fbpx
دراساتالشرق الأوسط

الدور المصري في ليبيا: المحددات والمسارات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة:

شهد النصف الأول من العام 2020، تحولاً كبيراً في طبيعة المعارك العسكرية بين قوات حكومة الوفاق “الشرعية” وبين مليشيات خليفة حفتر، وخاصة فيما يتعلق بالسيطرة العسكرية على الأراضي وتحديداً في المنطقة الغربية تحولت لصالح حكومة الوفاق الشرعية المعترف بها دولياً والمدعومة تركياً. فخلال الفترة الماضية، طبقت قوات حكومة الوفاق بامتياز عسكرياً تكتيكات مراحل الحرب الثلاث خلال فترة قصيرة فانتقلت تدريجياً من مرحلة الاستنزاف (الدفاع الاستراتيجي) إلى مرحلة التوازن (التوازن الاستراتيجي)، وما يدار الآن فى الغرب الليبي عسكرياً يوصف بمرحلة الحسم (الهجوم الاستراتيجي). وبناء على بيانات حكومة الوفاق، يتضح أنها تسعى جدياً للسيطرة على منطقتي سرت والجفرة في المقام الأول، بل تسعي إلى بسط نفوذها على كافة الأراضي الليبية، حتى تمارس دورها كحكومة على كامل التراب الليبي.

النظام المصري لم يكن بعيداً عن تلك الأحداث، فالسيسي يقوم بدعم حفتر منذ إطلاقه لما يسمى بـ “عملية الكرامة” في مايو 2014م. ورداً على تلك التطورات، قام السيسي مباشرة بحشد قواته الجوية والقوات الخاصة بشكل مكثف في المنطقة الغربية العسكرية على الحدود المصرية الليبية، ثم قام بزيارة إلى المنطقة الغربية العسكرية يوم السبت الموافق 20 يونيو 2020م، وحث في كلمة متلفزة له الضباط المصريين على أن يكونوا مستعدين، تحسباً للقيام بأي أدوار قتالية تُطلب منهم داخل الحدود أو خارجها، وارتجل في كلمته وقال أن تجاوز سرت والجفرة من قبل قوات حكومة الوفاق “خطاً أحمر” بالنسبة للنظام المصري، وهو ما فسر البعض بأن السيسي يلمح بأن الجيش المصري قد يتدخل عسكرياً في الداخل الليبي مستقبلاً إذا ما قامت قوات الوفاق بالهجوم على سرت والجفرة وسيطرت عليهما.[1]

وبناء على تلك التطورات، تستعرض هذه الدراسة أهم محددات صنع السياسة المصرية نحو ليبيا، ومكامن مصالح ومخاوف إدارة السيسي في هذا الإطار، كما تستعرض أهم الشخصيات والجهات التي تصنع تلك السياسة، وأشكال الدعم الذي تقدمه مصر حاليا لخليفة حفتر، ثم تتطرق للتركيز على الكيفية التي تؤثر بها أهم الأطراف الإقليمية والدولية ومنها المملكة العربية السعودية والإمارات وروسيا وأمريكا، فضلاً عن فرنسا وألمانيا وإيطاليا في هذه السياسة، وتنتهي الدراسة بتقديم تحليل للسيناريوهات المختلفة و استشراف لمستقبل السياسة المصرية نحو الملف الليبي خلال الفترة المقبلة، وخصوصا أفاق التدخل العسكري للجيش المصري في ليبيا.

أولاً: المحددات الأساسية الحاكمة للدور المصري في ليبيا:

هناك عدد من المحددات التي تحكم السياسة المصرية تجاه ليبيا، منها محددات كانت متواجدة منذ بداية دعم السيسي لخليفة حفتر في 2014م، ومنها محددات طرأت بناء على تطورات الأحداث في الداخل الليبي، على سبيل المثال التدخل التركي في الساحة الليبية، ومنها أيضاً محددات تتعلق بالبلدين بصرف النظر عمن يكون في سدة الحكم من الطرفين، وهذا ليس موضوع هذه الدراسة، التي تتطرق بشكل رئيس إلى المحددات الحاكمة لدور مصر تحت إدارة السيسي في الوقت الراهن، وهي التي تعكس مصالح ومخاوف النظام المصري فيما يتعلق بالملف الليبي.

المحدد الأول: مواجهة الإسلام السياسي والثورات العربية:

سياسة السيسي تجاه ليبيا تأتي في سياق تعزيز أركان حكمه، من حيث ضمان عدم وصول الإسلاميين للحكم أو مشاركتهم فيه في ليبيا؛ حيث يري أنهم التهديد الحقيقي لنظامه، بالإضافة الي أن السيسي منذ اللحظات الأولي للسيطرة على الحكم في مصر وهو يعمل على إجهاض ثورات الربيع العربي بشكل عام في المنطقة؛ ويشارك السيسي في ذلك التوجه كلاً من النظام الإماراتي بقيادة محمد بن زايد والنظام السعودي بقيادة محمد بن سلمان.

المحدد الثاني: الأمن القومي المصري “أمن النظام”:

تُعتبر ليبيا عمقاً استراتيجياً لمصر نظراً لموقعها الجغرافي المجاور من الحد الغربي الاستراتيجي؛ ولذلك فإن عدم استقرار الأوضاع داخل الأراضي الليبية يعتبر تهديداً مباشر اً للأمن القومي المصري.

وبشكل عام، فإن الأوضاع في ليبيا ستكون محل اهتمام أي نظام يحكم مصر، بغض النظر على خلفياته وتوجهاته، وسيعمل هذا النظام من باب مصلحة الأمن القومي المصري على دعم وحفظ الاستقرار داخل الأراضي الليبية بشكل كامل.

لكن على الجانب الأخر، فإنه في الدول غير الديمقراطية، يجري الخلط بين الأمن القومي للبلاد وأمن النظام إلى حد المساواة بين الأمن القومي للدولة (كيان، مؤسسات) وشخص الحاكم. لذا، فإن الإكثار من استخدام هذا المصطلح في مثل هذه الدول إنما يشير إلى الإجراءات التي من شأنها إبقاء الحاكم في السلطة، وحماية سلطته في حكم البلاد حتى لو أدى ذلك إلى انهيار الدولة أو تهديد عوامل بقائها، كما حصل في الكثير من البلدان العربية حتى الآن. [2]

ومن هذا المنطلق، فإن السيسي ينظر الى ليبيا من خلال الخلط بين الأمن القومي المصري وأمن نظامه الشخصي، وهذا من أهم محددات التعامل المصري الحالي مع الأوضاع في ليبيا. فنظام السيسي ينظر الى الأراضي الليبية على أنها بيئة حاضنة ومناسبة للتيارات المسلحة التي تهدد أمن نظامه في حال سيطرة مشروع آخر غير مشروع حفتر على كامل الأراضي الليبية أو حتى فقط على المنطقة الشرقية، تخوفاً من التهديدات المحتملة التي قد ترشح عن هكذا وضع، وخاصة أن تواجد هشام عشماوي وعماد عبد الحميد (الضابطين السابقين في الجيش المصري الذين قادا تمردا مسلحا ضد النظام) فى مدينه درنه لسنوات زاد من تلك التخوفات.

ولذلك، فالسيسي لا يبدو أنه ينوى التنازل عن مشروع حفتر بالسيطرة على كامل الأراضي الليبية، وحتى إن لم يستطع الأخير السيطرة على الأراضي الليبية بالكامل، فلن يكون هناك مانع لدى السيسي أن يتم تقسيم ليبيا شرقاً وغرباً، لكي يحافظ على أمن نظامه. أما مقتضيات الأمن القومي المصري الحقيقة فتحتم أن تكون الأراضي الليبية موحدة تحت قيادة مركزية مسيطرة؛ ولكن عندما يفشل حفتر في تنفيذ مشروعه، فسيجعل السيسي أمن نظامه مقدماً على مصلحة الأمن القومي المصري.

المحدد الثالث: دعم الحاكم العسكري وليس المؤسسة الديمقراطية:

من المحددات الأساسية التي دفعت السيسي لدعم خليفة حفتر هي سياسة نموذج “الحاكم الفرد”؛ فالسيسي منذ اللحظات الأولى من حكمه سعي لتأسيس حكم الفرد العسكري القوي، وليس حكم المؤسسات التي تقتضي مشاركة عدد من المؤسسات في الحكم وصنع القرار، فالسيسي يريد ترسيخ ذلك النموذج أيضاً داخل الدولة الليبية، ليسهل السيطرة عليه وتوجيهه بما يخدم التوجهات المطلوبة دون مضايقة من مؤسسات ديمقراطية أو تعطيل لاتخاذ القرار.

المحدد الرابع: تسهيل الحصول على المنتجات البترولية:

من أهم المحددات الأساسية التي تدفع السيسي لدعم خليفة حفتر، هو تأمين الحصول على المنتجات البترولية المتواجدة داخل ليبيا بشكل مستمر وبأسعار تفضيلية.

لذا، فإن هناك عدة أبعاد تتعلق بالنفط الليبي لا يمكن التغافل عنها عند الحديث عن سياسة نظام السيسي تجاه الأزمة الليبية والمصالح التي يسعى الى تحقيقها، وتشمل:

أولاً: ضمان توفير احتياجات مصر من النفط وبأسعار اقل من الأسعار العالمية، وهو أمر تسعى إليه مصر من اجل التخلص من التهديد السعودي المتكرر بقطع إمدادات النفط، ومن ناحية أخرى تحقيق مكاسب اقتصادية من استيراد النفط الليبي ذي الجودة العالية، وبأسعار منخفضة عن الأسعار العالمية، ويبدو أن هناك أكثر من مؤشر يعضد هذا التوجه المصري منها تصريحات عبد الرزاق الناظوري رئيس أركان قوات حفتر في 2016 بأن النفط الليبي في خدمة مصر؛ وأيضاً عندما توقفت شركة “أرامكو” الحكومية السعودية للطاقة عن إمداد مصر بالمواد النفطية في مطلع شهر أكتوبر 2016، أعلنت ليبيا أنها مستعدة لتوفير كل احتياجات مصر من النفط، حيث أكد النائب زياد دغيم، عضو مجلس النواب الليبي، أن مجلس النواب الليبي طالب الحكومة بتقديم دعم لمصر بشحنات البترول اللازمة دون مقابل.

وأيضاً ما أشار إليه مصطفى صنع الله القائم بأعمال وزير النفط الليبي في حكومة الوفاق في منتصف 2019 بأن حكومة عبد الله الثني الموازية عقدت اتفاقيات مع شركات مصرية وإماراتية لبيع نفط ليبيا بسعر 55 دولار للبرميل وهو سعر كان يُعتبر اقل من الأسعار العالمية وقتها.

ثانياً: تتطلع مصر إلى المساهمة في إعادة إعمار وتأهيل البنية التحتية للبترول والغاز في ليبيا، وبمعنى آخر دخول شركات البترول المصرية العاملة في مجال تنفيذ وتصميم وصيانة المشروعات في عمليات إعادة إعمار القطاع النفطي الليبي، ويكفي الإشارة إلى أن ليبيا تحتاج الى حوالي 60 مليار دولار من اجل استعادة قدرات الإنتاج وكفاءة التشغيل للقطاع النفطي، وهنا يمكن تخيل المكاسب الاقتصادية التي يمكن ان تجنيها مصر من المشاركة في إعادة إعمار البنية التحتية للقطاع النفطي الليبي.

المحدد الخامس: مفهوم الصراع مع تركيا بدلاً من التعاون:

من المحددات التي دفعت النظام المصري مؤخراً للانخراط بشكل أكبر في الملف الليبي، و الإصرار على مواصلة التدخل بقوة، توقيع الاتفاقية الأمنية الليبية التركية، ودخول الجانب التركي بشكل مباشر في الساحة الليبية لدعم الحكومة الشرعية في طرابلس، بقوات عسكرية تركية وكذلك بالإمداد بالسلاح والتدريب، ….إلخ، بالإضافة الي إبرام اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الدولة التركية والحكومة الشرعية بطرابلس بقيادة فايز السراج (وإن كان اعتراضها على هذه الاتفاقية بشكل أقل إلا أنها تدعم الجانب اليوناني في موقفه الرافض لها).

إن نظام عبد الفتاح السيسي هو جزء من التحالف السعودي الإماراتي؛ وذلك التحالف يهدف بالأساس الي مواجهة التحالف التركي القطري في المنطقة بشكل عام، حيث يعتبره النظام المصري وحلفاؤه مهددا لمصالحهم الاستراتيجية بالمنطقة؛ لذلك يعمل ذلك المحور على مواجهة الدور التركي على كافة المحاور، كمنطقة القرن الأفريقي على سبيل المثال. وكما يري البعض أن أحد أسباب عودة العلاقات بين مصر وحركة حماس داخل قطاع غزة كانت التخوفات المصرية من التمدد التركي داخل قطاع غزة.

ويأتي هذا المفهوم بديلاً عن التعاون المشترك مع تركيا الذي قد يكون في صالح مصر بشكل أكبر. فعلى سبيل المثال، فإن أسس الاتفاق التركي الليبي حول الحدود البحرية هو في صالح مصر حيث يضيف إليها قدراً معتبراً من المياه الاقتصادية ويقوي موقفها التفاوضي أمام اليونان في ترسيم الحدود البحرية. ومن زاوية أخري، عملت مصر على رفض الاتفاق التركي الليبي حول الحدود البحرية بسبب الرفض اليوناني إرضاء لليونان التي يجمعها بمصر تنسيق ثلاثي يشمل مصر واليونان وقبرص حول هذا الملف، ورفضاّ للاتفاقية الأمنية بين حكومة الوفاق وتركيا التي يعتبرها النظام في مصر تهديداً مباشراً له.

المحدد السادس: البعد المتوسطي

البعد المتوسطي هو محدد هام في تعامل النظام المصري مع الأزمة الليبية: وهو المتعلق ببناء قوة بحرية وعسكرية في الغرب المصري وتوسع النفوذ المصري في مياه المتوسط لاسيما مع الوضع الجيوسياسي الجديد في منطقة شرق المتوسط الذي فرضته اكتشافات الغاز وما نتج عنه من تحالفات ونزاعات في المنطقة.

