fbpx
قلم وميدان

الطريق المسدود: تقييم السياسات الاقتصادية للجنرال السيسي (3)

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

فى دراسة تحليلية أعدتها إحدى منظمات حقوق الإنسان فى مصر، وهى المبادرة الشخصية لحقوق الإنسان حول الدين الخارجي لمصر، استخلصت نتائج جديرة بالتسجيل والتنويه، ومن أبرزها: 

1ـ زاد الدين الخارجي في شكل قفزات منذ عام 2013، 2016، حتى عام 2020، وبلغت نسبته حوالي 35% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، مقابل 15% في عام 2010. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل تلك النسبة إلى 38% بحلول 2023. أشارت الدراسة إلى أن مصر قد اعتمدت على الاقتراض الخارجي لمواجهة تبعات كورونا، والتي تضمنت باﻷساس خروج المضاربين في أوراق الدين العام قصير اﻷجل، وكذلك ضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي، وإيرادات السياحة.

وكانت أهم أدوات الاقتراض عام 2020 هي أذون الخزانة (قصيرة اﻷجل)، والتي بلغت 26 مليار دولار في يناير 2021، يليها صندوق النقد الدولي والذي بلغ حوالي 8 مليار دولار. وقد ترتب على ذلك أن قفز الدين الخارجي قفزة كبيرة (لا يظهر سوى نصفها في البيانات المنشورة عن البنك المركزي). وتنوعت آجال سداده. كما كان سعر الفائدة على الدين اﻷعلى عالميا (ضمن مؤشر بلومبيرج الذي يضم 50 دولة ناشئة)، وهو ما يعكس معدلا عاليا لخطر التعثر في السداد.

2ـ شهدت هذه الفترة أمرين مثيرين للقلق، الأولى هو تنامي حصة القروض متوسطة وقصيرة الأجل، والثاني هو تآكل نصيب الحكومة المركزية من إجمالي محفظة القروض الخارجية. وكلا الأمرين يدلان من ناحية، على أنها استدانة “لسد الخانة” وليست الاستدانة المخططة بغرض التنمية؛ ومن ناحية أخرى، فإنها استدانة مخفية، لا يظهر سوى نصفها فقط في الموازنة العامة.

3ـ مع نهاية عام 2016، شهد تسارع وتيرة الاقتراض الخارجي، وذلك بالتزامن مع توقيع مصر لاتفاقية التمويل الممتد مع صندوق النقد الدولي، والذي بلغ 12 مليار دولار على ثلاثة سنوات. حيث كان أحد شروط الصندوق أن تدبر مصر تمويلا خارجيا يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف ما يقدمه الصندوق سنويا، حتى يوافق على القرض. ودبرت مصر حينها ما يقارب حوالى 20 مليار دولار. من خلال طبع البنكنوت والنزول إلى سوق شراء العملات الأجنبية بأعلى سعر (قارب 20 جنيها للدولار الواحد)، ثم تكرر نفس الشرط في عام كورونا (2020) حين طلبت مصر الحصول على قرض يقدر بـ 5.2 مليار دولار مقابل اتفاق الاستعداد الائتماني، ومن قبله التمويل الطارئ في مايو 2020 بمبلغ 1.8 مليار دولار ”يخفف كل من الاتفاقين من عبء الاحتياجات التمويلية، كما يساعدان في تعبئة وسائل أخرى من أجل سد ما يتبقى من الفجوة التمويلية”.

4ـ تجدر الإشارة إلى أن البيانات الرسمية المعلنة صارت تعاني من عدم الاتساق، وعدم الترابط والتأخر في النشر بالشهور، بلغ حوالي عاما كاملا في حالة تقرير الوضع الخارجي لمصر الصادر عن البنك المركزي، ويبلغ خمسة أشهر في التقرير الشهري للبنك المركزي. وهي كلها من علامات نقص الشفافية.، على نفس المنوال، أعلن البنك المركزي في بيان صحفي عن حجم الديون في سبتمبر 2020 خلال شهر يناير 2021، أي بتأخير أربعة أشهر. ولم تشمل النشرة الشهرية لشهر نوفمبر رقم(283 )، والتي صدرت في نهاية ديسمبر 2020 أي إشارة لرقم الدين الخارجي ولا تفاصيله. و ”كشف البنك المركزي المصري، عن ارتفاع الدين الخارجي لمصر بنحو 1.847 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2020/2021، ليصل إلى 125.337 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2020، مقابل 123.490 مليار دولار بنهاية يونيو 2020”.

