fbpx
مجتمعترجمات

إيكونوميست: مصر لا تستحق الإنقاذ، لكنها يجب أن تحصل عليه

نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية في 1 فبراير 2024 مقالاً بعنوان: ” مصر لا تستحق الإنقاذ، لكنها يجب أن تحصل عليه”، حيث تؤكد المجلة الاقتصادية البريطانية أن الشرق الأوسط لا يستطيع أن يتحمل انهيار مصر، الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في المنطقة.

وقد جاء المقال على النحو التالي:

بينما تعتمد احتمالات الحرب أو السلام في الشرق الأوسط على العديد من الجهات الفاعلة، مثل: الولايات المتحدة والحوثيين وإيران وإسرائيل والفلسطينيين والسعودية، وغيرها، إلا أن هناك دولة واحدة تُعتبر أكثر أهمية مما يتصور معظم الناس، ألا وهي: مصر.

إنها دولة ضخمة، حيث يبلغ عدد سكانها 110 ملايين نسمة. وهي أيضاً تدير قناة السويس، وتشترك في الحدود البرية مع غزة، وتحافظ على معاهدة سلام مع إسرائيل، وساعدت في التوسط في محادثات السلام. ولا يزال بإمكان مصر أن تلعب دوراً حيوياً للمساعدة في ضمان إقامة دولة للفلسطينيين وتوفير الأمن في قطاع غزة.

ولذلك، فإذا انهارت البلاد، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من زعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله. ومثل هذا الانهيار في الحقيقة هو أمر محتمل إلى حد مخيف، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة مالية متصاعدة. “وعلى الرغم من أن نظامها العاجز لا يستحق الإنقاذ، إلا أن مصر يجب أن تحصل عليه” من أجل ما كل سبق.

وعبد الفتاح السيسي، الذي يقود البلاد، هو رجل متجبر قاد انقلاباً (على الحكومة المنتخبة) في عام 2013 وتولى الرئاسة في العام التالي. لقد أثبت أنه شديد السوء في إدارة الاقتصاد. وفي العقد الماضي، شددت الاحتكارات التي يديرها الجيش وأعوانه قبضتهم على اقتصاد مصر الضعيف بالفعل. لقد أصبح الإنفاق في خدمة الجنرالات.

وأدى ذلك إلى فرار المستثمرين الأجانب. ولا يزال العجز المالي وعجز ميزان المدفوعات مستمراً. وقد اقترض السيسي أكثر مما ينبغي له: فأصبح الدين العام يبلغ 89% من الناتج المحلي الإجمالي؛ والدين الدين الخارجي 37%. ومع ذلك فقد أنقذ صندوق النقد الدولي حكومته أربع مرات. ودائماً ما يعد السيسي بعمل إصلاحات اقتصادية، ثم لا يفعل من ذلك سوى النذر القليل جداً.

وقد أدت تداعيات الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة إلى جعل الأمور أسوأ بالنسبة لمصر. في الظروف العادية، تحصل البلاد على إيرادات سنوية من العملة الصعبة تبلغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي من تشغيل قناة السويس، وتضيف عائدات السياح الأجانب 3% أخرى من الناتج المحلي الإجمالي. وقد تقلص كلا مصدري النقد بشكل كبير بعد اندلاع الحرب.

وسعر الصرف الرسمي الذي يبلغ 30 جنيها مصريا للدولار هو مجرد سراب. ويبلغ سعر الصرف في السوق السوداء، الذي يعكس ما سيدفعه المشترون الراغبون في ذلك، 70 جنيهاً. وبينما تحتاج البلاد إلى خفض قيمة عملتها رسمياً، إلا أن القيام بذلك يعني أن قيمة ديونها بالدولار سوف ترتفع بالنسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي. كما سيؤدي ذلك إلى رفع أسعار المواد الغذائية، وخاصة الحبوب، التي تستورد مصر معظم احتياجاتها منها.

ولو كان المنطق الاقتصادي هو الاعتبار الوحيد في المسألة، لكان من الممكن وصف دواء مر لمصر (لحل أزمتها). إن أي إقراض إضافي من قبل صندوق النقد الدولي أو الحكومات الأجنبية سيكون مشروطًا بإعادة هيكلة ديونه، والعيش في حدود إمكانياته، وإخراج الجيش من الأعمال. ومع ذلك، فإن مثل هذه الإجراءات التقشفية ستكون خطيرة للغاية.

وقد تمضي مصر سنوات من التخلف عن السداد (الإفلاس)، وهي منطقة محايدة ماليا: فالصين، ثالث أكبر دائن لها، تعمل تماماً على منع إعادة هيكلة الديون. وبذلك سيواجه السيسي صعوبة في إطعام شعبه أو دفع رواتب موظفيه الحكوميين. وربما يطلق الشباب المحبطون في مصر احتجاجات حاشدة، وهو ما قد يقابل بالقمع العنيف.

وسيكون من الصعب احتواء أي اضطرابات (تندلع في البلاد). وتمثّل الجماعات الجهادية بالفعل مشكلة خطيرة في شبه جزيرة سيناء المصرية، المتاخمة لـ “إسرائيل” (فلسطين المحتلة) وغزة. ويمكن أن ينتشر ذلك إلى المدن الأخرى، مما يهدد حكومة عبد الفتاح السيسي. إن الشرق الأوسط الكبير، الذي يحترق بالفعل حالياً، لا يستطيع أن يتحمل اندلاع حريق في مصر أيضاً. وعلى أقل تقدير، فإن ذلك سيجعل مصر غير قادرة على المساعدة في لعب دور الوساطة بين “إسرائيل” والفلسطينيين أو تنفيذ اتفاق سلام بينهم.

لذا يتعين على العالم (على غير رغبة منه) أن يمسك أنفه وينقذ مصر مرة أخرى. فربما تحتاج البلاد إلى ما لا يقل عن 10 مليارات دولار من التمويل قصير الأجل لتجديد ديونها وتخفيف صدمة الانخفاض الكبير في قيمة العملة. ويجب على الدول الغربية وصندوق النقد الدولي ودول الخليج العربي الثرية أن تتدخل لإنقاذ الموقف.

وفي المقابل، يجب عليهم الضغط علناً على الجيش للتخلي عن قبضته على الاقتصاد. ومع ذلك، فسيفعلون هذا الأمر وهم على دراية تامة بأنه من غير المرجح أن يمتثل الجيش لقرارات من هذا القبيل، خاصة وأن السيسي هو نفسه جنرال سابق. ومع ذلك، فإن مصر لن تزدهر أبداً حتى يفسح العسكر الطريق للجميع، وأن يشعر عموم المصريين العاديين بآثار ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close