المحدد السابع: الدور الوظيفي:

التدخل العسكري المصري في ليبيا يندرج جزئياً تحت إطار الدور الوظيفي الذي تقوم به مصر في إطار الاستراتيجيات الأمنية الدولية في المنطقة؛ هذا الدور يأتي فيما اصطلح عليه في العلاقات الدولية بـ Client State حيث تقوم الدولة التي تؤدي دورا وظيفيا بخدمات للأطراف الدولية الكبرى في مقابل بسط حماية أو خدمات أو مزايا اقتصادية. ويراهن النظام العسكري الحاكم في مصر على أهمية ومكانة الدور المصري، وتحديداً الجيش المصري، بما لديه من إمكانيات، للقيام بهذا الدور بغض النظر عن توافقه أو تعارضه مع المصالح الوطنية المصرية بما يضمن استمرار الأطراف الدولية التي يتعاون معها في تقديم الدعم له؛ ومن هذا المنطلق فهو يتوافق مثلاً مع الأهداف الفرنسية والروسية والسعودية والإماراتية في ليبيا ويؤدي أدواراً في إطار تحقيق هذه الأهداف، التي تخدم مصالح الحلفاء ومصالح النظام في نفس الوقت.

ثانياً: مصر وإدارة الملف الليبي والأطراف المسئولة عنه:

منذ انطلاق ما يسمي بـ “عملية الكرامة” التي أعلن عنها خليفة حفتر في شهر مايو من عام 2014م، بتأييد مصري إماراتي سعودي، أدار النظام المصري الملف الليبي من قبل مؤسسات وأفراد تضع سياسات التعامل مع هذا الملف.

فبعد إعلان خليفة حفتر لهذه العملية في مايو 2014م، كان يتولى جهاز المخابرات العامة المصرية، برئاسة اللواء محمد فريد تهامي في ذلك التوقيت، الملف الليبي. وكان تهامي يتولى بنفسه إدارة الملف الليبي لأن الملف في البداية كان يُنظر له كملف أمني من ضمن مهام واختصاصات جهاز المخابرات العامة، وكان يعاون اللواء تهامي في إدارة الملف مدير مكتب السيسي في ذلك التوقيت اللواء عباس كامل ورئيس الأركان السابق الفريق محمود حجازي واللواء محمد الكشكي، مساعد وزير الدفاع للعلاقات الخارجية السابق، بالتنسيق المباشر مع عبد الفتاح السيسي الذي كان يضع الخطوط العريضة للسياسات تجاه الملف الليبي بالتنسيق مع محمد بن زايد.

بعد إقالة اللواء محمد فريد تهامي من رئاسة جهاز المخابرات العامة وتولي اللواء خالد فوزي إدارة الجهاز، تم نقل الملف، حيث أصبح تحت إشراف اللواء خالد فوزي بمعاونة الأعضاء السابق ذكرهم وبالتنسيق المباشر مع عبد الفتاح السيسي.

في شهر أغسطس من عام 2016م، أنشأ السيسي لجنه خاصة لإدارة الملف الليبي وعيّن لها رئيس الأركان السابق وصهره الفريق محمود حجازي، ومنحها كافة الصلاحيات، والاستقلالية التامة، للتعامل مع الملف الليبي من جميع جوانبه، الأمنية والعسكرية والسياسية، بالتنسيق فقط مع رئاسة الجمهورية.[3]

التقى حجازي بكل أطراف الأزمة خلال فترة ترأسه للجنة المعنية بالملف الليبي، فعقد عدة لقاءات بخليفة حفتر في القاهرة وقام بزيارته في بنى غازي في شهر مايو 2017م؛ والتقى كذلك بفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي في القاهرة[4]؛ والتقى أيضاً بعقيلة صالح “رئيس مجلس النواب في طبرق”[5]، وعقد عدة لقاءات بعدد من المسئولين والسياسيين ورجال الأعمال الليبيين.[6]

كانت هناك أهداف معلنة للجنة المعنية بالملف الليبي، وظلت البيانات الرسمية للدولة المصرية تؤكد عليها، وكان من ضمن تلك الأهداف[7]:

1-القيام بالوساطة بين الأطراف والقيادات السياسية الليبية في محاولة الوصول لحل سياسي للأزمة القائمة داخل الدولة الليبية.

2-توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وكان هذا الهدف الأهم الذي تسعى إليه مصر منذ إنشاء تلك اللجنة، فمصر كانت حريصة على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية تحت قيادة خليفة حفتر، وعُقد في القاهرة أكثر من اجتماع لتحقيق هذا الهدف ولكن لم تنجح تلك المساعي. فمصر كانت تحرص على أن تكون المؤسسة العسكرية تحت قيادة حفتر حتى يكون في يده القوة التي تمكنه من السيطرة على كامل الأراضي الليبية، تحسباً للمستقبل الذي كانت تخطط له مصر وحلفاؤها الإقليميون بعد فشل المساعي السياسية فيما بعد في حل الأزمة، حتى تكون لحفتر قدرة على القيام بانقلاب عسكري حقيقي على غرار ما فعله السيسي في مصر. ومن جانب آخر كانت مصر تحرص على أن تكون المؤسسة العسكرية تحت قيادة حفتر لشرعنه الدعم العسكري الذي تقدمه مصر والإمارات إليه.

بعد إقالة الفريق محمود حجازي من رئاسة هيئة الأركان في شهر أكتوبر من عام 2017م، تولى اللواء أركان حرب محمد الكشكي رئاسة اللجنة بالتنسيق المباشر مع رئاسة الجمهورية. استكمل الكشكي الهدف الأساس الذي كانت تسعى له الدولة المصرية بتوحيد المؤسسة العسكرية في كيان واحد. وبعد أيام من توليه إدارة اللجنة اجتمع الكشكي يوم السبت الموافق 04 نوفمبر 2017م، بضباط ليبيين للوصول الى اتفاق حول توحيد الجيش الليبي، وعلاقته بالسلطة المدنية في ليبيا.[8]

فترة اللواء الكشكي كانت تركز على الجانب العسكري أكثر من الجانب السياسي لأنه في ذلك التوقيت كان حفتر على الأرض أقوي وفرض نفسه كما تُردد مصر “بالشرعية العسكرية”، وكانت مصر والإمارات في ذلك التوقيت يسعيان لبسط نفوذ حفتر العسكري بشكل أكبر داخل الأراضي الليبية.

بعد إخراج اللواء الكشكي من الخدمة في يونيو 2019م، وسيطرة السيسي على جهاز المخابرات العامة بعد تعيين اللواء عباس كامل رئيسا للجهاز، تولى جهاز المخابرات العامة الملف الليبي بشكل كامل بالتنسيق المباشر مع عبد الفتاح السيسي ومستشار السيسي للأزمات الفريق محمود حجازي، وتم تعيين اللواء عمر نظمي مسئولاً للملف الليبي. وبذلك تشمل المجموعة التي ترسم السياسات المصرية تجاه الملف الليبي الآن:

1-عبد الفتاح السيسي “رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة”.

2-اللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية.

3-اللواء أركان حرب خالد مجاور مدير المخابرات الحربية.

4-الفريق محمود حجازي، مستشار السيسي للأزمات.

5-اللواء عمر نظمي، مسئول الملف الليبي بجهاز المخابرات العامة، حيث يقيم لفترات داخل الأراضي الليبية منذ الأحداث الأخيرة، كما نقلت مصادر، لرفع تقارير ومتابعة الأوضاع بشكل دقيق.

6-سامح شكري، وزير الخارجية المصرية.

7-الفريق أول محمد زكي، وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية.

8-الفريق محمد فريد حجازي، رئيس هيئة الأركان.

9-الفريق على فهمي، قائد قوات الدفاع الجوي.

10-الفريق محمد عباس، قائد القوات الجوية.

11-الفريق أحمد خالد، قائد القوات البحرية.

12-الفريق أسامة عسكر، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة.

13-اللواء أركان حرب شريف معوض قائد المنطقة الغربية العسكرية الحالي.

ثالثاً: أشكال الدعم المصري لخليفة حفتر:

منذ أن بدأ خليفة حفتر ما أطلق عليه “عملية الكرامة” في منتصف عام 2014م في ليبيا، ظهر جلياً مدى التعاون والتقارب العسكري بين مصر والقوات التابعة لخليفة حفتر، وتنوع الدعم المصري ما بين التدريب والإمداد بالسلاح وحتى دخول قوات مصرية للمشاركة في العمليات العسكرية على الأرض، بالإضافة إلى القيام بضربات جوية بمشاركة القوات الإمارتية في داخل الأراضي الليبية في مناطق الشرق والغرب والجنوب الليبي.

في شهر مارس من عام 2015م، كشف تقرير للأمم المتحدة عن عمليات تهريب سلاح إلى ليبيا قامت بها مصر والإمارات، كما اتهم التقرير القوات التي يقودها خليفة حفتر بتعقيد عملية الانتقال السياسي وزيادة المشكلات الأمنية في البلاد. وتحدث التقرير المطول عن عمليات تهريب سلاح لا تشمل نقل الذخائر والسلاح فقط، بل بتحويل طائرات مقاتلة مصرية إلى ليبيا أيضا. وبخصوص انتهاكات حظر الأسلحة، قال التقرير إن الإمارات صدّرت بشكل غير مشروع أسلحة إلى ليبيا وأنهم تلقوا معلومات تفيد بأن أبو ظبي نقلت عتاداً عسكرياً إلى مدينة طبرق شرق البلاد أواخر عام 2014م. كما أكد التقرير إدخال طائرات حربية تعود ملكيتها لمصر في سلاح الجو الليبي، لكن معالمها أُخفيت عن عمد. وأشار التقرير إلى أن مصر قدمت الدعم العسكري لما أسماه حفتر “عملية الكرامة”، ومجلس النواب المنحل في طبرق.[9]

وطبقاً لمصادر عسكرية، فإن الجيش المصري منذ مايو 2014م وإلى وقتنا هذا، يقوم بنقل معدات عسكرية مصرية الصنع وإمارتية الصنع منها الثقيلة والخفيفة لصالح قوات خليفة حفتر، وكانت تلك المعدات تنقل أحياناً عن طريق الجو وأحياناً أخرى عن طريق البر من ناحية المنطقة الغربية العسكرية المصرية المتاخمة للحدود الليبية المصرية، وكان من مهام قيادات المنطقة العسكرية الغربية في مصر تأمين وتسهيل عملية انتقال المعدات العسكرية الي الأراضي الليبية. وكانت من أهم القيادات التي تولت مهام نقل المعدات العسكرية اللي ليبيا في الفترة من 2014-2020:

1-الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري والرئيس الأسبق للجنة المعنية بالملف الليبي، ومستشار السيسي للأزمات حالياً.

2-اللواء محمد الكشكي مساعد وزير الدفاع للعلاقات الخارجية سابقاً، ورئيس اللجنة المعنية بالملف الليبي السابق.

3-اللواء عمر نظمي المسئول الحالي للملف الليبي في جهاز المخابرات العامة.

4-اللواء أركان حرب محمد المصري قائد المنطقة الغربية الأسبق ورئيس هيئة العمليات السابق.

5-اللواء أركان حرب وحيد عزت قائد المنطقة الغربية الأسبق.

6-اللواء أركان حرب شريف بشارة قائد المنطقة الغربية السابق ورئيس أكاديمية ناصر العسكرية الحالي.

7-اللواء أركان حرب صلاح سرايا قائد المنطقة الغربية السابق.

8-اللواء أركان حرب محمد سعيد العصار رئيس هيئة التسليح الأسبق ووزير الإنتاج الحربي الحالي.

9-اللواء أركان حرب عبد المحسن موسي رئيس هيئة التسليح الأسبق.

10-اللواء أركان حرب طارق سعد زغلول رئيس هيئة التسليح الحالي.

11-اللواء أركان حرب شريف معوض قائد المنطقة الغربية الحالي.[10]

بشكل مستمر يقوم الجيش المصري بتدريب أفراد مليشيات خليفة حفتر في قاعدة محمد نجيب العسكرية المتواجدة بالنطاق الشمالي الاستراتيجي للدولة المصرية، وكما نقلت مصادر فإن الدورة العسكرية للفرد المقاتل في مليشيات خليفة حفتر التي يتلقاها في قاعدة محمد نجيب العسكرية تتراوح مدتها من 30 الي 45 يوما.

خلال الأيام والشهور الماضية يعمل السيسي بالتنسيق والترتيب مع الجانب الإماراتي على دخول إمدادات عسكرية لمليشيات خليفة حفتر بشكل كبير لتجهيزها للمعارك القادمة، بسبب الخسائر التي لحقت بتلك المليشيات مؤخراً. وخلال شهر أبريل 2020م، سقطت طائرة هليكوبتر مصرية في مدينه سيوة بالغرب المصري، أفادت مصادر عسكرية خاصة للمعهد المصري أنها كانت في طريقها للأراضي الليبية لنقل مساعدات عسكرية لمليشيات حفتر.[11] كما نقلت مصادر أنه في الوقت الحالي يقوم الجيش المصري بنقل معدات عسكرية مصرية وإماراتية الصنع الى الأراضي الليبية عن طريق الحدود المصرية الليبية.

تأكيداً لما ذكره القائد الميداني في قوات مصراته “الطاهر غربية” خلال شهر فبراير 2020م، بوجود جنود مصريين داخل الأراضي الليبية للمشاركة في العمليات، وهذا الذي ينفيه النظام المصري إعلامياً دائماً ، نقلت مصادر خاصة أن هناك مجموعة من الضباط والجنود من المجموعة 129 صاعقة “ك 13” المتواجدة في محافظة الإسكندرية بالنطاق الاستراتيجي الشمالي المصري، عبرت إلى الأراضي الليبية خلال الشهور الماضية لتقديم شكل من أشكال الدعم العسكري لمليشيات خليفة حفتر.