5ـ بالنسبة لمصادر القروض الخارجية، فإن تركيبة الدائنين تتسم بالتنوع الكبير، ومن ثم تنوع الشروط وآجال السداد وأسعار الفائدة. إلا أن المعلومات المتاحة عن تلك الشروط غير كافية للحكم على سهولة السداد، فيما عدا القروض من المؤسسات الدولية والسندات، والتي تعلن معدلات الفائدة عليها. وفي حالة المؤسسات الدولية، تعلن معظم شروطها وتعلن باللغة الإنجليزية فقط. وقد ظلت مصر معتمدة على الدول العربية (ودائع السعودية والإمارات والكويت لدى البنك المركزي)، وعلى المؤسسات الدولية مثل البنك والصندوق الدوليين.

6ـ الحقيقة أن حجم القروض الخارجية أكبر مرتين من الديون المعلنة، حيث يلاحظ أن حجم القروض الخارجية الجديدة الذي يظهر في الموازنة العامة لا يتجاوز 7 مليار دولار، بينما زاد الدين الخارجي بحسب بيانات البنك المركزي بمقدار 14.5 مليار في عام 2019/2020، أما المبلغ الإجمالي للقروض الخارجية فأكبر من الرقم المعلن أيضا (البالغ 123.5 مليار دولار)، حيث تضاف إلى هذا المبلغ أذون الخزانة المملوكة من غير المقيمين، وهي قروض بالجنيه المصري قصيرة الأجل، أي واجبة السداد خلال أقل من سنة، لكن أولئك المضاربين غير المقيمين حين يستردون قيمة أموالهم، إضافة إلى ما ربحوا من الفوائد، يستبدلون تلك الأموال بالدولارات وبالعملات الأجنبية بغرض تحويلها إلى الخارج. وتسمى تلك العملية حديثا بعمليات المراجحة carry trade، وهي ما كانت تعرف باﻷموال الساخنة، وهي المضاربة التي تستفيد من التفاوتات في معدلات الفائدة بين البلدان. وفي لحظات الأزمات، يكون هؤلاء المقرضين “أول من يترك الحفل”، يلوذون بدولاراتهم لتخلق تلك العمليات نقصا في العملة الصعبة داخل مصر، ومن ثم ضغوطا في اتجاه تخفيض قيمة الجنيه.

وهكذا تخلص الأجانب من 60% من أذون الخزانة التي اشتروها من السوق المصرية، أثناء الإغلاق الجزئي في الفترة بين مارس ومايو 2020، بسبب التخوف من الأخطار الاقتصادية التي قد تصيب العالم مع انتشار جائحة كورونا، مما أدى إلى خروج موارد دولارية تقدر بحوالي 18 مليار دولار. 

إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة التي تقدمها السلطات المصرية سرعان ما أغرى الأجانب بالعودة إلى إقراض الحكومة عن طريق شراء أذون الخزانة، سعيا وراء ارتفاع الأرباح (رغم تصنيف مصر بلدا مرتفع المخاطر، إلى جانب جنوب أفريقيا وتركيا)، حيث تمنح مصر أعلى عائد حقيقي على أذون الخزانة بين 50 من دول العالم التي تتابعها وكالة بلومبرج في هذا اﻹطار. كما عزز من ظاهرة العودة توقيع الاتفاق مع صندوق النقد على قرض جديد بمبلغ 5.2 مليار دولار.

وهكذا، تبلغ قيمة القروض بالعملة المحلية المملوكة للأجانب في يناير 2021 ما يعادل 26 مليار دولار، بحسب تصريحات وزير المالية، وهي قروض ينبغي جمعها مع الاقتراض الخارجي، لأن حائزيها غير مقيمين وسدادها يتم بالدولار، ومن ثم يمثل عبئا على سوق الصرف.

