصالحة الوطنية الجارية مع الأكراد، وألقى باللائمة عليهم للجوئهم إلى العنف بعدما قدمت الدولة أياديها ممدودة بالسلام إليهم، وأضاف أن تركيا عازمة على استئصال جذور الإرهابيين في كافة أنحاء البلاد، وأنّ العمليات العسكرية الجارية في بعض المناطق الجنوبية والشرقية، تجري ضمن إطار القانون. وفيما يتعلق بالرسالة إلى الجوار وإلى روسيا أضاف وزير الدفاع أن وزارته تعمل على زيادة القوة العسكرية، وأنّ تركيا ستكون أقوى في المستقبل، وأنها تسير بخطى حثيثة نحو هذا الاتجاه.

ويصب هذا التصريح كذلك في اتجاه التعاون العسكري مع السعودية، والتي تجري مناورات رعد الشمال مع عشرين دولة، والتي يمكن أن تتحول إلى أي لحظة إلى اجتياح بري شامل لمناطق شرق سوريا وربما يتزامن ذلك في مرحلة ما مع اجتياح تركي للشمال الكردي في سوريا أيضًا، وهو ما يرسل تهديدات مباشرة لكل من الأكراد والدولة الروسية على حد سواء.

 

2ـ أردوغان وداود أوغلو يشاركان في احتفالية جسر إسطنبول (الأناضول)

يأتي هذا الجسر كعلامة على التطور الاقتصادي والمعماري الذي شهدته تركيا في عهد العدالة والتنمية؛ حيث إنه ليس مجرد جسرًا يربط بين قارتي آسيا وأوروبا، فهو الثالث من نوعه فوق البسفور والذي يربط بين شطري ولاية إسطنبول، كما أنه الجسر المعلق الأعلى ارتفاعًا في العالم، وهو الأعرض في العالم حيث يحتوي على عشر مسارات وخط سكة حديد، ويحمل اسم السلطان ياوز سليم (سليم الأول) ويأتي كذلك في إطار سعي الحزب لاستعادة التاريخ العثماني والهوية الإسلامية للبلاد، هذا بالإضافة إلى المشاريع المعمارية الكبرى الأخرى مثل نفق أوراسيا ومشروع جسر “خليج إزميت” الذي يختصر المسافة بين مدينتي إسطنبول وإزمير، وهو يؤكد على الانتعاشة الاقتصادية والمعمارية التي تشهدها البلاد وينشط حركة التجارة ونقل البضائع والأفراد، وينضم إلى منشآت معمارية ضخمة أنشئت في عهد الحزب، ويضيف زخمًا لشعبية الحزب وتقوية موقفه الانتخابي.

 

3ـ داود أوغلو: تعيين وصي على صحيفة زمان إجراء قانوني (تي آر تي العربية)

يأتي هذا التصريح في إطار الصراع بين حزب العدالة والتنمية وجماعة الخدمة “فتح الله غولن” التي تنتمي إليها الصحيفة، أو “الكيان الموازي” الذي تشير مصادر قضائية تركية أنه يعمل على تقويض الدولة التركية والمصالح العليا للبلاد، حيث أصدرت محكمة الجزاء السادسة في إسطنبول، قرارًا بتعيين أوصياء على شركة “فيزا” الإعلامية، التي تضم صحيفة “زمان”، بتهمة العمل لصالح منظمة “فتح الله غولن”، والتي تتهمها الحكومة بدعمها لجماعات مسلحة معادية للدولة وكذلك تغلغلها في مؤسسات القضاء والشرطة حتى أصبحت “كيانًا موازيًا” تناهض الدولة ولها “جواسيسها” في مختلف مفاصل الدولة التركية.

وتأتي تلك الخطوة من أجل تقويض شعبية الجماعة التي لها أذرع إعلامية وقد انخفضت مبيعات الجريدة بصورة حادة بعد قرار تعيين وصي عليها، كما أغلقت الحكومة في السابق عدة قنوات تليفزيونية تابعة لجماعة غولن، ويعتبر ذلك الإجراء خطوة جديدة من الحكومة التركية نحو بسط نفوذ الحزب على الحياة السياسية في البلاد تمهيدًا لإجراء إصلاحات دستورية وتشريعية مرتقبة.

 

4ـ افتتاح معرض إسطنبول الدولي الثالث للكتاب بمشاركة عربية:

افتتح معرض إسطنبول الدولي الثالث للكتاب، الجمعة 4 مارس 2016، بمشاركة دور نشر من 19 دولة حول العالم، وقسم خاص للمنشورات العربية شاركت فيه دول مصر وفلسطين ولبنان واليمن والأردن وتونس والسعودية وسوريا، ويُنظم المعرض الذي تشارك فيه 104 دور نشر ممثلة عن ١٩ دولة، فضلاً عن نحو 600 جهة تركية، تحت شعار “عالم خالٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة”.

وترعى المعرض إلى جانب وكالة الأناضول، جمعيات ومؤسسات أهلية تركية، (تركيا الآن). ويتضمن المعرض جناحًا للكتب العربية، شاركت فيه نحو 75 دارًا عربية وتركية (الأناضول).