القوات المسلحة المصرية أشرفت منذ عدة سنوات على بعض العمليات في معارك الشرق من أجل سيطرة حفتر عليها بشكل كامل بقوات من العمليات الخاصة المصرية،  و قد صرح عقيلة صالح قبيل عملية “تحرير درنه” ببعض التصريحات التي تؤكد المشاركة المصرية في تلك العمليات، حيث صرح بتاريخ 12 فبراير 2018 لإحدى الصحف المصرية المحسوبة على نظام السيسي بأنه سيتم قريباً تحرير مدينة درنة الليبية المتواجدة بالشرق الليبي وهذا سيكون بالتنسيق مع السلطات المصرية لأن العملية العسكرية التي ستنطلق تهم مصر كي لا تفر مجموعات إرهابية إلى الأراضي المصرية في ظل وجود متطرفين في درنة.[12]

بخصوص التدخل المصري الذي تم فى المعارك التي جرت في محيط العاصمة طرابلس، فإن الطيران المصري قام بعمليات استطلاع ورصد أهداف من خلال طيران الاستطلاع الحربي المصري؛ بل وكما نقلت مصادر خاصة أن الطيران الحربي المصري قام بشن غارات جوية على بعض الأهداف في محيط مطار طرابلس، بالمشاركة مع الطيران الحربي الإماراتي. يؤكد التدخل المباشر الذي قام به الطيران المصري في معارك طرابلس التي جرت خلال الفترة القريبة الماضية، ما صرح به، الناطق باسم عملية بركان الغضب منذ أيام، حيث قال “الجيش المصري كان حاضرا منذ اليوم الأول في الهجوم على طرابلس”.

خلال شهر يونيو 2020م، وكما نقلت مصادر عسكرية، تم حشد مكثف للطائرات الحربية المقاتلة، وطائرات نقل الجنود، والقوات الخاصة. ونقل ذخيرة بشكل مكثف “ذخيرة عمليات وليس تدريب” في المنطقة الغربية العسكرية، وعقدت المخابرات الحربية المصرية لقاءات في أراضي الشرق الليبي مع شيوخ قبائل ليبية، من اجل التنسيق لتدريبهم وتسليحهم كما صرح السيسي في خطابه أثناء زيارته للقوات الجوية يوم السبت الموافق 20 يونيو 2020م، وقد نقلت مصادر أن طائرات الرافال التي ظهرت في سماء سرت يوم الأربعاء الموافق 10 يونيو 2020م، ونفت فرنسا أنها تابعة لها، كانت تابعه للقوات الجوية المصرية، وكانت تقوم بعمليات استطلاع.[13]

رابعاً: الفواعل الإقليمية والدولية المؤثرة على السياسة المصرية تجاه ليبيا:

يطمح السيسي منذ تنصيبه “رئيساً” في مايو 2014م، في فرض نفسه كلاعب رئيسي في المنطقة لا يمكن تجاوزه، وكان الوضع في ليبيا ملائماً لتحقيق ذلك، نظراً لكون ليبيا مسألة أمن شخصي للنظام من زاوية، ومن زاوية أخري لأطماع بعض الدول الغربية مثل فرنسا وإيطاليا، بالإضافة إلى روسيا، في ليبيا، من اجل تحقيق مصالحها في الداخل الليبي؛ لذا أدخل السيسي نفسه كلاعب رئيسي في المشهد الليبي لتقوية علاقاته بتلك الدول وتنفيذ أهداف داخل ليبيا تخدم مصالحه ومصالحهم في نفس الوقت، وهذا ما يتعلق بمسألة الدور الوظيفي المشار إليها سابقا.

1-مصر والمحور السعودي – الإماراتي والملف الليبي:

تعمل السعودية والإمارات على وأد ثورات الربيع العربي منذ اللحظة الأولى من اندلاعها، ومنذ بداية “عملية الكرامة” التي قام بها حفتر في ليبيا تتخذ كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية موقفا داعما له. وغني عن البيان أن الإمارات والسعودية، التي تعتبر جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة عدوها الرئيسي، من أكثر الدول التي ساعدت عبد الفتاح السيسي في انقلابه العسكري في يوليو 2013م؛ لذلك، فقد جاء تماهي السيسي معهما في تقاربه وعلاقته بخليفة حفتر ومساعدة ميليشياته، لكيلا يفقد السيسي حلفاءه الإقليميين؛ هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، يعمل السيسي على تحقيق أهداف مشتركة في ليبيا، تحقق مصلحته ومصلحه حلفائه في نفس الوقت، فالأجندة الإماراتية السعودية المصرية متقاربة بشكل كبير في ملف ليبيا. ولذلك، ينفذ السيسي أجندته في ليبيا بدعم إماراتي سعودي ويستفيد من الجانبين، جانب تحقيق أمن نظامه، وجانب الدعم المالي والعسكري الذي يتلقاه بناء على تنفيذ بعض المهام في أكثر من ملف يعمل عليه جنباً إلى جنب مع حلفائه في الإمارات والسعودية، فالتسليح البحري والجوي الذي حصلت عليه القوات البحرية والجوية المصرية خلال السنوات الماضية على سبيل المثال كان بدعم سعودي إماراتي لتنفيذ مهام عدة كان من ضمنها تنفيذ أجندة ذلك المحور في الداخل الليبي.

بالنظر إلى هذه الاعتبارات، فإن أثر الإمارات، بشكل خاص، والسعودية على القرار المصري فيما يتعلق بليبيا غاية في الأهمية بالنسبة للنظام المصري، ويبدو أنه يخضع لإملاءاتهما في النهاية. على سبيل المثال، أفادت مصادر أن مصر لم تكن مع العملية الأخيرة التي شنها حفتر على طرابلس في العام الماضي، وكانت ترى ضعف فرصه في تحقيق نجاحات بما يُضعف موقفه وموقف حلفائه في الملف الليبي بشكل عام، إلا أن الإمارات كانت تدفع وتشجع حفتر لهذا الهجوم، مما اضطر مصر للوقوف معه وتقديم الدعم المطلوب كما تقدم، على الرغم مما تراه أن هذه العملية مهّدت وبررت التواجد التركي الصريح في ليبيا.

2-مصر وروسيا والملف الليبي:

بعد توتر العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب انقلاب 03 يوليو 2013م لبعض الوقت، عمل نظام السيسي على التقارب مع دولة روسيا الاتحادية التي كانت تسعي في ذلك التوقيت لتحقيق نفوذ لها في الشرق الأوسط، وبالفعل أبرم النظام المصري مع النظام الروسي عدة شراكات واتفاقيات وتفاهمات في عدة ملفات “عسكرية، أمنية، سياسية”.

كانت روسيا متواجدة في تلك الأثناء في منطقة الشرق الأوسط، وكان حاضرة بقوة في المشهد السوري وكانت عاملاً رئيسياً في الحفاظ على حكم بشار الأسد من الانهيار؛ وبعد أن تطورت الأوضاع في الداخل الليبي بفتره ليست بالقليلة دخلت روسيا على خط دعم خليفة حفتر بالتنسيق مع الجانب المصري والإماراتي إلى أن أصبحت في الوقت الراهن من أهم الأطراف الدولية المتواجدة و المؤثرة على الأرض، ليس بشكل رسمي كما هو الحال في سوريا، و لكن بشكل رئيس من خلال ميليشيات مرتزقة شركة فاجنر  وثيقة الصلة بالرئيس الروسي بوتين، و من خلال دعم قوات حفتر بالأسلحة، خاصة الطائرات و منظومات الدفاع الجوي “بانتسير”.

يبدو دور روسيا في الحرب الليبية من الوهلة الأولى نمطياً، فروسيا تسعى لتعزيز قوة حليف إقليمي قوي، وتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، وهناك أوجه تشابه بين بشار الأسد، وخليفة حفتر، وهي أن كليهما يزعم أنه الحصن ضد التشدد والتطرف، وهذا ما دفع روسيا للتنسيق مع الجانب المصري الإماراتي لوجود مشتركات بينهم، من أهمها كما تزعم مصر والإمارات محاربة “التطرف والتشدد” ودعم رجل قوي قادر على حسم الأوضاع في ليبيا. من ضمن الأهداف التي كانت تسعى روسيا لتحققها في مساعدة حفتر هي تعزيز موقعه العسكري على شواطئ البحر المتوسط، وبالتالي السماح لموسكو بالتواجد قرب سواحل أوروبا وتقوية وجودها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

النظام المصري يتعامل مع الروس في الملف الليبي باستراتيجية تحقق مكاسب للنظام والحلفاء في نفس الوقت، على رأس تلك المكاسب تأمين مصلحة النظام المصري بتمكين مشروع حفتر داخل الأراضي الليبية بالاستفادة بالتدخل العسكري الروسي من جانب، ومن جانب أخر فالروس دعموا مصر عسكرياً وسياسياً وامنياً واقتصادياً بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وبالتالي يظهر النظام نفسه أمام الجانب الروسي أنه يساعدها فى تحقيق أهدافها الاستراتيجية داخل الأراضي الليبية كونهم يتشاركون الأهداف في عدة ملفات في منطقة الشرق الأوسط من أهمها الملف الليبي.[14]

التقارب المصري – الروسي ظل مستمراً بعد رحيل إدارة الرئيس أوباما في الولايات المتحدة، وهذا ما يزعج الجانب الأمريكي، فمبرر التقارب التكتيكي الذي قام به السيسي مع الجانب الروسي انتفى، برجوع العلاقات الأمريكية المصرية الاستراتيجية لما كانت عليه برحيل إدارة الرئيس أوباما ومجيء الرئيس ترامب على رأس الإدارة الأمريكية.

وتحاول الإدارة الأمريكية أن تفرض على السيسي وحفتر فض حالة الارتباط بينهما وبين الجانب الروسي؛ حيث نقلت مصادرنا أن النظام المصري محبط من الموقف الأمريكي تجاه التدخل التركي في ليبيا، لأن الولايات المتحدة الأمريكية مرحبة بالتدخل التركي، وغير مرحبة بالدور الروسي في ليبيا، وستقف ضد أي إدانة في مجلس الأمن للتدخل التركي في ليبيا، بما يتعارض مع مصلحة حفتر والسيسي فى التقارب مع روسيا، إلا أن الدعم الروسي لقوات حفتر أخذ في التنامي سواء أثناء العام الماضي عند محاولة حفتر السيطرة على طرابلس، أو حتى في الوقت الراهن بعد استعادة حكومة الوفاق السيطرة على غالب الغرب الليبي.

3-مصر وفرنسا والملف الليبي:

لدى فرنسا مصالح جيوسياسية وأمنية في ليبيا تتمّثل في استعادة الاستقرار وتكريس السيطرة على نطاق نفوذها التقليدي في منطقة الساحل والصحراء، إذ انعكس عدم الاستقرار الليبي الناتج عن فوضى “المليشيات” على فقدان السيطرة على ضبط الحدود الممتدة مع ليبيا لأكثر من 4,500 كيلو متر، وأدت إلى المساهمة في تسهيل نقل الأسلحة بين الحدود، وتَعتَبر فرنسا أن إغراق المنطقة بالسلاح أدى إلى تعزيز قوة “الجماعات الإرهابية” وصعودها في منطقة الصحراء الكبرى، كما أدى إلى استخدام جماعة “بوكو حرام الأزمة الليبية في تهريب الأسلحة.[15]

ومن هذا البعد الأمني برز اهتمام فرنسا بليبيا المتاخمة لمستعمراتها القديمة، كتشاد، والجزائر، والنيجر، حيث تسعى إلى استكمال مشروعها الأمني بمكافحة الإرهاب من خلال تأمين منطقة الجنوب الليبي، وتأمين قاعدتها العسكرية “ماداما ” التي تقع داخل حدود دولة النيجر وبالتماس مع حدود ليبيا الجنوبية بهدف قطع الطريق عن أية إمدادات عسكرية قادمة من الجنوب الليبي للجماعات المسلحة في مالي والتي تخوض معها فرنسا معارك عسكرية منذ عام 2013، الأمر الذي قاد فرنسا منذ بداية الأزمة الليبية إلى البحث عن شريك لها يحافظ على مصالحها الأمنية والاقتصادية داخل ليبيا، تلاقى ذلك مع مساع نظام السيسي الذي كان يعمل على التقارب مع الدول المختلفة لكسب شرعية لنظامه من جهة، ومن جهة أخري الحصول على دعم من الدول المختلفة في تنفيذ أجندته في الداخل الليبي.[16]

مصالح اقتصادية

إلى جانب المصالح الأمنية، فإن لباريس مصالح اقتصادية لا يمكن تجاهلها، تتمثل أولا في المشاركة في عملية إعادة الإعمار، التي تقدر حسب بعض التقديرات بنحو 200 مليار دولار على مدى عشر سنوات، وتسعى فرنسا إلى أن يكون لها نصيب كبير في الاستثمارات الليبية ما بعد الحرب.

كذلك تهدف باريس إلى أن تكون أحد الموردين للسلاح الفرنسي للجيش الليبي بعد الاستقرار (كسوق لتصريف السلاح).

من جانب آخر ترى باريس أن لها نصيب من تركة الحرب الليبية بما فيها الحصة من ثروات البلاد من النفط والغاز والمعادن، كما أنها ترغب في تأمين طريق الغاز المستمر من النيجر الى الجزائر إلى أوروبا وطريق التبادل التجاري لأوروبا المار من شمال إفريقيا. ومع بداية العام ٢٠١٧، أصبح للدولة الليبية التزامات مضمونة من بعض أكبر شركات الطاقة في العالم بما في ذلك شركة “توتال” الفرنسية التي وقعت ثلاثة عقود جديدة، وضخت استثمارات بقيمة 450 مليون دولار في الحقول الليبية، والتي على إثرها ارتفعت الصادرات النفطية الليبية إلى 1.19 مليون برميل يوميا.[17]

خارطة التواجد العسكري الفرنسي:

منذ العام 2012، كثّفت فرنسا من تواجدها العسكري في منطقة الساحل الإفريقي لحماية مصالحها الحيوية والأمنية، وتشير خريطة الانتشار العسكري إلى إنشاء قواعد عسكرية عدة منها قاعدة نجامينا بتشاد، ونيامي في النيجر، وغاو في شمال مالي، وقاعدة للقوات الخاصة في بوركينا فاسو. وقد بلغ الحجم المعلن للقوات الفرنسية المنتشرة هناك أربعة آلاف جندي فرنسي، مزودين بعشرات طائرات الهليكوبتر، ومئات العربات المدرعة، وطائرات مقاتلة وأخرى بدون طيار.

