fbpx
الشرق الأوسطترجمات

ناشيونال إنترست: سيناريوهات وقف طموح طهران النووي

نشرت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، التي يصدرها مركز ناشيونال إنترست، وهو مركز أبحاث متخصص في السياسة العامة ومقره واشنطن العاصمة مقالاً بعنوان: “خمسة سيناريوهات حول إمكانية وقف طموح طهران النووي” لسعيد قاسمي نجاد، الباحث المشارك في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومركزها للعقوبات والتمويل غير المشروع، المتخصص في الاقتصاد والسياسة وتأثيرات الإرهاب والاضطرابات السياسية في إيران على الأسواق المالية.

حيث يرى الكاتب أن هناك عدة سيناريوهات محتملة لمنع الجمهورية الإسلامية من امتلاك قنبلة نووية – إما لأن النظام لن يكون موجوداً آنذاك، أو لأنه وافق بنفسه على تفكيك برنامجه النووي.

وقد جاء المقال على النحو التالي:

بدأ التهامس سراً حول إمكانية التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران حول برنامج إيران النووي، وأنه بدأ يتبلور مؤخراً ويتحول إلى شيء ملموس بشكل أكبر. وبينما لا تزال التفاصيل الدقيقة حول هذه المسألة يكتنفها الغموض، فإن المخطط العام لها يشير إلى أن طهران ستتلقى حوافز مالية وسيتم إلغاء العقوبات الأمريكية المفروضة على صادرات النفط والتي لا يتم تطبيقها بشكل صارم. وفي المقابل، ستوقِف طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 60%، وهي نسبة أقل بقليل من مستوى التخصيب الذي قد يسمح بتصنيع أسلحة نووية.

ويشكل هذا الترتيب المحتمل محاولة يائسة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لإحباط التقدم النووي للجمهورية الإسلامية، مما يثير سؤالاً حاسماً: هل يمكن منع طهران من أن تصبح قوة نووية؟

في الحقيقة، هناك خمسة سيناريوهات محتملة للحيلولة دون امتلاك الجمهورية الإسلامية قنبلة نووية – إما لأن النظام لن يكون موجوداً آنذاك، أو لأنه وافق بنفسه على تفكيك برنامجه النووي.

السيناريو الأول:

ينطوي السيناريو الأول على صدور قرار من المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بالامتناع عن تطوير قنبلة نووية لأسباب دينية أو أخلاقية. وغالباً ما تستشهد طهران بفتوى مراوِغة حول نشاطها النووي كدليل على عدم اهتمامها بالأسلحة النووية. كما أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تُشير باستمرار إلى أن طهران لم تقرر بعد تصنيع قنبلة نووية.

ومع ذلك، يبدو أن هذا السيناريو غير مرجح بشكل كبير. فمستويات تخصيب اليورانيوم في طهران ليس لها أغراض مدنية، مما يشير إلى أن إيران تسعى بالفعل للحصول على قنبلة نووية. وبالإضافة إلى ذلك، فحتى في حالة وجود فتوى حول نشاطها النووي، فإنه بالإمكان إبطال صحتها في أي لحظة. ف يكن لم لخامنئي أن يتخطى ما يقرب من عقدين من العقوبات المشدّدة على بلاده لمجرد إنتاج الكهرباء النووية. إذ إنه يعتبر المظلة النووية وثيقة تأمين حاسمة ونهائية لبقاء النظام.

السيناريو الثاني:

يقوم على محاولة إقناع خامنئي بالحوافز المالية والسياسية للتخلي عن السعي وراء الأسلحة النووية. ولطالما كان هذا النهج، ولا يزال، الاستراتيجية المفضلة لدى الغرب. حيث يشير المدافعون عن هذه الطريقة بالطبع إلى الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع إيران في عام 2015، والمعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JPCA)، باعتباره إنجازاً أساسياً لها. ومع ذلك، فإنه ينبغي أن يكون واضحاً للجميع، بمن فيهم مؤيدو هذا الاتفاق، أن الاتفاق قد فشل في خنق طموحات طهران النووية. وفي أحسن الأحوال، كان مجرد محاولة لتأجيل المشكلة. فمشكلة تكتيكات التأخير هي أنها تُفضي دائماً إلى الوصول إلى نقطة النهاية.

وعلى الرغم من تقديم حزمة جذابة من الحوافز السياسية والاقتصادية لطهران، إلا أن إدارة بايدن لم تنجح في إقناع طهران بإعادة الالتزام بالاتفاق النووي. وأدى فشل بايدن في فرض العقوبات وتوحيد الحلفاء ضد طهران إلى زيادة جرأة النظام في إيران وتقليص نفوذ واشنطن عليه. كما أظهر الاتفاق النووي كما يبدو أنه من غير المرجح أن تقنع المكافآت المالية والسياسية طهران بالتخلي عن تطلعاتها النووية وتفكيك البرنامج.