7ـ يعاب على سياسات الاقتراض الخارجي خلال السنوات السبع الأخيرة أن الحكومة المركزية لم تعد وحدها المسؤولة عن القروض الخارجية، بل هناك عدد من الجهات الحكومية الأخرى وبالتالي يصعب تتبع الدين الخارجي، لأن معظمه لا يظهر في الموازنة العامة كما ذكرنا. كما أن البرلمان لا يناقش تلك القروض في كثير من الحالات، ولا تحصل بالتالي على موافقته ولا تحظى بمراقبته، وذلك بالمخالفة للدستور. كما يلاحظ أن الحكومة المركزية لا تستفيد سوى بحصة صغيرة من الاقتراض الخارجي، لا توجه إلى مشروعات مدرة للعوائد الدولارية، كما لا يوجه إلى أولويات الإنفاق الاجتماعي مثل التعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية. 

8ـ بينما كانت الحكومة المركزية مسؤولة عن أكثر من 90% من الاقتراض الخارجي في عام 2010. فإنها فى عام 2020، لم تعد مسؤولة سوى عن 56.7% فقط. ولا يراقب البرلمان على قروض البنك المركزي، ولا البنوك التجارية المملوكة للدولة، كما لا يراقب على الاقتراض الخارجي عبر أذون الخزانة، ولا السندات الدولية بأنواعها. يكفى أن نشير إلى أن قروض ( البنك المركزي+ البنوك= 11.9 + 27.9= 39.8 مليار دولار في عام 2019/2020 وحده)، التي لا يراقب البرلمان على أوجه صرفها والغرض منها.

9ـ تنامت ظاهرة الاقتراض عبر مؤسسات حكومية من خارج الموازنة خلال السنوات العشر الأخيرة، بما يساعد الحكومة على إخفاء الصورة الإجمالية للدين الخارجي، كي يبدو أقل من حقيقته. وتبدو المؤشرات أفضل أمام الرأي العام، وأيضا في الحسابات المنشورة لدى صندوق النقد الدولي. ولكن في المقابل، يعاب على هذا الوضع عدم اتساق سياسات الاقتراض، وتآكل قدرة الحكومة على تحديد أولويات الإنفاق، وأخيرا تقليص القدرة التفاوضية للحكومة من أجل الحصول على أفضل الشروط للسداد.

10ـ يعاب على هيكل الدين الخارجي أيضا، إلى جانب اللجوء إلى الاقتراض من جانب مؤسسات حكومية غير الحكومة المركزية، أن القروض الخارجية معظمها قصيرة الأجل، أي تُرَد خلال أشهر، وهو ما يعني أن الدولة تقع تحت رحمة الدائنين بشكل مستمر. فهي تضطر إلى الاستدانة كي تسدد ما اقترضته وهكذا، وهو ما يسمى بـ ”فخ المديونية”. باختصار، الدولة تقترض من أجل السداد، وليس لأغراض التنمية، ويتناقض هذا الوضع مع سياسات الاقتراض الرشيد، حيث يفترض أن تخطط الدولة احتياجاتها التنموية، ثم تقوم بتقدير النقد الأجنبي المطلوب توفيره وفقا لتلك الاحتياجات، ومن ثم معرفة ذلك القدر من الدولارات الذي تحتاج إليه ولا تغطية مواردها الرئيسية من العملة الصعبة، والتي تشمل الصادرات، وجذب الاستثمارات الخارجية، وعائدات السياحة وتحويلات العاملين في الخارج وقناة السويس.

11ـ وقد أعلنت الحكومة عن خطة خمسية لإطالة آجال سداد الدين في عام 2018. وبدأت بالفعل في بيع سندات دولية دولارية لآجال بلغت 5 و 7 أعوام، و٣٠ عاما، ثم مؤخرا ٤٠ عاما، وهو توجه غير كاف، لأن الفائدة التي تدفعها الحكومة سنويا على تلك السندات هي الأعلى في العالم. وتعكس هذه الفائدة في أحد جوانبها درجة الخطورة العالية (ارتفاع مخاطر عدم السداد، و/أو عدم الثقة في الاقتصاد المصري و/أو تدهور مؤشرات الدين الحكومي). 