وفي عام 2014 بدأت فرنسا ببناء قاعدة “ماداما” الواقعة في أقصى شمال النيجر قرب الحدود مع جنوب ليبيا، وتم تزويدها بمطار حربي لتكون نقطة انطلاق نحو الأراضي الليبية.

ومن هنا، فإن ما يهمّ فرنسا أساسا في الجنوب الليبي، هو السيطرة على منافذ التهريب والتحكم فيها، بحيث تتمكن من مواجهة شبكات تهريب السلاح والمخدرات والهجرة غير الشرعية، وتجفيف منابع تمويل الجماعات المتشددة التي تتغلغل في العمق الإفريقي من خلال الجنوب الليبي. كما أنها تسعي للاستحواذ على الاستثمارات الهائلة في مجال النفط والطاقة واستخراج المعادن والمواد الأولية، التي يحظى بها جنوب ليبيا، كأحد المصادر الهامة للاقتصاد الليبي في حال خضوعه للهيمنة الفرنسية، بحجة الحرب على الإرهاب ومكافحة الهجرة والتهريب.[18]

السياسة الفرنسية في الملف الليبي وتقاطعها مع النظام المصري:

تسعى فرنسا للتركيز على كيفية الحفاظ على نفوذها ومصالحها بكل الأساليب؛ وهي تُسخر كل إمكاناتها السياسية والدبلوماسية والعسكرية لتأمين حصتها حيال أي توافق سياسي شامل للملف الليبي. وقد أعلنت مبكرا اعترافها بحكومة السراج واستضافته مع حفتر في الإليزيه وأظهرت دعمها للحل السياسي للأزمة، إلا أنها لم تتردد في دعم حفتر عسكريا في جهوده للسيطرة على ليبيا لأنه الأقدر من وجهة نظرها على الحفاظ على المصالح الفرنسية الأمنية والعسكرية والاقتصادية في ليبيا، ولدى فرنسا حلفاء من الدول الأوربية والعربية تسعى من خلالهم إلى كسب دعمهم لتقوية موقفها داخل الساحة الليبية والحفاظ على مصالحها سواء تم التوصل إلى حل نهائي ليبي أو  لا  فهي لن تُفرط بها لحساب خصومها خاصة في الجبهة الجديدة التي ظهر من خلالها الدور التركي مع الأخذ في الاعتبار السياق التاريخي للصراعات بين فرنسا و الدولة العثمانية حول منطقة الساحل و الصحراء و ما شكلته ليبيا من ساحة لهذا الصراع.[19]

كذلك كان لباريس جهودها في المسار السياسي فقد رعت عدة مبادرات يجعل منها فاعلاً رئيسياً وليس ثانوياً في ليبيا، وسيساعدها ذلك في استمرار تطبيق سياسية المناورات السياسية ضد المعارضين لدورها في المنطقة.

هناك تقاطع كبير بين فرنسا والنظام المصري، فكلاهما داعم لحفتر ويسعى لتمكينه من السيطرة على كامل ليبيا، كما أن كلاهما لديه مشكلة كبيرة في ازدياد النفوذ التركي في ليبيا، فضلا عن العلاقات المتنامية بين نظام السيسي وفرنسا في أعقاب الانقلاب العسكري في مصر، لذلك نجد تقارباً شديداً في مواقف البلدين حيال التطورات الأخيرة.

4-مصر وإيطاليا والملف الليبي:

ظلت ليبيا تحت الاستعمار الإيطالي لسنوات، وبعد تحرير ليبيا من الاستعمار، ظلت ليبيا محط اهتمام لإيطاليا، وظلت العلاقات قائمة بين إيطاليا وليبيا الى وقت حكم الرئيس معمر القذافي. وبعد ثورة فبراير 2011م، كانت إيطاليا حريصة على عدم فقدان امتيازاتها ونفوذها في الداخل الليبي لعدة اعتبارات:

الاعتبارات الاقتصادية:

-حتى ثورة ٢٠١١ كانت ليبيا خامس أكبر مورد في العالم لإيطاليا، في حين كانت إيطاليا أكبر المصدرين في العالم لليبيا (سوق مفتوح للمنتجات الإيطالية).

-كانت إيطاليا ثالث أكبر مستثمر أوروبي والخامس عالميا في ليبيا، حيث شملت الاستثمارات قطاعات واسعة على رأسها الطاقة، والكيماويات والميكانيكا.

وبالتالي ترى إيطاليا أن ليبيا عمق استراتيجي حيوي لها من الناحية الاقتصادية، لتصريف المنتجات الإيطالية المختلفة، مدنية او عسكرية، كما أنها من أكبر مصادر الطاقة (نفط وغاز) بالنسبة لإيطاليا، بالإضافة الى حجم الاستثمارات الضخم في البنى التحتية، وأحلام إعادة الإعمار.

الاعتبارات الأمنية:

تواجه إيطاليا ٣ تهديدات أمنية رئيسية في ليبيا (الهجرة غير الشرعية – الإرهاب – النشاط الإجرامي)، تعتبر إيطاليا أن ليبيا هي نقطة المرور الأكبر للمهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا لقرب سواحلها وتردي الأوضاع الأمنية فيها، لذلك تسعى إيطاليا الى تقديم جهود واسعة لليبيا في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية عن طريق دعم قوات حرس الحدود وحرس السواحل. التهديد الثاني هو تهديد وجود الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الدولة، وإن كان قد ضعف خطره في الفترة الأخيرة.

السياسة الإيطالية في الملف الليبي وتقاطعها مع النظام المصري:

إن مساعي إيطاليا تجاه الملف الليبي منذ اللحظة الأولى كانت تهدف بالأساس الى الحفاظ على نفوذها وامتيازاتها في الداخل، وهو ما يستدعي محاولة إيجاد حل سياسي بين الأطراف المتصارعة داخل ليبيا، وإيقاف القتال، وضرورة إيقاف الدعم العسكري وتطبيق حظر التسلح على الفرقاء الليبيين.

و تمثلت مساعي إيطاليا المعلنة في الدعوة لإيقاف القتال والعمل للوصول لحل سلمي سياسي للأزمة، وضرورة إيقاف الدعم العسكري وتطبيق حظر التسلح على الفرقاء الليبيين، لذلك لا نجد تقاربا حقيقيا وواقعيا بين سياسة النظام المصري والسياسة الإيطالية في الملف الليبي، اللهم إلا في المطالبة بعدم التدخل الأجنبي في ليبيا، ردا على الدور التركي الأخير في ليبيا، بالرغم من تدخل تلك الأطراف وآخرين في ليبيا الذي يسبق التعاون التركي مع حكومة الوفاق بمراحل.[20] إلا أن العلاقة بين إيطاليا و النظام المصري بشكل عام عقب الانقلاب تميزت بالقوة و المصالح المشتركة الكبيرة، حتى أن أزمة كبيرة مثل مقتل الباحث جوليو ريجيني على يد الأجهزة الأمنية المصرية لم تؤثر على مسار تلك العلاقات بشكل يذكر، و بالتالي لم ترصد خلافات ذات شأن بين البلدين في الملف الليبي.

في الفترة الأخيرة يلاحظ أن هناك ثمة بداية تحول في الموقف الإيطالي من النظام المصري بداعي عدم تعاون النظام المصري في ملف مقتل الباحث جوليو ريجيني والذي قُتل على يد قوات الأمن المصرية منذ سنوات، ولم يتعاون النظام المصري مع الحكومة الإيطالية في ذلك الملف إلى الآن؛ وبالرغم من أن النظام المصري يحاول أن يعقد عدة صفقات عسكرية مع الجانب الإيطالي وأخرهما صفقة الفرقاطتين التي يسعى النظام المصري للحصول عليهما من الجانب الإيطالي مقابل 1.2 مليار يورو، ولكن هناك ثمة ضغوط شعبية وبرلمانية على الحكومة الإيطالية لرفض إتمام تلك الصفقة بسبب قضية جوليو ريجيني.

والمتابع للإعلام الإيطالي والتصريحات الرسمية وشبه الرسمية هناك خلال الأسبوعين الماضيين يلمح تحولاً جذرياً في حدة الخطاب ضد النظام المصري بشكل لا يبدو مبرراً، ومن أهم ما قمنا برصده مؤخراً المقابلة الصحفية مع ماركو مينيتي المسئول المخابراتي النافذ في السياسة الإيطالية تجاه الملف الليبي والملف المصري، والذي كان يعمل سابقاً سكرتيراً لمكتب رئيس الوزراء المسؤول عن الإشراف على وكالات المخابرات في حكومة ماتيو رينزي ثم شغل منصب وزير الداخلية في حكومة باولو جنتيلوني، نشر الحديث في صحيفة la Repubblica الإيطالية، بتاريخ 15 يونيو 2020م، حيث أكد مينيتي أنه جاء الوقت للحديث الجاد حول قضية مقتل “ريجيني”، ويرى بعض المطلعين على السياسة الإيطالية أن مثل تلك التصريحات التي تخرج من مسئول بحجم “مينيتي” وثيق الصلة بالأجهزة المخابراتية الإيطالية، واحد أهم مهندسي السياسية الإيطالية  تجاه ليبيا ومصر تعكس مدى حجم التوتر في العلاقات بين إيطاليا ومصر في الفترة الحالية.[21]

ونحن نرجح عدم وجود مثل هذا التحول الإ بسبب الخلافات المتنامية بين مصر وإيطاليا فيما يتعلق بالشأن الليبي للضغوط على مصر فيما يتعلق بهذا الملف، وقد يصل الأمر الى تجميد صفقة التسليح الإيطالية، والتي قد تصل الى نحو 10 مليارات يورو رغم الفوائد الجمة للاقتصاد الإيطالي من هذه الصفقة، وقد بدأ بعض المحللين بالفعل في رصد انحياز إيطاليا الى معسكر تركيا – حكومة الوفاق فيما يتعلق بالملف الليبي، وعلى سبيل المثال فقد قامت القوات التركية بتدريبات عسكرية بحرية في البحر المتوسط مع نظيرتها الإيطالية في 16 يونيو 2020م؛ وفي ذلك الوقت المضطرب الذي يخيم على الأجواء في البحر المتوسط، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن إجراء الغواصات التركية والإيطالية تدريبات بحرية في البحر الأبيض المتوسط، يأتي في إطار تعزيز التعاون بين البلدين اللذين يمتلكان أكبر أسطولين من الغواصات البحرية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.[22] ويأتي أيضاً هذا الموقف في إطار  التنافس والاختلاف بين الموقفين الإيطالي والفرنسي تجاه ليبيا، و المستمر منذ فترة طويلة، والصراعات الخفية بينهما على النفوذ والسيطرة في هذا البلد الهام لكل منهما.

5-مصر وألمانيا والملف الليبي:

تحاول ألمانيا لعب دور مؤثر وقيادي فى الأزمة الليبية، وخروجا على مقاربة السياسة الألمانية الخارجية للصراعات الإقليمية ومشكلات الشرق الأوسط – والتي التزمت فيها بدور تقليدي – تسعى ألمانيا جاهدة للعب دور الوسيط الذي يقارب بين وجهات نظر الفرقاء في ليبيا للوصول إلى حل سياسي للأزمة.

ولكن ما هو سر الاهتمام الألماني المتنامي بالتوصل الى حل سلمى للأزمة فى ليبيا، ولماذا تخلت برلين عن أدبيات سياستها الخارجية التقليدية إزاء مشكلات الشرق الأوسط؟

من المعتاد على مدى عقود طويلة أن تؤكد ألمانيا فى بيانات وزارة الخارجية على التزامها بمواثيق الأمم المتحدة والشرعية الدولية والاستقرار والسلام إزاء مشكلات الشرق الأوسط ولكن اهتمام ألمانيا بالملف الليبي والعمل على ضرورة الوصول إلى حل سلمى للصراع الليبي، يعكس قلق ألمانيا من تدهور الأوضاع فى ليبيا. [23]

المصالح الاقتصادية

نظرة فاحصة فى العلاقات التجارية الألمانية مع الدول العربية تكشف بوضوح أسرار الاهتمام الألماني بالأزمة الليبية، وطبقا لآخر تقرير اقتصادي للغرفة الألمانية العربية للتجارة والصناعة فى  برلين  نكتشف أنه رغم الصراع المسلح فى  ليبيا  فقد احتلت  ليبيا المركز الأول عربيا فى قائمة الدول المصدرة لألمانيا، واستحوذت الصادرات الليبية لألمانيا على نصيب الأسد من حجم الصادرات العربية للسوق ألألمانية عام 2019 بما يعادل ربع الصادرات العربية للسوق ألألمانية تقريبا، فقد بلغت الصادرات الليبية لألمانيا حوالى 2 مليار و800 مليون يورو، فيما بلغ إجمالي الصادرات العربية لألمانيا حوالى 9 مليارات و600 مليون يورو مقابل 22 مليار و200 مليون يورو صادرات ألمانية للدول العربية، و غني عن البيان أن الصادرات الليبية الى ألمانيا جلها من البترول ومشتقاته .

يضاف الى هذا أن ألمانيا لديها استثمارات كبيرة فى دول الجوار الليبي خاصة فى الجزائر حيث أدت حدة الصراع فى ليبيا بشكل مباشر إلى تعليق إنتاج أكبر مصنع ألماني لتصنيع السيارات فى شمال إفريقيا والذي يقع فى الجزائر، مع ظهور مؤشرات لمعهد سوق العمل التابع للوكالة الألمانية للعمل والتوظيف تؤكد أن العام الحالي سيشهد تسريح عدد كبير نسبيا من العمال فى الشركات الألمانية العاملة فى قطاع التصدير نتيجة لتراجع الصادرات الألمانية الصناعية.