ويأتي هذا الحدث تماشيًا مع الرؤية التركية بتحولها إلى دولة مركز وليست دولة أطراف في المنطقة، وهذا المعرض يرسخ القوة الناعمة لتركيا من حيث استضافته لمثل تلك الفعالية الثقافية الهامة، والتي لا تزال في بدايتها في تلك النسخة الثالثة من المعرض، ولكن بإمكانيات الدولة التركية من المتوقع أن يرسخ هذا المعرض أقدامه في المنطقة ويجتذب إليه المزيد من دور العرض من عدة دول على مستوى العالم في السنوات المقبلة، كما أن لتركيا ميزة تنافسية غير موجودة في الدول المجاورة، وهي قدرتها على استضافة دور العرض غير المسموح لها بالنشر في بعض دول الجوار، وكذلك الأعمال الفكرية التي تتعلق بطبيعة أنظمة الحكم في المنطقة وقدرتها كذلك على استضافة المعارضين وأصحاب الرأي والفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، لذلك فإن الكثيرين يذهبون لذلك المعرض بحثًا عن الكتب غير المسموح له بالنشر في بعض البلدان العربية، مما يرفع من سقف الحرية في ذلك المعرض على مستوى المطبوعات وكذلك على مستوى الندوات الفكرية والبحثية التي تجرى على هامشه.

 

رابعاً: موقع مصر في المشهد التركي:

كان الحدث الأبرز هذا الأسبوع هو تلك الزيارة التي قام بها داود أوغلو إلى طهران، والتي تثبت القدرة الكبيرة للنظام التركي على المناورة بالرغم من العلاقات التي شابتها الكثير من الشوائب بين البلدين في الفترة الأخيرة لاسيما الخلاف حول الملف السوري، لكن النظام التركي استغل مناسبة رفع العقوبات عن طهران وكذلك الأجواء التي خلفتها الانتخابات التشريعية الإيرانية تزامنًا مع عقد الهدنة السورية، من أجل تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين وكذلك محاولة إدارة الخلاف حول الملف السوري فيما يحقق مصلحة الطرفين والاستفادة من انفتاح إيران على الأسواق العالمية وقدرتها على تصدير الغاز والنفط من جديد، وهو ما تحتاجه تركيا من أجل تعويض النقص في التبادل التجاري مع روسيا، وكذلك محاولة من تركيا للاستفادة من قدرات الطاقة الإيرانية لتحويل تركيا إلى معبر لها إلى أوروبا وتحقيق الاستفادة المتبادلة بين البلدين.

إلا أن تنامي ذلك المحور التركي الإيراني، في ظل التقارب التركي السعودي، سيؤدي إلى تهميش الدور المصري بصورة كبيرة وسيقلل من قدرته على المناورة على الساحة الإقليمية، وسيعطي مزيدًا من الزخم لأنقرة وفرض نفسها كلاعب محوري في حل صراعات المنطقة، حيث تجتمع الخيوط لدى أنقرة وأصبح الثقل الإقليمي ينتقل إلى الشمال بعدما كانت القاهرة عاصمة صنع القرار العربي، إلا أنه مع تواري الجامعة العربية فإن تركيا أصبحت الآن قبلة لمختلف الأطراف لحل المشكلات الإقليمية، ولا يمكن لروسيا أن تتجاهل تركيا في أية حلول مستقبلية فيما يتعلق بالملف السوري نظرا للقرب الجغرافي التركي وقاعدة أنجرليك التي تعد محورية في الصراع وتمثل تهديدًا لمحاولات الهيمنة الروسية على الملف السوري، مما يجعل القاهرة لاعبًا ثانويًا حيث تشارك بقوات في مناورات رعد الشمال ضمن القيادة السعودية التي بدأت تفرض نفسها كقيادة إقليمية جديدة تتحرك في المنطقة الواقعة من اليمن جنوبا وحتى سوريا شمالا.

———————————–

الهامش

1 التعاون الاقتصادي والطاقة. الأبرزان على أجندة زيارة داود أوغلو إلى إيران، ديلي صباح، 5 مارس 2016، الرابط
2 داود أوغلو: نسعى إلى رفع التبادل التجاري مع إيران إلى 50 مليار دولار، 06 مارس 2016، ترك برس، الرابط
3 نقلا عن ديلي صباح ووكالة الأنباء الألمانية: إيران: نعتزم التحرك نحو استقرار المنطقة بإدارة الخلافات مع تركيا، 5 مارس 2016، الرابط
4 الرئيس أردوغان يتوجه إلى ساحل العاج، الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية التركية، 28 فبراير 2016، الرابط
5 أردوغان بأفريقيا. ضرورات الاقتصاد وقيود السياسة، الجزيرة.نت، 4 مارس 2016، الرابط
6 جمعيات تركية صغيرة تدعم المحتاجين في دول أفريقية، تي آر تي العربية، 5 مارس 2016، الرابط
7 الصومال. هيئة الإغاثة التركية تعتزم حفر 36 بئرًا للماء، تي آر تي العربية، 5 مارس 2016، الرابط
8 أردوغان لـ دونالد توسك: المطلوب من الغرب قليل من الوجدان، ترك برس، 05 مارس 2016، الرابط
9 داود أوغلو: قدمنا مقترحا جديدا للاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة غير الشرعية، ترك برس، 07 مارس 2016، الرابط
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close