12ـ زادت مخصصات سداد القروض الخارجية والتزاماتها المحتملة إلى 50% من مخصصات الاحتياطيات الدولية في سبتمبر 2020، أي أن أكثر من نصف الاحتياطيات الدولية التي يحتفظ بها البنك المركزي (البالغة حوالى 44.4 مليار دولار) ، موجهة لسداد مستحقات ديون قصيرة الأجل، وإذا كان أحد مؤشرات سلامة سوق الصرف هو عدد الشهور التي تغطيها احتياطيات النقد الأجنبي من الاحتياجات المستوردة، والتي بلغت 8 أشهر وفقا لبيانات البنك المركزي في ديسمبر 2020.

13ـ ورطة السداد: دائما ما تتفاخر الحكومة المصرية بأن حوالي ٩٠٪ من القروض الخارجية طويلة المدى، لأن هذا علامة على تقسيم أعباء السداد على فترات طويلة. ولكن في الحقيقة هذا لا ينطبق بالضبط على الحالة المصرية، حيث تستند الحكومة في ذلك إلى تعريف البنك الدولي، والذي يصف أي دين يرد خلال فترة أكثر من سنة واحدة بأنه دين طويل الأجل. لذلك فإن الاستعانة بمؤشرات حكومية أخرى غير هذا التعريف المضلل، تبرز صورة أكثر تركيبا وأكثر تعبيرا عن الواقع الذى تتزايد فيه أعباء السداد عاما بعد آخر. فقد ظل المعلم الأبرز في هيكل المديونية خلال السنوات الستة الماضية هو قصر آجال السداد، واستمر هذا الوضع في العام الأخير (2020)، وقد أحرزت مصر في مارس 2020 (قبل أزمة كورونا) رقما قياسيا في المبلغ المستحق سداده للعالم الخارجي، وهو 28 مليار دولار، ورغم تنوع هيكل الدائنين وتمديد متوسط آجال السداد، إلا أن نسبة كبيرة من رصيد الدين ما زال قصير اﻷجل، وتتزايد أعباء السداد خلال السنتين القادمتين.

14ـ متوسط آجال السداد: بلغ متوسط آجال سداد الدين العام نحو 3.2 عام في يونيو 2020، بدلاً من 1.3 عام فى يونيو 2013، ونحو 1.8 عام في يونيو 2014، ومن المستهدف أن يصل إلى 3.8 عام فى نهاية يونيو 2021، حيث لجأت وزارة المالية إلى إصدار السندات الدولارية بأنواعها المختلفة كي تطيل من آجال السداد خلال العامين الماضيين بحسب استراتيجية متوسطة اﻷجل للدين. إلا أن ذلك النجاح في إطالة متوسط آجال السداد لم يخفف من حجم الدين مستحق السداد خلال عام واحد.

وقد تزايدت المبالغ السنوية التي تخرج من مصر لسداد أعباء ديونها خلال السنوات الأخيرة، وخلال العام المنتهي في مارس ٢٠٢٠ كان على مصر أن تسدد للخارج مبلغا قياسيا يقدر بـ ٢٨.٦ مليار دولار، وهو مبلغ يفوق إجمالي الصادرات (26.4 مليار في يونيو 2020)، و يعادل خمسة أضعاف دخل قناة السويس. يساوي هذا المبلغ إذا تم حسابه بالجنيهات نحو 3 أضعاف ميزانية التعليم الحالية، وحوالي خمسة أضعاف ميزانية الصحة. وبالتالي فمخصصات سداد القروض هي موارد كان من اﻷولى أن تبقى في مصر وتوجه من أجل التنمية الجادة.

15ـ إعادة تدوير الديون: بسبب سداد تلك المبالغ الكبيرة سنويا، تضطر مصر إلى إعادة تدوير ديونها أي إعادة الاقتراض من أجل السداد. وبحسب صندوق النقد الدولي فإن هناك نسبة معتبرة من الدين الخارجي تستحق السداد خلال السنوات القليلة المقبلة، منها حلول أجل سداد “ودائع كبيرة مملوكة لثلاثة دول خليجية مودعة لدى البنك المركزي” ، وتم الاتفاق على تمديد أجل استحقاق ودائع تقدر قيمتها بـ13.4 مليار دولار، لمدة عام. 

ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن استمرار التمديد في اﻷجل المتوسط من شأنه أن يساعد على تقليل مخاطر التعثر في السداد. ويقدر صندوق النقد أن أحد مخاطر الدين الخارجي لمصر أن عليها تدبير مبلغ معتبر خلال العامين الماليين 2023/24 و2024/25 من أجل سداد مستحقات صندوق النقد الدولي، والتي تبلغ 11.5 مليار دولار، أو نحو ربع إجمالي الاحتياطيات الدولية. ويربط الصندوق بين قدرة مصر على السداد وبين استمرار قدرتها على الاقتراض من أسواق المال الدولية. 

وأخيراً، يشير الصندوق إلى أن “حجم الدين الكبير واحتياجات مصر التمويلية من الخارج يجعلها منكشفة أمام تقلبات ظروف التمويل الدولي، و ذلك حسب البيان الصحفي الذي صدر عقب الزيارة اﻷولى التي قام بها خبراؤه، لتقييم أداء الحكومة بعد الشريحة الأولى من قرض الاستعداد الائتماني، ولهذا كله، على الرغم من أن مؤسسات التصنيف تعطي مصر علامة B بأفق مستقر، إلا أن سعر الفائدة مقارنة بباقي الدول الناشئة يعكس موقع مصر مرتفع الفائدة/مرتفع المخاطر.

16ـ دور صندوق النقد الدولي في زيادة المديونية الخارجية: يلاحظ أن صندوق النقد الدولي يشترط على مصر عادة أن تدبر تمويلا خارجيا يفوق ما يمنحه لها من قروض كشرط مسبق كي يوافق على إقراضها. ثم يلعب دورا يسمى بـ ”شهادة الثقة”، الذي يعطي ضوءا أخضر لسائر المقرضين الدوليين كي يقرضوا مصر على إثر القرض الذي تأخذه منه. وهكذا نجد قفزات الدين الخارجي الكبرى في 2016، 2017 و2020 تترافق مع توقيع برامج مع الصندوق.

17ـ يوفر طرح السندات الدولية للحكومة تنويعا في أدوات الدين، وإمكانية تحديد آجال أطول للسداد من معظم أدوات الدين الأخرى. إلا أن السندات الدولارية المطروحة دوليا لها عيب هو الأخطر، بحكم القوانين المنظمة لها، وهو صعوبة تأجيل السداد أو الامتناع عنه في أوقات الكوارث الطبيعية والأزمات. ويظهر هذا العيب في لحظات مثل تلك التي تسببت بها جائحة كوڤيد-19 في كل دول العالم وخاصة الدول النامية، مثل مصر، حيث يشكل عقبة في إعادة هيكلة الدين، أو تجميد مؤقت لسداده في أوقات اﻷزمات الكبيرة. وفي الفترة مارس 2019 إلى مارس 2020، أي قبل أزمة كورونا، بلغ حجم السندات الدولية في مصر 18% من إجمالي القروض، وهي نفس النسبة تقريبا للعام السابق، وهي ضعف نسبتها مقارنة بعام 2010.

هذه هي الموارد المتاحة التى تصرف وفقا لها الجنرال السيسي طوال الأربع سنوات من حكمه (2014-2018) تتراوح بين 2.6 تريليون جنيه إلى 3.0 تريليون جنيه، وقد زادت فى السنوات الثلاث اللاحقة ( 2019-2021 )، زيادة كبيرة، سواء بالاستغراق فى مزيد من الديون الخارجية والداخلية، أو بفرض مزيد من الضرائب والرسوم الهائلة على كافة الخدمات والاحتياجات التى يحتاج إليها الشعب المصرى فى مناحي حياته المختلفة. 

فهل كانت هناك بدائل تنموية أفضل من شأنها دفع الاقتصاد والمجتمع المصرى خطوات كبيرة للأمام، وتنير الضوء فى نهاية النفق ؟ 

نعم.. كانت ولكنها ذهبت تحت ركام أسمنت الكباري وتوسعات الطرق، والاختيارات الخطأ.

هذا المقال جزء من كتاب الدكتور عبد الخالق فاروق، الطريق المسدود ـ تقييم السياسات الاقتصادية للجنرال السيسي.

وسيكون نشره علي عده أجزاء

الجزء الأول، الجزء الثاني

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close