ولهذه الأسباب يبدو أن ألمانيا تلقى بكل ثقلها الدبلوماسي فى الملعب الليبي حتى لا تترك الملعب للمنافسين الآخرين مما قد يؤدى إلى خسارتها أكبر مورد بترولي لها فى الشرق الأوسط، وللحفاظ على مساحة تسويقية واسعة للمنتجات الألمانية فى الشرق الأوسط فى ظل إرهاصات بمزيد من عدم الاستقرار العالمي فى الوقت الراهن.

ملف الهجرة غير الشرعية واللاجئين:

لا شك أن سياسة ألمانيا الخارجية تبدي اهتماما كبيرا بدول جنوب المتوسط، فهي أحد روافد تغذية الهجرة غير الشرعية إلى أوربا التي تصب غالبا في ألمانيا، وعلى رأسها ليبيا بسبب انعدام الأمن والرقابة ومكافحة عمليات التهريب. برلين التي لا تزال تعاني من تداعيات الحرب في سوريا وأزمة اللاجئين الذين استقبلتهم بعشرات الآلاف على أراضيها منذ سنوات، أيقنت أن التجربة لا يجب أن تكرر في ليبيا التي تحولت إلى نقطة عبور للمهاجرين غير النظاميين نحو أوروبا، خاصة أن نوعية المهاجرين المحتملين العابرين عن طريق ليبيا، وجلهم من دول جنوب الصحراء الإفريقية، لن تكون من النوعية التي ترى ألمانيا أنها قد تسد ثغرة مطلوبة من مثل الكفاءات الفنية ورجال الأعمال التي قد تأتى من بلد مثل سوريا.

البعد الأمني:

لا تخفي الحكومة الألمانية تخوفها من تسلل الإرهابيين والمتشددين الإسلاميين الذين يشاركون في عمليات القتال في ليبيا إلى أوروبا بمساعدة عصابات تهريب البشر المستفيدة من حالة الفوضى التي تغرق فيها البلاد منذ الإطاحة بنظام القذافي.

السياسة الألمانية في الملف الليبي وتقاطعها مع النظام المصري:

الدبلوماسية الألمانية لها باع طويل في حل الصراعات بشكل سري، فقد سبق وأن دخلت في وساطات ناجحة بين حزب الله وإسرائيل، وبين إيران وإسرائيل، كذلك ساهمت في حل أزمة اللاجئين في أوربا التي كانت قد تفاقمت بشكل غير مسبوق إثر رفض دول من أوربا الشرقية استقبال المهاجرين بعد تدهور الأوضاع في سوريا، ولعبت ألمانيا دورا كبيرا في عقد مفاوضات صعبة مع تركيا واليونان للحد من تلك الهجرة، ومن ثم أوقفت مبيعات الأسلحة إلى السعودية إبان اندلاع الحرب اليمنية فجاء كل ذلك في صالح الدبلوماسية الألمانية، وعزز من دورها في فض النزاعات الدولية.

معروف أيضاً عن السياسة الخارجية الألمانية بأنها سياسة إطفاء الحرائق، وهي تهتم أكثر بالمصالح وعقد الصفقات الاقتصادية، وهي سياسة مبنية على معطيات تهم المصالح الألمانية الأوربية، وفي الحالة الليبية ستهم ليبيا أيضا، خاصة وأن تصريحات ميركل تزامنت مع تراجع في الصادرات الألمانية، وهو الأمر الذي بدأ يسبب قلقا للشركات الألمانية التي تريد فتح أسواق جديدة لها، ولن يحدث ذلك إلا بانخفاض حدة التوترات في المنطقة.

وتحاول برلين التحرك من أجل توحيد الصف الأوروبي وخلق سياسة ورؤية أوروبية موحدة للتعاطي مع الملف الليبي، بعيداً عن التحرك بشكل منفرد حتى تتجنب المزيد من الانقسام في الموقف الأوروبي.

سياسة ألمانيا تجاه الملف الليبي هي القيام بدور الوسيط المحايد من أجل تقريب وجهات النظر، والعمل على الوصول لحل سياسي للأزمة، حيث ترى أنه لا حل عسكري للأزمة الليبية. ومن الواضح أن النظام المصري لم يتبنَ فكرة الحل السياسي، فيما يبدو، إلا بعد إخفاقات حفتر  وهزائمه الأخيرة، ومع ذلك فهناك تباين واضح بين سياسات النظام المصري والدعوات الألمانية لحل الأزمة الليبية[24]، والتي تختلف عن المقاربة الفرنسية التي يعمل في إطارها النظام المصري.

6-الولايات المتحدة الأمريكية والملف الليبي:

الدور الأمريكي في الولايات المتحدة يبدو غامضاً للكثيرين، فالولايات المتحدة الأمريكية تعترف بحكومة الوفاق وتدعم الموقف التركي المواجه للنفوذ الروسي في ليبيا، ولكن في نفس الوقت يُصنف “حفتر” على أنه صنيعة أمريكية بالأساس وتقدم الولايات المتحدة الدعم لحفتر، وحفتر  بالأساس مدعوم منذ اللحظة الأولى لإطلاق ما أسماه “عملية الكرامة” في مايو 2014م، من جانب حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجيين “مصر والإمارات والسعودية”، كما أن تدخل السيسي وتهديداته في ليبيا لا يمكن أن يحدث بدون موافقة أمريكية.

الإ أنه بناء على تحليل معمق يبدو لنا أن الولايات المتحدة تتعامل مع الملف الليبي بنمطين:

1-نمط الدولة: المؤسسة الأمريكية الرسمية خاصة البنتاجون والمخابرات المركزية الأمريكية وهو الظاهر، ولذلك تعترف بحكومة الوفاق الشرعية، وتعمل على كبح جماح الروس في ليبيا، ولا تسمح بان يكون للروس مشروع ومستقبل في ليبيا، ومن خلال هذا تفهّمت وقبلت الولايات المتحدة التواجد التركي في ليبيا.

2-نمط شبكات المصالح مع تحجيم التيار الإسلامي: حيث تقوم من خلال دوائر معينه داخل الإدارة الأمريكية على رأسها مؤسسة الرئاسة تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، بالتعامل مع الملف الليبي على أساس سياسة “الحرب المشتعلة”، حيث تقضي هذه السياسة الحرص على بقاء ليبيا أرضاً مشتعلة دائما لا تُحسم لأي جهة، بغرض استنزافها اقتصاديا من جهة عن طريق عقد صفقات لحفتر وداعميه، و على سبيل المثال الصفقات التي عقدتها شركة ليندن للاستشارات الأمريكية(Linden Government Solutions) للقيام بأعمال الضغط السياسي داخل المؤسسات الأمريكية مع خليفة حفتر في منتصف مايو 2019م، و لم تقوم الشركة بتجديدها مؤخرا،[25] ومن جهة أخرى استنزاف الجانب الروسي أيضاً في حرب لا نهاية لها، مع محاولة الدفع لإفساد التقارب الروسي – التركي، والذي لا تريده أمريكا.  وعلى جانب أخر تدرك الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب أن الدعم الإماراتي المصري السعودي لحفتر يتم الترويج له على انه يأتي لكبح جماح التيار الإسلامي في ليبيا وهذا لا اعتراض عليه من قبل الإدارة الأمريكية الحالية.

وعلى هذا الأساس تأتى السياسة الأمريكية كمحصلة لهذين الموقفين، إبقاء الصراع مشتعلاً ولكن ليس الي الحد الذي يمكن روسيا من تولي مقعد القيادة، ومن هنا يمكن فهم احتمال إعطاء الأمريكان ضوءاً أخضر للسيسي لتدخل عسكري محدود على النحو الذي سنوضحه لاحقاً.

سادساً: مستقبل الدور المصري بقيادة السيسي تجاه ليبيا:

بناء على ما سبق، وعلى متابعة دقيقة للمشهد الليبي، لاستشراف مستقبل الدور المصري في ليبيا، فهناك عدة سيناريوهات محتمله فيما يتعلق بمستقبل دور نظام السيسي في ليبيا:

السيناريو الأول: عدم التدخل العسكري:

هناك وجهات نظر ثلاث تري كل منها أن السيسي لن يقوم بالتدخل العسكري المباشر في الداخل الليبي، مهما كانت الأسباب والدوافع، وهي على النحو التالي:

1-وجهة النظر الأولى: أن السيسي حريص على عدم التدخل العسكري المعلن في ليبيا في الوقت الراهن، خصوصاً وان قوات حكومة الوفاق الآن متمركزة على تخوم الحدود الإدارية لمدينة سرت، و أن تصريحات السيسي “الخط الأحمر” للنظام المصري هو أن تظل سرت والجفرة تحت سيطرة قوات حفتر، كما هو الوضع الحالي، وفى ظل هذا الوضع ستكون قوات السيسي في حالة تأهب قصوي على الحدود الغربية المصرية كما هو الحال الآن لكنها لن تتدخل، وسيعمل السيسي بناء على هذا الوضع على الوصول إلى حل سياسي مع الأطراف الأخرى الداعمة لحفتر كروسيا والإمارات والضغط على الجانب الداعم لحكومة الوفاق بعدم تجاوز  سرت والجفرة، وبالتالي ينتفي سبب التدخل المصري في الوقت الراهن، وفى نفس الوقت سيعمل  نظام السيسي على دعم حفتر بالسلاح والتدريب لتقوية عناصره مره أخرى، وسيقوم في نفس الوقت بتدريب القبائل المتواجدة على الحدود المصرية الليبية، والتي يرى البعض أنها لا تصنع فارقاً عسكرياً حقيقياً في المعارك على الأرض.

2-وجهة النظر الثانية تشير الى أن السيسي في حديثة عن الخط الأحمر “سرت والجفرة” لم يقصد سرت والجفرة بعينهما، ولكن يقصد ما بعد سرت والجفرة، والوصول الي المنطقة الشرقية، وهذا يعني نقل المعارك من المنطقة الغربية الليبية الى المنطقة الشرقية بشكل فعلي، وهذا ما لا يرغب فيه السيسي لأن المنطقة الشرقية تمثل له بعد هام لأمن نظامه وحكمه. كما أن السيسي يعلم، في ضوء الوضع الحالي، أن الإدارة الأمريكية لا ترحب بالدور الروسي في ليبيا ولذلك تفهمت التدخل التركي في ليبيا والذي سيعمل على كبح جماح الأطماع الروسية في ليبيا، وأن سرت والجفرة حالياً مناطق نفوذ روسية، وبناء على هذا من الممكن أن تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على حسم تلك المدينتين لصالح حكومة الوفاق في الفترة المقبلة، حتى تقطع الطريق على تحقيق سيطرة روسية في المنطقة. وبعد الاجتماع الذي جمع بين السراج ورئيس قوات الأفريكوم والسفير الأمريكي في ليبيا، تحدث البعض على ان هناك تفاهمات حدثت بين حكومة الوفاق والجانب الأمريكي على حسم سرت والجفرة خلال الفترات القادمة، ولذلك أطلق السيسي تصريحاته بينما هو يقصد أن الخط الأحمر هو تجاوز سرت والجفرة، أي ما بعدهما والنقطة التي يقصدها السيسي هي “إجدابيا وجلو” التي تمثل أول نقطة في المنطقة الشرقية المتماسة بحدود المنطقة الغربية الليبية. (يراجع الخريطة أدناه).

الدور المصري في ليبيا المحددات والمسارات-1

3-أما وجهة النظر الثالثة فمؤداها استحالة التدخل العسكري المصري المعلن في ليبيا تحت أي ظرف من الظروف، حيث  أن السيسي يواجه أزمات داخليه عديدة، وأن خصومه يتربصون به وينتظرون عملية إخفاق كبرى لنظامه تتسبب في زيادة السخط عليه داخل المؤسسة العسكرية وقد يكون هذا سبباً في انقسامها، بالإضافة إلى السخط والضجر الشعبي العام؛ ودخوله في الداخل الليبي في حرب “غير مدروسة” أمام قوات حكومة الوفاق المدعومة من الجيش التركي ذو المرتبة الثانية في حلف الناتو، قد يترتب عليه وقوع خسائر كبيرة في صفوف قوات الجيش المصري، ومثل تلك الأمور قد تستغلها الأطراف التي تعارضه للتخلص منه، لذلك فمن مصلحة السيسي ألا يقوم بعمل عسكري في الداخل الليبي، حتى لا يكرر مثلاً تجربة الرئيس الأرجنتيني فيديلا والذي دخل في حرب غير مدروسة أمام الجيش البريطاني عام 1982م باحتلال جزر فوكلاند، وخسر فيها خسارة مهينه وتسبب هذا في أن الجيش الأرجنتيني أطاح به على إثر تلك الهزيمة. كما يعضد وجهة النظر تلك عدم التدخل الكبير للسيسي في اليمن رغم الطلبات الواضحة من السعودية والإمارات منه أن يفعل، وذلك لنفس الحسابات.