السيناريو الثالث:

ينشأ هذا السيناريو إذا كان هناك مزيج قوي من الضغط السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والسري والعسكري يمثل تهديداً لبقاء النظام الإيراني، مما يجبره على التخلي عن برنامجه النووي لمنع انهياره. وقد اعتمدت الولايات المتحدة هذه الاستراتيجية بشكل متقطع، وكانت في الأغلب بالتوازي مع تقديم الحوافز المالية والسياسية للنظام. ومع ذلك، لم تكن حملة الضغط شاملة أو مطلقة أبداً، حيث ركّزت بشكل أساسي على الضغط الاقتصادي والدبلوماسي والعمليات السرية دون استخدام كامل لجميع هذه الأدوات.

وقد أهدرت الولايات المتحدة على مدى العامين والنصف الماضيين الكثير من نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي على طهران من خلال إخفاقها في تأكيد استمرار العقوبات وعزل الحلفاء الإقليميين. وبدلاً من ذلك، تمكّنت طهران من تحسين علاقاتها مع دول الخليج العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية. ولا يزال سوء إدارة النظام الإيراني للاقتصاد ورهانه في دعم الغزو الروسي لأوكرانيا يوفر أرضية خصبة لاتباع استراتيجية ضغط ضد الجمهورية الإسلامية، لكن يمكن للنقاد أن يجادلوا بأن التقدم النووي لطهران وفقدان واشنطن لنفوذها يلقيان بظلال كثيفة من الشك على ما إذا كان يمكن ممارسة الضغط الكافي لإجبار خامنئي على التراجع عن البرنامج النووي لبلاده على المدى القصير.

السيناريو الرابع:

يتمثل في احتمالية انهيار النظام الإيراني. فقد أدت أوجه القصور الهيكلية المختلفة للنظام في إيران إلى جعله نظاماً غير مستقر. وتُعتبر تدخلات إيران الخارجية نوعاً من المخاطرة بالتعرض للحرب وحتى الغزو الأجنبي، في حين أن عدم كفاءتها واستبدادها يجعلها أيضاً عرضة للثورة؛ حيث تقع الانقلابات مع افتراض زيادة المنافسة الداخلية بين الفصائل على الموارد المحدودة. ويُقدم انهيار النظام هذا الحل للمشكلة النووية بشرط ألا يكون النظام السياسي اللاحق معادياً للولايات المتحدة الأمريكية.

وتكمن مشكلة هذا السيناريو، بصرف النظر عن افتقاره إلى التوقيت المناسب في إخراج طموحات خامنئي النووية عن مسارها، في الكُلفة الكبيرة والعواقب المحتملة لانهيار النظام في إيران. فالثورات لا يمكن أبداً التنبؤ بها ويصعب تنظيمها بعد ذلك، وعادة ما تفتقر الانقلابات إلى معدلات نجاح عالية، وليس لدى الغرب رغبة كبيرة في التحريض على تغيير النظام في إيران عبر الغزو العسكري، خاصة بعد عقدين من الانخراط في أفغانستان ودولة العراق المجاورة لها. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يؤدي انهيار النظام السياسي الإيراني إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل كبير، وقد لا تتوافق الحكومة المقبلة بالضرورة مع مصالح الولايات المتحدة أو الحلفاء. ولهذا السبب، أبدت واشنطن وحلفاؤها اهتماماً ضئيلاً بالاستفادة من نقاط ضعف طهران بالتشجيع على ذلك.

السيناريو الخامس:

يتمثل السيناريو الخامس والأخير في تصور توجيه ضربة عسكرية تستهدف برنامج طهران النووي. وإذا نجحت هذه الضربة، فقد تؤخر تطوير البرنامج لسنوات، ومع ذلك، يجادل النقاد بأن هذه الضربات لن تقضي على البرنامج بشكل كامل. ويؤكدون أنه في أعقاب ذلك، ستوقف طهران التعاون مع الغرب وتستأنف وتُسرّع جهودها نحو تطوير قنبلة نووية. وفي نفس الوقت، فسترد على الخصوم بهجمات صاروخية وعمليات إرهابية. وهذا يعني أنه بمرور الوقت فلن تكون ضربة عسكرية واحدة كافية لحل المسألة.

وانتهى كاتب المقال إلى القول: “إن أفضل استراتيجية، على المدى الطويل، هي ممارسة أقصى قدر من الضغط على النظام في إيران وفي نفس الوقت تقديم أقصى قدر من الدعم للشعب الإيراني لإسقاط النظام بنفسه. ويظل إحياء سياسة أقصى درجات الضغط بينما يتم التحضير لضربة عسكرية، كملاذ أخير، هو الخيار الواقعي الوحيد، على المدى القصير”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close