 ووجهة النظر تلك ترى أن تصريحات السيسي التي أطلقها من على الحدود المصرية الليبية تأتي من باب التهديد فقط، ولفرض نفسه على الساحة كلاعب رئيس وحتى لا يتم تجاوز الدور المصري في أي حال من الأحوال في المبادرات والمناقشات التي تبحث عن حلول للمف الليبي، الذي يمثل بعداً للأمن القومي المصري وكذلك بعداً لأمن نظامه بشكل خاص؛ وقد تكون الدول الداعمة لحكومة الوفاق متفهمه لهذا، وربما ما صرح به المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية منذ أيام بأن تركيا تتفهم التخوفات المصرية على أمنها القومي، يشير الى هذا.[26] وقد يكون سحب الطائرات المقاتلة التي شاركت في العرض العسكري بقاعدة سيدي براني القريبة من الحدود مع ليبيا منذ أيام أثناء وجود السيسي في المنطقة الغربية، التي أظهرتها صور الأقمار الصناعية يوم الثلاثاء 23 يونيو 2020م، مؤشراً على غياب استعدادات واقعية وحقيقية للقيام بتدخل عسكري وشيك.[27]

ويري البعض أن السيسي يعاني معاناة حقيقة في مكافحة التمرد المسلح في سيناء، والأداء العسكري المصري في مواجهة المسلحين في سيناء متواضع جداً، وخلال السنوات الماضية لم يستطيع الجيش المصري تحقيق نصر مقنع، وإذا تدخل الجيش المصري تدخلاً عسكريا في الداخل الليبي سيعاني بشكل أكبر، ومن اجل ذلك سيكون السيسي حريصا على عدم التدخل العسكري في ليبيا لتجنب الخسائر في صفوف قواته.[28]

السيناريو الثاني: تدخل محدود ومعلن لكن بغرض التهديد والاصطفاف الداخلي:

يري الدكتور يزيد صائغ، مدير ملف العلاقات المدنية العسكرية بمعهد كارنيجي الشرق الأوسط، أن مصر لن تخوض حربًا كبيرة في ليبيا، إلا إذا رأت نفسها مضطرة للدخول في المعترك الليبي عقب تهديد مباشر، كما يرى “الصائغ” أن احتمال تدخل مصر بشكل مباشر في تزايد، على الرغم من أنه يعتقد أن إدارة السيسي تفضل بشدة عدم القيام بذلك، ولن تفعل ذلك إلا كملاذ أخير.

ويرى أن مصر إذا تدخلت، فلن يكون هذا تدخلاً كاملاً حتى تكون فعالة في ثني القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني ومقرها طرابلس ومسانديها الأتراك من التقدم إلى خط سرت – الجفرة أو تجاوزه، ولا يحتاج الجيش المصري إلى التقدم إلى هذا الخط بنفسه أو مواجهة القوات المدعومة من تركيا مباشرة.

وتحدث على أنه يتوقع طبقاً لهذا السيناريو أن تكون الخطوة الأولى لمصر هي عبور قوات الجيش المصري الحدود بقوة، وبعبارة أخرى من خلال انتشار كبير، ثم التوقف مؤقتًا. وبهذه الطريقة سوف يشير إلى جديته ويقنع الجانب الآخر بوقف تقدمه لتجنب الصدام. ولكن في الحالة الأسوأ، فإن مصر لديها القدرة على نقل عدد كبير من القوات إلى ليبيا نظراً لموقعها الجغرافي، وفي هذا الصدد، فقدراتها قد تفوق قدرات التواجد العسكري التركي بحجمه الحالي في ليبيا. ولكن حتى ذلك الوقت، من المرجح أن تبقى القوات المصرية في المنطقة الحدودية الشرقية لليبيا.[29]

ويري أخرون أن السيسي قد يأخذ ذلك التحرك الشكلي بتحريك قوات في الداخل الليبي إذا تجاوزت حكومة الوفاق خط سرت – الجفرة من باب التهديد حتى تقف قوات حكومة الوفاق عند ذلك الحد، هذه هي النقطة التي يريد نظام السيسي أن تقف عندها قوات الوفاق، حتى يتحول الملف إلى طريق المفاوضات من أجل الوصول إلى حل سياسي.

وفى ذلك الإطار يرى الخبير العسكري اللواء هشام الحلبي كما نقلت عنه تقارير إعلامية، أن قوات الوفاق لو تجاوزت خط سرت- الجفرة ذو الثروات النفطية الهائلة، ستدفع الجيش المصري أن يواجه بنفسه بقواته التقليدية بجميع أفرعها “البرية، الجوية، البحرية” ذلك التقدم، ويري أن الجغرافية العسكرية في صالح الجيش المصري الذي سيعمل في مسرح عمليات يعرفه جيدا، والجغرافيا العسكرية ستكون ضد الجيش التركي لأنه مسرح عمليات لا يعرف عنه شيئاً، ولكنه في نفس الوقت يرى أن تركيا لا تريد محاربة مصر، وأن مصر أيضاً لا تريد أن تدخل حرباً نظراً لظرفها الاقتصادي الحالي وموقف الدولة المتأثر بفيروس جائحة “كورونا”.[30]

وطبقاً لوجهتي نظر د. صائغ أو اللواء الحلبي، فإن تدخل السيسي بقوات كبيرة سيكون في واقع الأمر ذو نوايا قتالية محدودة، وتدعم جميعها السيناريو الأول في نهاية المطاف.

وعلى الجانب الأخر، فإن ذلك التحرك قد يفيد السيسي من جانبين، جانب التهديد لحكومة الوفاق والإدارة التركية بالتدخل الفعلي لو تقدما ما وراء سرت والجفرة، كما ذكرنا، وجانب الجبهة الداخلية حتى تصطف معه جميع مؤسسات الدولة، وأكثرية الشعب بدعوى أن الدولة في حالة حرب، وفى حالة الحروب يجب أن تصطف الجبهة الداخلية بما فيها الشعب وجميع مؤسسات الدولة خلف القيادة السياسية للدولة، وفى تلك الأوقات تُجنَّب الخلافات، ويتم الحشد المعنوي والتعبئة العامة لترسيخ ذلك.

السيناريو الثالث: التدخل العسكري المعلن:

استمرار التدخل المصري الفعال بصور مختلفة سياسيا وعسكريا في الملف الليبي هو الأمر المتوقع بطبيعة الحال، حيث إن جميع المحددات الحاكمة لهذا الدور تبدو مستمرة في المدى المنظور. وسيستمر النظام المصري في توظيف قدراته العسكرية “تسليح، تدريب، مشاركة بقوات، طيران حربي” لإمداد خليفة حفتر بكافة أشكال الدعم العسكري لكي يتجنب المزيد من الخسائر خلال المرحلة المقبلة، كي لا يكون في موقف أكثر سوءًا ويصبح مشروعه مهدداً بشكل أكبر.

السيسي ليس لديه بديل حاليا غير الاستمرار في دعم مشروع حفتر داخل ليبيا، ولن يتخلى عنه مهما كانت الأسباب، حتى لو تخلت عنه الدول الداعمة الأخرى الإقليمية والدولية، مثل روسيا والإمارات والسعودية، فمعركة تمكين حفتر يعتبرها السيسي في الوقت الراهن “معركة صفرية” بالنسبة له. مصر لا تضمن كفاءة أي شخصية عسكرية ليبية للقيام بالدور الذي يقوم به حفتر (في مقابل الموقف الروسي مثلاً الذي قد يفضل الاعتماد على بعض من رموز نظام القذافي السابق)، وترى مصر أن اختفاء حفتر عن المشهد سيترتب عليه حدوث نزاعات وانشقاقات في معسكره لا يترتب عليها وجود “قائد قوي” واحد، لذلك ستعمل على دعم حفتر خلال الفترة المقبلة بكافة أشكال الدعم، وقد ظهر هذا بالفعل خلال الأشهر الماضية، ومن المنتظر أن يستمر في المستقبل المنظور بشكل أكثر شراسة.

إذا تراجع حفتر وأصبح في موقف عسكري وسياسي أسوأ مما هو عليه الآن، وانحصرت سيطرته فقط على النطاق الشرقي في ليبيا، وتأزمت كل الطرق للحل السياسي بين الأطراف الليبية، فإن السيسي يمكن أن يصل إلى دعم مشروع تقسيم ليبيا إذا فقد الأمل في بقاء ليبيا موحدة تحت قيادة حفتر، حتى يظل مشروع حفتر هو الذي يسيطر على الجزء الشرقي الليبي المتاخم للحدود المصرية، حفاظاً على أمن نظام السيسي ومصالحه.

وإذا نجحت حكومة الوفاق في نقل المعارك إلى المنطقة الشرقية لفرض سيطرتها على كافة الأراضي الليبية، وتجاوزت خط سرت -الجفرة الذي يراه النظام المصري “خطا احمر”، وتصريحات وبيانات حكومة الوفاق تشير إلى ذلك حول بسط نفوذ الحكومة على كافة التراب الليبي، حيث لم يكفِ الدعم المقدم إلى قوات حفتر بالتسليح المتطور أو الدعم باستخدام المرتزقة، فليس من المستبعد أن يتدخل نظام السيسي بشكل مباشر ومُعلن بقوات كبيرة في تلك المعارك، وسُيبرر ذلك التدخل بأنه يأتي حفاظاً على الأمن القومي المصري ومواجهة التيارات المتشددة التي تحاول السيطرة على الأراضي الليبية الحدودية مع الأراضي المصرية، وكذلك مواجهة الدور التركي الذي يدعي نظام السيسي أنه يعمل على زعزعة استقرار الدولة المصرية، والتصريحات المتكررة التي أطلقها رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح الأيام الماضية والتي يؤكد فيها أن ليبيا ستحتاج إلى دعم الجيش المصري في حربها ضد الإرهاب والمرتزقة الفترة المقبلة قد يؤشر الى مثل هذا التدخل المحتمل .[31]

ومما قد يشير الى ان الأوضاع العسكرية قد تتطور خلال الأيام المقبلة، ما صرح به الناطق باسم قوات حكومة الوفاق العقيد طيار محمد قنونو حيث كشف عن التجهيزات العسكرية التي توفرها روسيا، وأعلن قنونو يوم الجمعة الموافق 26 يونيو 2020م، عن وصول أنظمة روسية جديدة مضادة للطائرات إلى ميليشيات خليفة حفتر في مدينة سرت، وأكد أن “6 عربات (بانتسير) مضادة للطائرات وصلت إلى سرت، قادمة من روسيا”، مشيرا إلى أن “أكثر من 11 رحلة لطائرات شحن روسية هبطت بمطار القرضابية جنوب مدينة سرت”، وأشار قنونو إلى أن الطائرات الروسية كان على متنها مرتزقة سوريون وأسلحة وذخائر. كما أفادت بعض المصادر أن قوات حفتر تحشد مرتزقة من السودان وتشاد في جنوب إجدابيا تمهيدا لإرسالهم إلى سرت، وأشارت مصادر أخرى يوم 28 يونيو أن قوات مرتزقة فاجنر ومرتزقة سوريين تنصب منصات صواريخ سكود في منطقة جارف في سرت، وتوقعت تلك المصادر أن تستهدف هذه الصواريخ مدينة مصراته إلى الغرب. و في سياق أخر لما قد يشير أن الأيام المقبلة ستشهد تطورات عسكرية على الأرض،  تأكيد العميد إبراهيم بيت المال قائد غرفة عمليات تحرير “سرت- الجفرة” بأن قوات حكومة الوفاق استكملت كل التجهيزات لبدء عملية تحرير مدينة سرت ، وتنتظر  فقط قرار إشارة  البدء من قبل حكومة الوفاق.[32]

 بجانب الدعم الروسي الذي وصل الي مدينة سرت، كشفت تقارير عن أن روسيا قامت بأرسال قوات ودعم عسكري الى الجنوب الليبي وكشفت التقارير أن مرتزقة من الروس وصلوا إلى منطقة “أوباري” جنوب ليبيا للسيطرة على حقل الشرارة النفطي المتواجد هناك، وهذا ما رفضته الولايات المتحدة مباشرة، وأعربت واشنطن يوم الجمعة 26 يونيو عن قلقها من تدخل “مجموعة فاغنر” الروسية، والمرتزقة الأجانب، ضد مرافق المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا. جاء ذلك في بيان للسفارة الأمريكية لدى طرابلس، وقالت السفارة في بيانها: “نشاطر المؤسسة الوطنية للنفط قلقها العميق بشأن التدخل المخجل من مجموعة فاغنر والمرتزقة الأجانب الآخرين، ضدّ مرافق المؤسسة وموظفيها في حقل الشرارة (جنوب)، والذي يشكل اعتداء مباشرا على سيادة ليبيا وازدهارها”.[33]

النظرة العسكرية المتأنية للحشد العسكري الروسي المكثف في المناطق تلك، قد يؤشر إلى ما هو أخطر من ذلك، وأن نفط الشرارة ليس هو المستهدف في حد ذاته، حيث أن اكتمال قوس يشمل قوات كبيرة داعمة لحفتر من شتى المشارب، مرورا بسرت – الجفرة – أوباري قد يعني حشدا يشكل حصارا يحتوي المنطقة الغربية التي حررتها قوات الوفاق مؤخرا، وذلك للإعداد لهجوم جديد كبير يطبق على هذه المنطقة.

الرئيس ماكرون (29 يونيو 2020) أعلن أن بلاده لا تدعم زعيم الميليشيا في ليبيا خليفة حفتر، قائلاً: “أريد أن أوضح فكرة خاطئة، فرنسا لا تدعم حفتر لكنها تسعى بالأحرى إلى حل سلمي دائم”، وبخصوص التشكيلات الروسية الأجنبية قال ماكرون إنه يدين دور المرتزقة الروس في ليبيا، وذلك بعد أيام من انكشاف أمر دخولهم مع آخرين حقل الشرارة النفطي. واعتبر ماكرون أن روسيا تلعب على “التناقض” الناشئ من وجود ميليشيا روسية خاصة في ليبيا مسماة “فاغنر”، وليس جنوداً من الجيش الروسي.[34] تصريحات الرئيس ماكرون تلك فسرها البعض على أن فرنسا ستعمل خلال المراحل المقبلة على عدم السير في نفس اتجاه المشروع الروسي في الداخل الليبي، الذي يقدم كل أنواع الدعم لخليفة حفتر، والتي كانت تعمل بجانبه خلال السنوات الماضية، وستسلك طريق أخر لتحقيق أهدافها في الداخل الليبي، وذلك بعد التطورات التي شهدتها ليبيا خلال الشهور الماضية وخسائر حفتر المتتالية، وعدم ترحيب الولايات المتحدة الأمريكية بالدور والنفوذ الروسي في ليبيا في المرحلة الراهنة. 

الدور المصري في ليبيا المحددات والمسارات-2

وبالتالي، وكما ذكرنا سابقا، فإن التدخل العسكري من قبل نظام السيسي، في حالة تحول المعارك إلى مناطق الشرق الليبي بما يتجاوز خط سرت – الجفرة وصولا إلى مدينة إجدابيا سيكون احتمالا مرتفعاً. إلا أن التحليلات السابق استعراضها تجعل هناك سيناريوهين آخرين يبرران التدخل العسكري المصري:

1-خطة الهروب الي الأمام:

الوضع المحلي المصري يشهد حالياً العديد من الصعوبات الاقتصادية[35] والأمنية[36]، ومن المرجح أنها ستزداد سوءًا نتيجة الأثار الصحية والاقتصادية التي ستترتب على سوء التعامل مع أزمة جائحة “كورونا”، فضلاً عن ملف سد النهضة، كما أوضحنا في بداية هذه الدراسة، مما قد يترتب عليه اشتعال احتجاجات واسعة النطاق.

وفي ضوء ذلك، ومع تدهور الأوضاع في ليبيا وتأزم مشروع حفتر بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة، والذي سيعتبره النظام تهديدا مباشرا على أمنه واستقراره، فقد يعمل نظام السيسي على التدخل العسكري بشكل أكبر في الملف الليبي، لأمرين:

  • الدفاع عن أمن النظام، فبسقوط حفتر سيعتبر النظام أن أمنه واستقراره في حالة تهديد حقيقي، وسيسخر كل قدراته في مواجهة ذلك التهديد.
  • خطة للهروب من الوضع الداخلي المتأزم، وإشغال الرأي العام المصري بقضية أخري، وهي الدفاع عن الأمن القومي المصري الذي يتعرض للخطر بناء على سيطرة المسلحين على الشرق الليبي كما سيزعم النظام، وهذه هي استراتيجية نظام السيسي، “الأمن أولاً”، ويستغل الأحداث الجارية كفزاعة لتخويف وإشغال الراي العام المصري بقضايا أخرى، كما يتعامل النظام مع الأحداث الجارية في سيناء لإثبات أن الدولة تحارب “إرهاب عنيف” مدعوم إقليمياً ودولياً، وأن الدولة تعمل ليلاً ونهار لمكافحة هذا “الإرهاب” وبالتالي فأي حالة إخفاق في الملفات الأخرى (الاقتصادية على سبيل المثال) فإنها تهون، ويجب على الشعب تحملها وفقا لاستراتيجية “الأمن أولاً”، خاصة و أن النظام فقد القدرة الحقيقية على التعامل المؤثر في ملف آخر يهدد الأمن القومي المصري، وهو ملف سد النهضة.

2-التدخل نتيجة ضغط إماراتي أو روسي:

النظام المصري يواجه أزمات عديدة خلال تلك الفترة، والمرجح أنها ستزداد خلال المرحلة المقبلة نتيجة تداعيات أزمة جائحة كورونا على الأوضاع الاقتصادية في مصر، وسيحتاج نظام السيسي مزيداً من الدعم من حلفائه وداعميه وعلى رأسهم دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تدعم حفتر بكافة أشكال الدعم. وجدير بالذكر أن المعارك التي خاضتها مليشيات حفتر “لتحرير طرابلس” كانت بدعم وتمويل إماراتي مع عدم تشجيع مصري كبير؛ ففي بداية الهجوم على العاصمة طرابلس، كان النظام المصري غير مرحِب بخوض تلك المعارك، وكان يرى أن السيطرة على المنطقة الشرقية في الفترة الحالية كافية ولا يجب التصعيد ومهاجمة العاصمة، ولكن تحت الضغط الإماراتي الداعم الرئيس لنظام السيسي تراجع السيسي عن موقفه.

وفي ضوء التصعيد الحالي والتهديد الوجودي لمشروع حفتر في الداخل الليبي، والتي أنفقت عليه الإمارات المليارات من الدولارات، حتى يتمكن وتكون ليبيا وموانيها تحت السيطرة الإماراتية، ويتم القضاء على تيار الإسلام السياسي “العدو الاستراتيجي للنظام الإماراتي في المنطقة” في الداخل الليبي، قد تعمل الإمارات على التصعيد العسكري والدفع للتدخل بقوات لصد هجوم قوات الوفاق إن لن تكفي ميلشيات المرتزقة الروسية وغيرها، وتتراجع قوات الوفاق الى عمق المنطقة الغربية مرة أخري، ويصبح حفتر في موقف أقوي عند تحويل الأمر إلى طاولة المفاوضات، ولكى يظل حفتر  رقما في المعادلة لسيطرته العسكرية على الأرض، وكما كانت تردد مصر وفرنسا والإمارات دائما “حفتر يملك الشرعية العسكرية”.

 وبناء على ذلك التصعيد لن يكون أمام الإمارات سوى الجيش المصري لكي يقوم بذلك الدور لتحقيق حالة نجاح عسكري على الأرض، لأن ما اعتمدت عليهم الإمارات في الماضي “فشلوا” وتوالت خسائر مليشيات حفتر، فالقوات البرية التي كانت تتركز عليها مليشيات حفتر في المعارك العسكرية السابقة، قوات التدخل السريع السودانية “ميليشيات الجنجاويد قوات حميدتي” وقوات فاغنر “المرتزقة الروسية” وبعض المرتزقة الأفارقة والسوريين وأبناء القبائل الليبية، جميعهم فشلوا وتلقوا خسائر متتالية ولم يستطيعوا صد قوات حكومة الوفاق على الأرض.

ونتيجة الوضع الاقتصادي المتأزم لنظام السيسي، سيكون لديه حرص على ألا يخسر حليفاً مثل الحليف الإماراتي الداعم الرئيس لنظامه، ولذلك فقد يضطر النظام المصري بأن يشارك ويتدخل عسكرياً في الداخل الليبي نتيجة الضغط الإماراتي، وقد لا يستطيع السيسي أن يناور ويمتنع كما ناور سابقاً في التدخل العسكري في اليمن، والتف على الاتفاق المصري السعودي لأن الظرف الآن مختلف وجغرافية ليبيا لمصر ليست كجغرافية اليمن لمصر، والعلاقات الإماراتية بالنسبة لنظام السيسي أعمق بكثير من العلاقات السعودية المصرية.

كما أن العمل العسكري المستقبلي الداعم لحفتر قد لا يكون فقط بهدف الدفاع عن المنطقة الشرقية، ولكن قد يكون هناك إعداد لهجوم جديد على المنطقة الغربية بعد الوصول إلى مدينة أوباري وحقل الشرارة مؤخرا، وهذا سيستدعي في حال التخطيط له دعما أكيدا من الجيش المصري لن يستطيع رفض المشاركة فيه.

ومما قد يشير الى الضغط الإماراتي على النظام المصري للتدخل العسكري في ليبيا خلال الفترات المقبلة، التلميحات والتصريحات المتكررة التي يعلنها الأكاديمي المحسوب على النظام الإماراتي عبد الخالق عبد الله، والتي يشير فيها الى إمكانيات الجيش المصري، ويؤكد من خلالها أن الجيش المصري إذا تدخل في المعارك الليبية بدعم من السعودية والإمارات وروسيا وفرنسا، ستحسم الأمور لصالح خليفة حفتر وقواته.

خلاصة:

المسألة الليبية حالياً في وضع شديد التعقيد، نظراً لتنامى الأدوار الإقليمية والدولية الأخرى داخل ليبيا على النحو الموضح في الدراسة، ويعتمد احتمال التدخل العسكري المصري الواسع في ليبيا على تطور الأحداث في المرحلة المقبلة بشكل كبير، فضلاً عن الضغوط والتجاذبات من الأطراف الأخرى المؤثرة في الوضع الليبي من ناحية، وعلى الموقف المصري من الناحية الأخرى.

وبدراسة السيناريوهات المختلفة التي استعرضتها الدراسة، ومحصلاتها طبقاً للتطورات المختلفة، فإننا نرى أنه إذا أسفرت توازنات القوى وتجاذبات الأطراف المختلفة عن توافق دولي حول تجاوز قوات الوفاق لخط سرت – الجفرة ثم توقفها عند هذا الحد، مع عدم العودة لهجوم من قبل قوات حفتر على المنطقة الغربية مرة أخرى، مع الدفع بحل سياسي وعملية سياسية على أسس جديدة تعتمد على توازنات الموقف على الأرض، فستبقى احتمالية التدخل العسكري المصري الواسع في ليبيا محدودة، سواءً بمجرد التهديدات أو بالدفع بقوات استعراضية من قبيل الضغط وإثبات الحضور واستيفاء متطلبات الامن القومي المصري.

أما إذا فشل التوافق الروسي – التركي (المرتبط أيضاً بالملف السوري)، وفشلت الولايات المتحدة في استيعاب الموقف وإبقاء التوازن الذي تريده، وضغطت الإمارات مصممة على انتصار حاسم لحفتر، فستسمر العمليات العسكرية، وستحاول قوات الوفاق المدعومة تركياً إنهاء هيمنة حفتر على منطقة الهلال النفطي أولاً وكامل الشرق الليبي ثانياً، أو ستحاول قوات حفتر البدأ في عملية جديدة جهة الغرب، وفى كلتا الحالتين فإن التدخل الواسع للجيش المصري سيكون أكثر احتمالاً في إطار وضع متفجر خارج نطاق السيطرة.

ونحن نرى أن احتمالات عدم الوصول الى توافق دولي هي الاحتمالات المرجوحة في الوقت الراهن حيث ستعمل كافة الأطراف على تجنب الانفجار الذي يمكن أن يترتب على هكذا سيناريو، خاصة لعدم رغبة روسيا و تركيا في الوقوع في مواجهة عسكرية، و في هذه الحالة تبقى التحركات العسكرية المرصودة مؤخرا في إطار الضغط لتشكيل أفضل موقف تفاوضي عند بحث الحل السياسي، الإ أن احتمال فشل هذا التوافق سيظل قائماً، و قد تؤدي سياسات حافة الهاوية إلى انفجار الموقف في أي لحظة، مما يترتب عليه جر الجيش المصري الي مستنقع صراع لا يمكن على الإطلاق التنبؤ بعواقبه، ليس فقط على مستوي ليبيا ولكن على الداخل المصري بشكل كبير.

المراجع:

1-السيسي يتفقد عناصر المنطقة الغربية العسكرية بحضور القائد العام ورئيس الأركان وقادة الأفرع، اليوم السابع، تاريخ النشر 20 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

2- الأمن القومي المصري: الصراع في ليبيا وشرق البحر المتوسط، مركز الجزيرة للدراسات، علي حسن باكير، تاريخ النشر 06 فبراير 2020م، تاريخ الدخول 28 يونيو 2020م، الرابط

3- لماذا يكلف السيسي صهره رئيس الأركان بإدارة الملف الليبي؟، عربي21، تامر علي، تاريخ النشر 07 يناير 2017م، تاريخ الدخول 28 يونيو 2020م، الرابط

4- “السراج” يلتقي غدا مسئولي مصر المعنيين بالشأن الليبي، اليوم السابع، تاريخ النشر 10 يناير 2017م، تاريخ الدخول 28 يونيو 2020م، الرابط

5- المستشار صالح يلتقى الفريق حجازي في القاهرة و يؤكد: سنعقد جلسة لمناقشة توصيات ” لقاء القاهرة 1 “، المرصد ، تاريخ النشر 28 ديسمبر 2016م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م،الرابط

6- الفريق محمود حجازي يلتقى عضو المجلس الأعلى الليبي والوفد المرافق له، وزارة الدفاع المصرية، تاريخ النشر 2 يوليو 2017م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

7- بيان اللجنة المصرية بشان ليبيا، التي يراسها الفريق  محمود حجازي، بشان الجهود الرامية الى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، الهيئة العامة للاستعلامات، تاريخ النشر 19 سبتمبر 2017من تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

8- اختتام اجتماعات القاهرة باتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، الشرق الأوسط، تاريخ النشر 04 نوفمبر 2017م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2017م، الرابط

9- تقرير أممي: مصر والإمارات هربتا أسلحة إلى ليبيا، الجزيرة نت، تاريخ النشر 06 مارس 2015م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

10- السيسي ودعم حفتر الدوافع والوسائل، المعهد المصري للدراسات، محمود جمال، تاريخ النشر 24 يناير 2020م، تاريخ الدخول 02 يوليو 2020م، الرابط

11- مصر: أنباء عن مصرع 4 طيارين في سقوط مروحية قرب الحدود مع ليبيا، الجزيرة مباشر، تاريخ النشر 27 أبريل 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

12- رئيس البرلمان الليبي: سيف الإسلام القذافي في الزنتان.. نثمن دور مصر في إعادة إعمار ليبيا.. عقيلة صالح لـ “اليوم السابع”: الدستور أولا ومصرون على إجراء الانتخابات خلال العام الجاري.. والسراج مفروض بـ”حكومة وصاية”، اليوم السابع، تاريخ الدخول 12 فبراير 2018م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م ، الرابط

13- وزارة الدفاع الفرنسية: الطائرات التي رصدت فوق مدينة سرت الليبية ليست تابعة لنا، المنتدى العربي للدفاع، تاريخ النشر 10 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م،الرابط

14- مصر: الأبعاد الخفية لصفقات السلاح الروسية، المعهد المصري للدراسات، محمود جمال، تاريخ النشر 01 يوليو 2016م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م،  الرابط

15- فرنسا في ليبيا الدور التاريخي المتجدّد ومستقبل النفوذ، مركز برق للدراسات، يمان دابقي، تاريخ النشر مارس 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

16- لماذا تهتم فرنسا وإيطاليا بليبيا؟ خفايا الصراع على طرابلس، وحفتر المستفيد الأكبر، عربي بوست، تاريخ النشر 27 ابريل 2019م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

17- سياسية واقتصادية وعسكرية.. ما هي مصالح فرنسا في ليبيا؟، ساسة بوست، فريق العمل، تاريخ النشر 21 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

18-ماذا تريد فرنسا من ليبيا؟ السياقات الجيوسياسية لدعم حفتر، الاستقلال، قسم البحوث، تاريخ النشر أبريل 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

19- الصراع التركي الفرنسي في الصحراء الكبرى، الدكتور عبد الرحمن تشايجي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة اتاتورك، مراجعة محمد الأسطي، ترجمة الدكتور علي اعزازي، رابط نسخة bdf

 20- أضواء على مصالح إيطاليا في ليبيا، المنظمة الليبية لسياسات والاستراتيجيات، ترجمة حوار مع الباحث الإيطالي بمركز الدراسات الاستراتيجية ماركو لاكوفينو، تاريخ النشر 26 يوليو 2017م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

21 Minniti” L EGgitoo deve farci processarechi uccise Regeni” pagina 8 lunedi 15 giugno 2020

22- البحرية التركية تجري مناورات تدريبية مع نظيرتها الإيطالية في البحر المتوسط، تركيا بالعربي، إبراهيم هايل، تاريخ النشر 15 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

23- لماذا تريد ألمانيا إنهاء الحرب الليبية؟،إيلاف، صلاح سليمان، تاريخ النشر 07 نوفمبر 2019م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

24-برلين تسعى لإحلال السلام فى ليبيا.. ما هو سر الاهتمام الألماني بالملف الليبي؟، بوابة الأهرام، عبد الناصر عارف، تاريخ النشر 07 يناير 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م،  الرابط

25-  Libya’s rebel army ends its US lobbying amid battlefield defeats، link June 25, 2020  foreignlobby

26- قالن: – نتفهم المخاوف الأمنية “المشروعة” للقاهرة حيال حدودها مع ليبيا؛ غير أنها تتبع “سياسة خاطئة” بدعم حفتر، الأناضول، تاريخ النشر 21 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

27- بعد عرضها بقاعدة قرب الحدود الليبية.. الأقمار الاصطناعية ترصد سحب طائرات حربية مصرية، الجزيرة نت، تاريخ النشر 23 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

28- Egypt’s Sisi risks a quagmire in Libya — and that’s not in the US’s best interest، csis ، June 24, 2020  link

29- هل مصر متّجهة نحو الحرب؟، كارنيجي، د. يزيد الصائغ، تاريخ النشر 23 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 27 يونيو 2020م،  الرابط

30- لماذا يثق العسكريون المصريون في قدرتهم على هزيمة الأتراك بسهولة؟، فيديو، الكاتب الصحفي سيد جبيل، تاريخ النشر 22 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 27 يونيو 2020م، الرابط

31- عقيلة صالح: ليبيا ستحتاج إلى دعم الجيش المصري في حربها ضد الإرهاب، مصراوي، تاريخ النشر 25 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

32- الوفاق: أنظمة روسية بسرت.. ومرتزقة روس يدخلون حقل الشرارة، عربي21، تاريخ النشر 26 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 29 يونيو 2020م، الرابط

33- قلق أمريكي من تدخل “فاغنر” ضد مرافق مؤسسة ليبيا للنفط، عربي 21، تاريخ النشر 26 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 26 يونيو 2020م، الرابط

34- ماكرون يعلن: فرنسا لا تدعم حفتر، وروسيا تلعب على “التناقض” في ليبيا بواسطة ميليشيا فاغنر، عربي بوست، تاريخ النشر 29 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 30 يونيو 2020م، الرابط

35- الاقتصاد المصري بعد 2013: قراءة تحليلية، المعهد المصري للدراسات، د. عمرو دراج/ مصطفي النمر، تاريخ النشر 30 سبتمبر 2020م، تاريخ الدخول 28 يونيو 2020م، الرابط

36 تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، المعهد المصري للدراسات، د. أحمد ذكر الله، تاريخ النشر 13 مارس 2020م، تاريخ الدخول 28 يونيو 2020م، الرابط


الهامش

[1] السيسي يتفقد عناصر المنطقة الغربية العسكرية بحضور القائد العام ورئيس الأركان وقادة الأفرع، اليوم السابع، تاريخ النشر 20 يونيو، تاريخ الدخول 23 يونيو 2020م، الرابط

[2] الأمن القومي المصري: الصراع في ليبيا وشرق البحر المتوسط، مركز الجزيرة للدراسات، تاريخ النشر 06 فبراير 2020م، الرابط

[3] لماذا يكلف السيسي صهره رئيس الأركان بإدارة الملف الليبي؟، عربي21، الرابط

[4] “السراج” يلتقي غدا مسئولي مصر المعنيين بالشأن الليبي، اليوم السابع الرابط

[5] المستشار صالح يلتقى الفريق حجازي في القاهرة و يؤكد: سنعقد جلسة لمناقشة توصيات ” لقاء القاهرة 1 “، المرصد الرابط

[6] الفريق محمود حجازي يلتقى عضو المجلس الأعلى الليبي والوفد المرافق له، فيديو الرابط

[7] بيان اللجنة المصرية بشان ليبيا، التي يراسها الفريق / محمود حجازي، بشان الجهود الرامية الى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، الهيئة العامة للاستعلامات، الرابط

[8] اختتام اجتماعات القاهرة باتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، الشرق الأوسط، الرابط

[9] تقرير أممي: مصر والإمارات هربتا أسلحة إلى ليبيا، الجزيرة نت، تاريخ النشر 06 مارس 2015م، الرابط

[10] السيسي ودعم حفتر الدوافع والوسائل، المعهد المصري للدراسات، محمود جمال، تاريخ النشر 24 يناير 2020م، تاريخ الدخول 02 يوليو 2020م، الرابط

[11] مصر: أنباء عن مصرع 4 طيارين في سقوط مروحية قرب الحدود مع ليبيا، الرابط

[12] رئيس البرلمان الليبي: سيف الإسلام القذافي في الزنتان.. نثمن دور مصر في إعادة إعمار ليبيا.. عقيلة صالح لـ”اليوم السابع”: الدستور أولا ومصرون على إجراء الانتخابات خلال العام الجاري.. والسراج مفروض بـ”حكومة وصاية”، اليوم السابع، تاريخ النشر 12 فبراير 2018م، الرابط

[13] وزارة الدفاع الفرنسية: الطائرات التي رصدت فوق مدينة سرت الليبية ليست تابعة لنا، المنتدى العربي للدفاع، تاريخ النشر 10 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 23 يونيو 2020م، الرابط

[14] مصر: الأبعاد الخفية لصفقات السلاح الروسية، المعهد المصري للدراسات، الرابط

[15] فرنسا في ليبيا الدور التاريخي المتجدّد ومستقبل النفوذ، مركز برق للدراسات الرابط

[16] لماذا تهتم فرنسا وإيطاليا بليبيا؟ خفايا الصراع على طرابلس، وحفتر المستفيد الأكبر، عربي بوست الرابط

[17] سياسية واقتصادية وعسكرية.. ما هي مصالح فرنسا في ليبيا؟، ساسة بوست الرابط

[18] ماذا تريد فرنسا من ليبيا؟ السياقات الجيوسياسية لدعم حفتر، الاستقلال الرابط

[19]كتاب الصراع التركي الفرنسي في الصحراء الكبرى، عبد الرحمن تشايجي

[20] أضواء على مصالح إيطاليا في ليبيا، المنظمة الليبية لسياسات والاستراتيجيات الرابط

[21] Minniti” L EGgitoo deve farci processarechi uccise Regeni” pagina 8 lunedi 15 giugno 2020

[22] البحرية التركية تجري مناورات تدريبية مع نظيرتها الإيطالية في البحر المتوسط، تركيا بالعربي، تاريخ النشر 16 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 23 يونيو 2020م، الرابط

[23] لماذا تريد ألمانيا إنهاء الحرب الليبية؟،إيلاف الرابط

[24] برلين تسعى لإحلال السلام فى ليبيا.. ما هو سر الاهتمام الألماني بالملف الليبي؟، بوابة الأهرام، الرابط

[25] Libya’s rebel army ends its US lobbying amid battlefield defeats، link foreignlobby

[26] قالن: – نتفهم المخاوف الأمنية “المشروعة” للقاهرة حيال حدودها مع ليبيا؛ غير أنها تتبع “سياسة خاطئة” بدعم حفتر، الأناضول، تاريخ النشر 21 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 23 يونيو 2020م، الرابط

[27] بعد عرضها بقاعدة قرب الحدود الليبية.. الأقمار الاصطناعية ترصد سحب طائرات حربية مصرية، الجزيرة نت، الرابط

[28] Egypt’s Sisi risks a quagmire in Libya — and that’s not in the US’s best interest، the hill  link

[29] هل مصر متّجهة نحو الحرب؟، كارنيجي، تاريخ النشر 23 يونيو 2020م، الرابط

[30] لماذا يثق العسكريون المصريون في قدرتهم على هزيمة الأتراك بسهولة؟، فيديو الرابط

[31] عقيلة صالح: ليبيا ستحتاج إلى دعم الجيش المصري في حربها ضد الإرهاب، مصراوي، تاريخ النشر 25 يونيو 2020م، الرابط

[32] الوفاق: أنظمة روسية بسرت.. ومرتزقة روس يدخلون حقل الشرارة، عربي21، تاريخ النشر 26 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 2 يونيو 2020م، الرابط

[33] قلق أمريكي من تدخل “فاغنر” ضد مرافق مؤسسة ليبيا للنفط، عربي 21، تاريخ النشر 26 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 27 يونيو 2020م، الرابط

[34]– ماكرون يعلن: فرنسا لا تدعم حفتر، وروسيا تلعب على “التناقض” في ليبيا بواسطة ميليشيا فاغنر، عربي بوست، تاريخ النشر 29 يونيو 2020م، تاريخ الدخول 30 يونيو 2020م، الرابط

[35] الاقتصاد المصري بعد 2013: قراءة تحليلية د. عمرو دراج/ مصطفي النمر، تاريخ النشر 30 سبتمبر 2020م، تاريخ الدخول 28 يونيو 2020م، الرابط

[36] تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، المعهد المصري للدراسات، د. أحمد ذكر الله، تاريخ النشر 13 مارس 2020م، تاريخ الدخول 02 يوليو 2020م، الرابط

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الدراسة جيدة ولكنها طويلة للغاية .. وكونها مروج لها في اعلان ممول فكان الاحرى ان تكتفي بسيناريوهات التدخل والخلاصة كوسيلة مناسبة .. والخلفية التاريخية ومراحل الازمة كان يمكن وضعها في عرض اخر منفصل .. تحياتي

  2. قد يكون الكلام فيه من المنطق من ناحية ( دعم الحاكم العسكري وليس الدولة الديمقراطية ) والسيسي ليس فريدا في هذا اللون فكثير من الانظمة تحمل هذا المنحى واخرهم السيد اردوغان الذي كاد يصبح الآمر الناهي وغدا يصبح امبراطور( تركيا الصغري ) فلن تعود عثمانية كبيرة كما يحلم لانه لم يبدأ على اساس سليم لبناء هذه العثمانية الفريدة
    لكن السؤال اذا كان لمصر مطامع لماذا ظهرت الان وكانت ليبيا موجودة قبل السيسي بمئات السنين ولم يطمع بها احد من جيرانها تونس او الجزائر ومصر بل طمع بها الاجانب على مر الازمان
    مصر حق مشروع لها تحمي حدودها من اي مشروع غامض يحمل ظاهره السلام وباطنه يفككك الشعوب و يدمر الاقتصاد ويحرق الارض باسم الاسلام
    فاذا كان ذلك رؤية مصر المصلحة القومية
    ما هو مصلحة تركيا وامريكا وفرنسا وايطاليا والمانيا وهم على بعد الالاف الاميال من ليبيا لماذا هذا حقا مشروعا لهم وليس حقا مشروعا لمصر
    تركيا تم نصب الفخ لها وتم الوعد لها والهدف تشتيت ما حصده السيد اردوغان في بداياته حتى يحكم العالم بان تركيا ارهابية ويجب محاكمة السيد اردوغان
    نفس السيناريو القديم الجديد زعيم يقضي على الملكية وينشء جمهورية ويحارب العدو بالشعارات الوطنية الملتهبة والملهية
    والنتيجة خسارة حربين وانهيار اقتصاد وتدهور العملة
    استغرب من يحارب من يحميه كيف يفسر لنا ذلك مهما كان الدوافع اليس هناك حوار بين ابناء الليبين والقبائل وحكمائها لمعالجة مشاكلهم بهدؤ يضمن السلام للجميع

    المسالة ليست مصر والجيش الليبي والوفاق
    ولكن مصالح دولية واتفاقات عالمية الهدف منها شرذمة المنطقة العربية
    غدا ينقسم جيش حفتر حسبما يريدونه
    وغدا يرحل السراج بايدي من ساعدوه من المليشيات
    ويظل في البلاد جيوش ومليشيات تتناحر ولا يوجد حكومة شرعية
    هل تتحول ليبيا الى صومال لا اعتقد فليس هذا ما يتمناه الدول الكبرى صاحبة المصالح

    ولكن اصحاب المصالح يريدون معرفة حصتهم في الكعكة الليبية
    هذا هو ما يعرقل الحل
    لا سيسي ولا حفتر ولا سراج
    لكن مصر في اول والاخر لها الحق مع تونس والجزائر في حماية امنها القومي اذا ما اعتدى عليها
    وهو حق مشروع تكفله كل المواثيق
    فلنفق من الغفلة قبل ان نقع في الفخ والمستنقع
    حفظ الله ليبيا واهلها جميعا وهداهم الى العقل والحكمة وانني واثق اذا ترك الاخرين اهل ليبيا مع بعضهم البعض يتم حل كل المشكلات سريعا وترضي الاطراف
    والى السيد اردوغان ارجع قبل الوقوع في الشرك جميع العرب يوما ما اعتبروك قدوة للشخصية المسلمة القوية فعلا وتعلق الامل بك في العودة الى امجاد الاسلام الجميل الذي يكفل لجميع الاديان الحرية مع التسامح

    مسلم غيور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close